قطاع يشهد تغييرات جذرية

مؤشر الثلاثاء ٠١/مارس/٢٠١٦ ٠٠:٠٠ ص

مسقط - ش

أفاد تقرير جديد نشره معهد المحاسبين القانونيين في إنجلترا وويلز بأن التقنيات الجديدة قد تجعل من التأمين خياراً غير متاح وصعب المنال لبعض الأفراد، لذا يحتاج المجتمع إلى أن يقـرّر ما ينبغي القيام به في هذا الشأن. حيث إن القدرة على جمع واستخدام البيانات ذات الطابع الشخصي جداً، إلى جانب عدة عوامل مثل الصفات الوراثية، ومستوى النشاط البدني، أو الحاجة لقيادة السيارة في الليل، عوامل مؤثرة يعني أن منتجات التأمين قد تصبح باهظة إلى حد لا يمكن تحمّله أو ربما ترفض شركات التأمين أصلاً أن تتكـفّل بتغطية بعض المخاطر. واستناداً إلى تجارب طيف من شركات التدقيق في التعامل مع العملاء ضمن قطاع التأمين ويشير تقرير رؤى التدقيق للتأمين إلى أن شركات التأمين لم يعد بإمكانها أن تفترض أن لديها أفضل توليفة من البيانات حول عملائها.

تتحمّـل شركات التأمين التكلفة وحدها

وتقول مديرة خدمات الضمان المالي في معهد المحاسبين القانونيين فيليبا كيلي: «يحمينا التأمين من المخاطر التي نواجهها في حياتنا اليومية، ولكن، ليس بالضرورة أن تتحمّـل شركات التأمين التكلفة وحدها. ويعتمد ذلك على مجموعات الأفراد الذين يتعرّضون لمخاطر مماثلة، ويرغبون في الحصول على تغطية متجانسة. وفي خضم التطور التكنولوجي المتزايد، فإن هناك الكثير من البيانات حول عوامل المخاطر الفردية الخاصة بنا، بحيث لم يعد منطقياً للشركات أن تجمع فيما بيننا».

مستوى عالٍ من المخاطر

وتضيف: «ولكن، يعني ذلك أيضاً أن بعض الأفراد قد يتصفون بمستوى عالٍ من المخاطر، مما يرفع إجمالاً من القيمة السعرية للتأمين، وجعله صعب المنال. ويُعزى هذا الوضع ببساطة إلى عوامل لا يمكن للأفراد السيطرة عليها. وقد يتعلق الأمر بالمكان الذي تعيش فيه، والصفات الوراثية، أو المستجدات الراهنة مثل المخاطر الإلكترونية. ويحتاج المجتمع لأن يقـرّر ما ينبغي القيام به حيال ذلك. ففي ظل المخاطر الإرهابية في المدن الرئيسية أو الكوارث الطبيعية، تدخّلـت الحكومة لهيكلية أنظمة التأمين، وجعله متاحاً لمن يحتاج إليه. ولكن، هل يجب أن تتدخل الحكومة لضمان بقاء التأمين متاحاً أيضاً للأفراد الذين يمثّــلون مخاطر أعلى؟.

حوافز للزبائن

وبالنسبة إلى المنتجات مثل التأمين الصحي والتأمين على الحياة، تمنح بعض الشركات حوافز للزبائن الذين يقدمون لها مزيداً من البيانات. فمثلاً، قد تُعطي شركات التأمين أسعاراً أقل لحاملي البوليصات الذين يستخدمون أجهزة قابلة للارتداء أو تطبيقات تشارك المعلومات عن حالتهم الصحية ونشاطاتهم البدنية.
وتوضّح فيليبا: «يمكن لذلك أن يجعل من منتجات التأمين أكثر دقة وإحكاماً، وبالتالي منح العملاء قيمة أفضل. ولكن، إذا أصبح تبادل ومشاركة بيانات كهذه شرطاً للحصول على بوليصة للتأمين، سنحتاج لأن نكون حذرين تجاه من سيكون محروماً من هذه المنتجات بصورة غير عادلة». ومؤخراً، أصدرت الحكومات في دولة الإمارات العربية المتحدة، وقطر، والمملكة العربية السعودية، قانوناً يُلزم جميع الشركات بتوفير تأمين صحي لموظفيها (وفي بعض الحالات لذويهم). ويُظهر ذلك أن التأمين أصبح حالياً مسألة حيوية بالنسبة إلى العديد من الشركات في شتى أنحاء المنطقة.

