خبراء ومسؤولون: التكاتف لإنجاح الموازنة

مؤشر الثلاثاء ٠٢/يناير/٢٠١٨ ٠٢:٥١ ص
خبراء ومسؤولون: التكاتف لإنجاح الموازنة

مسقط - يوسف البلوشي
ومحمد سليمان-

أكد خبراء ومسؤولون على ضرورة تكاتف الجهود لإنجاح الموازنة العامة للدولة للعام الجاري 2018، مشددين على ضرورة تنامي دور القطاع الخاص ليؤدي دوراً أكثر فاعلية لاسيما في إنجاح مطالبات تنويع مصادر الدخل وتشجيع الصناعات غير النفطية، معتبرين أن أي زيادات متوقعة نتيجة لتعافي أسعار النفط يجب أن تذهب لسد العجز المتوقع في الموازنة والمقدر بـ3 بليون ريال عماني، أما فيما يتعلق بتوفير 25 ألف وظيفة فقد أكد الخبراء على ضرورة تعزيز إنتاجية هذه الأعداد من التوظيف، واعتبر الخبراء أن الموازنة جمعت بين الواقعية والتوازن، من حيث رفع كفاءة الإنفاق وربطه بالأهداف.

حدود آمنة

أكد عضو مجلس الدولة د. سعيد بن مبارك المحرمي أن موازنة 2018 واقعية وتوازن بين حجم الإيرادات المتوقعة بـ9.5 بليون ريال عماني وحجم الإنفاق المخطط له بـ12.5 بليون ريال عماني، مشيرا إلى أن احتساب سعر النفط بـ50 دولار يعد أمرا جيدا ويأخذ بأسوأ الاحتمالات فيما يتعلق بتقلبات أسعار النفط. وأضاف المحرمي أن نسبة العجز المقدرة بـ3 بلايين دولار هي في الحدود الآمنة شريطة عدم تخطي الإنفاق المستويات المخطط لها خاصة فيما يتعلق بالمصروفات الجارية والتركيز على المشاريع الإنتاجية وإيجاد مؤسسات جديدة في الاقتصاد تعزز من الإيرادات الحكومية وتولد فرص عمل جديدة للشباب العُماني.

وأوضح المحرمي أن تنامي الدين العام ودخول خدمات الدين العام في موازنة 2018 يستدعي وجود سياسات مالية تجنب الدولة مخاطر الالتزامات المالية المتراكمة، مضيفا أن قيام وزارة المالية بإنشاء وحدة خاصة بالدين العام يدل على سعيها في المحافظة على مكانة الدولة المالية وسمعتها لدى المؤسسات المالية العالمية والمحلية، ومشددا في الوقت نفسه على ضرورة أن تنعكس تلك الجهود في تحسين التصنيف الائتماني للسلطنة لدى المؤسسات العالمية المختصة.
وأشار المحرمي إلى أن أي زيادات متوقعة نتيجة لتعافي أسعار النفط يجب أن تذهب لسد العجز المتوقع في الموازنة مع تخصيص جزء منها للقيام بالمشاريع الإنتاجية وتوسيع الدائرة الاقتصادية للسلطنة عبر مؤسسات اقتصادية جديدة.
وبين المحرمي أن توجه الحكومة في تخصيص عوائد جزء محدد من إنتاج النفط يعد خطوة جيدة تحسب للحكومة وتوجهها في خفض مستوى الدين العام ومعالجته بكل الوسائل المتاحة.
وأكد المحرمي أن معظم المؤشرات العالمية وانعكاساتها على أرقام الميزانية العامة للدولة تعطي شيئا من التفاؤل في أن عام 2018 سيكون إيجابيا فيما يتعلق بالمالية العامة للدولة والنشاط الاقتصادي للسلطنة بشكل عام.
وأفاد المحرمي أن على الحكومة أن تعوض الإنفاق الإنمائي المقدر في الموازنة بـ1.2 بليون ريال من خلال تسهيلها لمبادرات ومشاريع القطاع الخاص وتشجيعه على إيجاد كيانات جديدة وتبسيط الإجراءات المتعلقة بها، وكذلك قيام الحكومة بإطلاق مبادرات أخرى بالشراكة مع القطاع الخاص بحيث يتم التركيز على المشاريع الإنتاجية وذات الإضافة القيمة في الاقتصاد.
واختتم المحرمي حديثه بضرورة تكاتف الجهود لإنجاح برامج الميزانية العامة للدولة للعام الجاري 2018 وتعزيز الشراكة بين القطاعات المختلفة، بالإضافة إلى الإسراع في تنفيذ مبادرات البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي وما تتضمنه من مشاريع مختلفة في القطاعات الاقتصادية الواعدة ومراجعة التشريعات بما يخدم التوجهات الاقتصادية للسلطنة.

