ناصر بن سلطان العموري
كان استقبالاً متواضعاً ذاك الذي استقبل به الدراج العماني سليمان المعولي بالأمس مع غياب خجول للإعلام الرياضي العماني رغم مخاطبته وعلمه بموعد الوصول، بل حتى وزارة الشؤون الرياضية لم تكلف نفسها ولو انتداب موظف من موظفيها مع باقة ورد ربما لا تساوي حفنة من الريالات لاستقبال البطل العماني، ولا تقل من أين لها أن تعلم والخبر منتشر على مواقع التواصل الاجتماعي كافة؟! فوجب عليها هي أن تسأل وتبادر لاسيما أنها راعية الشباب برياضاتهم وميولاتهم كافة، فكيف وقد حققوا الإنجاز في سبيل رفعة اسم السلطنة، ولولا وجود عدد من أقارب الدراج وزملائه في استقباله وسط غياب الاستقبال الرسمي لكان الأمر مخزياً بالفعل.
ولمن لا يعرف، كنا قد تطرقنا في مقال سابق نشر منذ حوالي سنتين من الآن عن الرحالة الدراج سليمان المعولي وهو شاب عماني في العقد الرابع من العمر من محافظة الداخلية وتحديداً من ولاية إزكي، وهو من محبي ممارسة رياضة ركوب الدراجات الهوائية، وكسائر شباب عمان هو صاحب همة وعزيمة استغل حبه لممارسة رياضة ركوب الدراجات الهوائية في القيام بعدة مبادرات يشار إليها بالبنان، منها ما هو خليجي إذ انطلق في مبادرة وطنية بجولة شملت دول الخليج تحت شعار (خليجنا واحد عيدنا واحد) إيماناً منه أن دول الخليج شعب واحد وثقافة واحدة ومصير واحد وإن فرقتها الحدود الجغرافية، كما قام بجولة آسيوية جاب خلالها أكثر من 15 دولة، وبالأمس عاد لأرض الوطن بعدما أنهى رحلته لقارة أستراليا وهي دولة غنية عن التعريف بمساحتها الشاسعة للغاية والتي قطع فيها أكثر من 3200 كيلومتر بدراجته الهوائية وكله من أجل ماذا؟ من أجل رفعة الوطن وهو السمو عنده وغاية الغايات.
حقيقة، يحسب للرحالة سليمان هذه الهمة والعزيمة في تنفيذ ما سعى له، لم يزايد على حبه لوطنه بالأموال والعدة والعتاد ولم يستقبل بالرسميات والورود عند وصوله عند كل محطة بل كان منهجه عفوياً بحتاً وهو يلتقي في كل قِطر يصله بصديق إيماناً منه أن توثيق العلاقات وزيادة التواصل بين شباب العالم يأتي بالبساطة والبعد عن الرسميات والبروتوكولات، وعند سؤالي له لماذا لم يطرق باب الجهات الرسمية وأولها وزارة الشؤون الرياضية وهي الجهة المختصة لدعم مثل هذه المبادرات أقله للحصول على الدعم اللوجستي قبل المادي؟! أجابني: «ربما هم لن يقصروا بطبيعة الحال، ولكني أعرف أني سأكون عندها رهين الإجراءات الروتينية الاعتيادية وأخشى أن تطول، وتضعف بعدها همتي وعزيمتي وهذا ما لا أرضاه بحق وطني». إجابته بحق أقنعتني لمنطقها السليم، وأسعدتني كون أن عمان تملك مثل هؤلاء الشباب الطموحين فمستقبلها ولسنين سيكون بخير.
وإيماناً من الرحالة سليمان أن العالم قرية صغيرة وأن وسائل التواصل الاجتماعي قائمة الآن بدور كبير في نشر الأخبار بسرعة قياسية فرحلته وجولته موثقه عبر مواقع التواصل الاجتماعي أولاً بأول منذ خروجه من ولايته إلى محطته الأخيرة في أستراليا، بأسلوب سردي ووصفي جميل ومشوق، ولمن لا يعلم فهو يعدّ أول عماني وعربي يطوف قارة أستراليا المترامية الأطراف.
قبل كتابة هذه السطور تواصلت مع الرحالة سليمان وعرفت منه أنه قطع ما يصل إلى 18700 كم تحمّل خلالها مشقة الطريق من سوء الأحوال الجوية وبعض الأعطال الطارئة والحوادث المفاجئة، إلا أنه بتوفيق من الله وإصراره ومن أجل أن يقدم شيئاً لبلده اجتاز كل المحن والظروف العصيبة، فلمثل هذا يكون التكريم وإكليل الورد، لمن شرّف الوطن دون مقابل، فأدعو هنا وزارة الشؤون الرياضية والجهات المختصة بالإضافة إلى شركات القطاع الخاص لإعطاء الدراج البطل حقه من التكريم الجزيل ودعمه في رحلته القادمة للقارة الأوروبية من الآن، ولماذا لا تتبناه إحدى شركات القطاع الخاص الكبرى لدينا ليكون لها سفيراً فوق العادة فهذا أقل ما يستحقه، وأخيراً عوداً حميداً يا دراج عمان فلمثلك ترفع الهامات وأكف الدعاء.
(خارج النص)
انتهت سنة 2017 وبدأت سنة 2018 والتي أسأل الله أن تكون سنة خير وسعد للجميع، وأتمنى بوجه خاص أن تكون سنة إنجازات ورقي لهذا الوطن المعطاء، وأن ينعم المواطن بخيرات عمان وأن يكون هو الهدف الأسمى والمنشود، فبرقي المواطن وتوفير سبل راحته ترتقي الأوطان وتنعم بالأمن والأمان.