تأمين صحي إلزامي

ويقول المحاسب القانوني المُعتمد والمدير الإقليمي لمعهد المحاسبين القانونيين مايكل آرمسترونج، في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا «كما هو الحال في العديد من دول مجلس التعاون الخليجي، حيث نحظى جميعاً بتأمين صحي إلزامي، تتحمّل الشركات الآن التكاليف المرتبطة بتوفير التأمين الصحي لموظفيها. وبإمكان الشركات في الواقع أن تبدأ باستخدام أجهزة مثل أدوات رصد النشاط البدني، أملاً في تخفيض الأقساط المستحقة. ولكن، يُثير ذلك في المقابل مخاوف تتعلّق بكمية المعلومات التي يتوقع من الموظفين مشاركتها، أو بأولئك الذين يفضّلون عدم ضياع الفرصة لاغتنامها».
وبالإضافة إلى ما تقدمه من مساعدة لشركات التأمين، تتيح التكنولوجيا للعملاء فرصة التخلص من «الوسيط» كلياً، من خلال إجراء البحث اللازم إلكترونياً بأنفسهم، بدلاً من الاعتماد على الوسطاء. ويمكن لذلك جعل الإجراءات أرخص ثمناً، ولكن يجب على العملاء أن يعتمدوا على معارفهم وخبراتهم الخاصة لكي يقرروا ما هو أفضل بالنسبة إليهم.

خيارات سهلة ومجانية

وتقول فيليبا: «توفر المواقع الإلكترونية خيارات سهلة ومجانية لمقارنة الأسعار، وبالتالي يظن العملاء أن بإمكانهم الحصول على صفقة جيدة. لكن المعلومات المبسّطة تعني أن العملاء قد يغفلون عن تفاصيل مهمة، ولا يحصلون بذلك على القيمة المرجوّة. وربما يدفع الأفراد أقساط كبيرة بسبب المبالغة في تقدير قيمة أصولهم، أو لا يحصلون على التغطية التي يريدونها لعدم فهمهم فعلاً الجوانب المكفولة من غيرها. وتكمن المشكلة في أن الأفراد يكتشفون ذلك بعد فوات الأوان، وحينها لا تستطيع شركات التأمين صرف التعويضات المستحقة».
ويعد تقرير رؤى التدقيق جزءاً من مبادرة أوسع لمعهد المحاسبين القانونيين من أجل إظهار القيمة الحقيقية للتدقيق. ويشارك المدققون رؤاهم وتصوّراتهم حول قطاع محدد أو بشأن مسألة معيّنة مع الجمهور على نطاق كبير، وذلك استناداً إلى خيارات النفاذ الفريدة التي يمتلكها المدققون للشركات ولمعلوماتها المالية. وقد ركّزت إصدارات أخرى من تقارير رؤى التدقيق حول قطاع التصنيع، والأمن الإلكتروني، وقطاع البنوك.

مؤسسة عالمية رائدة

يُعتبر معهد المحاسبين القانونيين في إنجلترا وويلز مؤسسة عالمية رائدة للعضوية المهنية، وتقدم الدعم لما يزيد عن 140,000 من المحاسبين القانونيين حول العالم. ومعهد المحاسبين القانونيين في إنجلترا وويلز هو عضو مؤسس للتحالف العالمي للمحاسبة، والذي يمثّل حوالي 775,000 من أبرز المحاسبين المتخصصين بالعالم، وفيما يزيد عن 165 دولة. ويهدف التحالف إلى الترويج لنوعية الخدمات، ومشاركة البيانات والتعاون حول القضايا الدولية الهامة. و هو عضو مؤسس لمبادرة المحاسبين القانونيين حول العالم، والتي تأسست على يد المعاهد القانونية الرائدة بهدف توفير الدعم والتطوير، وأيضاً الترويج للدور الجوهري الذي يلعبه المحاسبون القانونيون في المنظومة الاقتصادية العالمية. وتُنشئ هذه المبادرة مجتمعاً من مئات بل آلاف المحاسبين القانونيين والطلبة الذي يتحلون بأعلى مستويات الالتزام بالممارسات المهنية والأخلاقية.