استقرار الدخل

ومن جانبه قال الخبير الاقتصادي عبدالقادر عسقلان: «ما يلعب دورا كبيرا في الموازنة هو استقرار الدخل، بمعنى أن الموازنة تم احتسابها على سعر 50 دولارا لبرميل النفط، في حين أنه ارتفع حالياً إلى 62 دولار ما سيعمل على تحقيق وفرة في الدخل والميزانية وتقليل العجز، وفي هذا الإطار يجب التركيز على تنويع مصادر الدخل وتشجيع الاستثمار، ولابد من إيجاد حوار جدي مع القطاع الخاص حتى يلعب دورا كبيرا في التنويع والقضاء على تخوفات القطاع الخاص للاستثمار داخل البلد، وتوجيهه لإحداث توازن في عملية تنويع مصادر الدخل.

وأضاف عسقلان: «حتى الآن لم يلعب القطاع الخاص الدور المناط به في إيجاد مشاريع إنتاجية، ولابد من جلسة حوارية مفتوحة بين الحكومة والقطاع الخاص لبحث سبل دفع دور القطاع الخاص في تلك العملية، وفي هذا الإطار ما تناولته الموازنة من توفير 25 ألف وظيفة لابد من وجود خطة محكمة تعزز إنتاجية هذا الكم من عدد الوظائف ولا يقتصر الأمر عند التوظيف فقط».

التنويع الاقتصادي

من جانبه قال عضو مكتب مجلس الشورى سعادة محمد بن سليمان الكندي إن الموازنة العامة للدولة للعام الجاري 2018 اتخذت من السياسات المتحفظة منهجا لها أسوة بالأعوام الثلاثة الفائتة، والتي شهدت تقلب أسعار النفط.

وأضاف الكندي أن الموازنة يتضح فيها توجه الحكومة نحو التنويع الاقتصادي وتنفيذ المبادرات التي خرج بها البرنامج الوطني للتنويع الاقتصادي «تنفيذ»، مشددا على ضرورة مشاركة الحكومة للقطاع الخاص في المعلومات والبيانات وكذلك الشراكة في تنفيذ المشاريع والبرامج الاقتصادية.
وأكد الكندي على ضرورة التزام الوحدات الحكومية بأوجه الصرف المعتمدة في الموازنة، مشيرا إلى أن السنوات الأخيرات أظهرت الحسابات تجاوز الإنفاق الحكومي ما هو مخطط له في الموازنة.
وأفاد الكندي أن رفع كفاءة الإنفاق وربطه بالأهداف يأتي من أولويات المرحلة الراهنة مطالبا الحكومة الأخذ بمرئيات مجلس الشورى في عدد من أوجه ترشيد الإنفاق وزيادة الإيرادات.
وفِي ذات السياق قال عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى سعادة توفيق بن عبدالحسين اللواتي أن ما خرجت به الموازنة العامة للدولة من أرقام في بنود الإنفاق والإيرادات والعجز المتوقع كانت أفضل السبل المتاحة في ظل صعوبة التحكم بأوجه الإنفاق الجاري ويقابلها عدم القدرة على مضاعفة الإيرادات غير النفطية. وأضاف اللواتي أن الموازنة عملت على معالجة وضع قائم بأسعار نفط غير مستقرة ولم تصل بعد إلى سعر التعادل وعدم وصول الاقتصادي إلى التنويع المأمول.
وأوضح اللواتي أن أهم النقاط الرئيسة التي يجب مراجعتها في الموازنة العامة للدولة هي استمرار الاعتماد على النفط بنِسَب كبيرة تصل إلى 70 بالمئة من أجمالي الإيرادات، وكذلك مستوى الإنفاق الغير قابل للاستدامة ويحتاج إلى مراجعة سريعة، إضافة إلى أنه بالرغم أن الاقتراض خيار لابد منه، ولكن توجيها للمصاريف الجارية يولد مشاكل كثيرة متعلقة بتراكم الدين العام وزيادة كلفها المالية المتعلقة بخدمات الدين العام في الأعوام المقبلة.