حرية القراءة في زمن محاصر

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠١/يناير/٢٠١٨ ٠٤:٥٥ ص

جطو أبراهام

تصميم شاب لمعرفة أخبار العالم من خلال صفحات كتبه، ليصبح شهيرًا للغاية ويجذب انتباه الروائيين من جميع أنحاء العالم. هذا ما سنكتشفه يستكشف حول حياة مصعب أبو طه.

هناك شعور قوي بالأمل في صوت مصعب أبو طه أثناء حديثه حول «الحرية التي يكتسبها عقله من خلال القراءة» ومجموعته الثمينة من الكتب باللغة الإنجليزية، خاصة تلك الكتب الموقعة شخصيًا من نعوم تشومسكي.

في عالم موازٍ، ربما يبدو مصعب مثل أي شاب طموح يبلغ من العمر 24 عاماً، فيما عدا أن مصعب يعيش في قطاع غزة، ذلك المكان الذي يطلق عليه «السجن المفتوح»، حيث قرابة مليوني نسمة يعيشون تحت الحصار على مدار السنوات العشرة الأخيرة.
كان الأمر أثناء السير عبر أنقاض قسم الفنون في كليته في العام 2014، حيث راودت ذلك الطالب في قسم الأدب الإنجليزي فكرة ما: «أثناء السير عبر الأنقاض، وجدت نسخة من كتاب مقتطفات نورتون المختارة من الأدب الأمريكي The Norton Anthology of American Literature، واحد من الكتب التي كنت أدرسها في ذلك الوقت. في تلك اللحظة، عندما رأيته تحت كل تلك الأنقاض، تغير كل شيء إلى الأبد».
كمتعطش للقراءة، تواصل مصعب مع أصدقائه بالخارج الذين أرسلوا إليه الكتب بسخاء ليقرأها. خلال فترة قصيرة، ازداد عدد الكتب التي لديه، وأصبح لديه مكتبة صغيرة في شقته في الطابق الثالث في بيت لاهيا.
يقول مصعب: «أدركت أن لدي عدداً لا بأس به من الكتب، وبدأت أفكر في إنشاء مكتبة عامة، حتى يستفيد الآخرون كذلك من تلك الكتب. في غزة، هناك فقط 13 مكتبة يخدمون مليوني نسمة، وغالبية الكتب باللغة العربية، ولا تعمل تلك المكتبات لساعات طويلة في اليوم. كانت خطتي هي إنشاء مكتبة تعمل لأطول وقت ممكن طوال اليوم».
أنشأ مصعب صفحة عبر فيسبوك «مكتبة من أجل غزة Library and Bookshop for Gaza»، بتشجيع من أصدقائه، وطلب من الجميع إضافة الكتب الإنجليزية القديمة والجديدة إلى مجموعته. كان هذا سبباً في حصوله على الكثير من الكتب من جميع أنحاء العالم، مجموعة كبيرة تتنوع بين الروايات والأعمال الأدبية وكتب الأطفال، وكذلك الشعر. على الرغم من ذلك، ما لم يتوقعه مصعب هو التقدير والدعم الذي حصل عليه من أشخاص مثل الشاعرة والناقدة الأمريكية كاثا بوليت، وكذلك الفيلسوف الكبير والناشط الاجتماعي نعوم تشومسكي، الذي أرسل إليه ثلاثة كتب من مجموعته الشخصية.
مصعب، الذي يفضل من المؤلفين القصصين جورج أورويل، وأوسكار وايلد، وجين أوستن، يقول إن حياة وأعمال المُنظِّر الأكاديمي إدوارد سعيد ألهمته لبدء القراءات النقدية، لتحسين مستواه في اللغة الإنجليزية، «ليس فقط كمادة دراسية بين الشباب، ولكن كذلك كأداة لاكتساب المعرفة». يؤمن مصعب أن المبادرات التي قام بها هي ما جعلت كتبه تلاقي اهتماماً كبيراً بين الأطفال في قطاع غزة، ممن الآن يهوون القراءة، بدلًا من مشاهدة التلفاز أو إضاعة الوقت في فعل لا شيء على شبكة الإنترنت.
«ساعدت المكتبة الكثيرين في القيام بالكثير من الأنشطة من أجل الأطفال؛ على سبيل المثال الزيارات التعليمية إلى المدارس وروض الأطفال، واستضافة المحاضرات، وتنظيم الحفلات الموسيقية الصغيرة، وكذلك مساعدة الطلاب على القيام بالأبحاث».
التحديات كثيرة، البعض منها يوجد بشكل نمطي في مكان مثل قطاع غزة، على سبيل المثال الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، الذي عادة يستمر لوقت طويل، وكذلك التوقف المفاجئ لخدمات البريد الإسرائيلية، إلى جانب التأخر والرسوم المرتفعة لإرسال الكتب عبر خدمات البريد إلى قطاع غزة. في وقت مبكر من هذا العام، بدأ مصعب حملة تمويل جماعي نتج عنها جمع أكثر من 15,000 دولار أمريكي في غضون شهر، وهو أمر مشجع بالتأكيد، «ولكن الموقع الإلكتروني لتلك الحملة استقطع منها 4.500 دولار أمريكي كرسوم، وكذلك المنظمة التي تلقت ذلك المبلغ في حسابها المصرفي، بينما المبلغ المتبقي استخدم لاستئجار شقة مكونة من غرفتي نوم في شمال قطاع غزة».
عبر ازدياد الاهتمام المحلي بالمكتبة، يأمل مصعب ببذل جهد أفضل للترويج للقراءة في أوساط الشباب، ويؤكد على الحاجة إلى المزيد من الأموال، للانتقال إلى شقة أكبر لتنظيم الفصول الدراسية ودورات القراءة للأطفال، وتوظيف العاملين، وشراء أرفف الكتب، والطاولات، والكراسي، وكذلك الحصول على المزيد من الكتب.