جيفري ساكس
إن الاقتصاد العالمي يشهد بداية مضطربة لسنة 2016 فلقد هوت أسعار الأسهم وترنحت الاقتصادات الناشئة بعد الانخفاض الكبير في أسعار السلع كما إن تدفق اللاجئين يزيد من زعزعة الاستقرار في أوروبا وهناك تباطؤ ملحوظ في النمو الصيني بسبب عكس تدفق رؤوس الأموال والعملة التي تزيد عن قيمتها الحقيقية كما أن الولايات المتحدة الأمريكية تعيش حالة شلل سياسي. إن هناك قلة من العاملين في البنوك المركزية والذين يصارعون من أجل الإبقاء على الاقتصاد العالمي في وضع سليم.
يجب أن نسترشد حتى نهرب من هذه الفوضى بأربعة مبادئ. أولا، إن التقدم الاقتصادي العالمي يعتمد على الادخار العالمي المرتفع والاستثمارات. ثانيا، يجب النظر إلى تدفق المدخرات والاستثمارات على أساس عالمي وليس وطني. ثالثا، إن التوظيف الكامل يعتمد على معدلات الاستثمارات المرتفعة والتي تعادل معدلات الادخار المرتفعة. رابعا، إن الاستثمارات الخاصة المرتفعة من قطاع الأعمال تعتمد على الاستثمارات العامة المرتفعة في البنية التحتية ورأس المال البشري والآن دعونا نناقش كل نقطة من هذه النقاط.
أولاً، إن هدفنا العالمي يجب أن يكون التقدم الاقتصادي مما يعني ظروف معيشية أفضل عالميا.
ثانياً، إن تدفق الادخار والاستثمار هو أمر عالمي وبلد مثل الصين لديها معدل ادخار مرتفع يتجاوز احتياجاتها الاستثمارية الداخلية يمكنها أن تدعم الاستثمار في أجزاء أخرى من العالم والتي لديها مدخرات أقل ولا سيما أفريقيا وآسيا ذات الدخل القليل.
ثالثاً، إن معدل ادخار عالمي مرتفع لا يترجم تلقائيا لمعدل استثمار مرتفع وما لم يكون موجها بالشكل الصحيح فإنه يمكن أن يتسبب بإنفاق مبالغ أقل من اللازم بالإضافة إلى البطالة. إن الأموال التي يتم إيداعها بالبنوك وبالوسطاء الماليين الآخرين (مثل صناديق التقاعد والتأمين) يمكن أن تمول نشاطات إنتاجية أو المضاربة قصيرة المدى (على سبيل المثال القروض الاستهلاكية والعقار). إن المصرفيين العظام بالماضي مثل جي بي مورجان بنوا صناعات مثل السكك الحديدية والصلب وعلى النقيض من ذلك فمدراء الأموال اليوم يشبهون المقامرين أو حتى المحتالين مثل شارلز بونزي.
رابعاً، إن استثمارات اليوم مع العوائد الاجتماعية المرتفعة تعتمد على الشراكات بين القطاعين العام والخاص حيث تساعد الاستثمارات العامة والسياسات العامة في تحفيز الاستثمارات الخاصة وهذا ما كان عليه الحال لفترة طويلة. إن شبكات السكك الحديدية والطيران والمركبات وأشباه الموصلات والأقمار الصناعية ونظام تحديد المواقع العالمي جي بي أس والتكسير الهيدروليكي والطاقة النووية وعلم الجينوم والإنترنت لم تكن لتحصل لولا تلك الشراكات إن المختصين بالاقتصاد الكلي قصيري النظر يقولون أن العالم يعاني من نقص الاستهلاك ولكن الحقيقية هي أن العالم يعاني من نقص الاستثمار.
أستاذ في التنمية المستدامة
وفي السياسة الصحية وإدارتها