القاهرة - خالد البحيري
«العتبة الخضراء».. حي تجاري مهم يقصده المصريون وأشقاؤهم من البلدان العربية، الأغنياء والفقراء، من أجل الحصول على ملابس ذات جودة عالية وبأسعار تقل 40% عن نظريتها في المحلات الواقعة بالأحياء الراقية مثل الزمالك والمهندسين ومصر الجديدة. وقد سُمّيت بالعتبة الخضراء منذ العام 1850 للميلاد نسبة إلى سرايا (منزل كبير) كانت تسكنه أم الخديوي عباس حلمي ثالث ولاة أسرة محمد علي باشا الذي حكم مصر ابتداءً من العام 1805 وتعاقب نسله على حكمها إلى أن قامت ثورة الضباط الأحرار في العام 1952.
قطار الغلاء
وقد تيمّن الأهالي بتسميتها خيراً، إلى أن وصل قطار الغلاء الشديد إلى السلع والبضائع المعروضة بها، فضربها الركود واضطر بعض من التجّار إلى غلق محلاتهم، بينما عزف الفقراء عن شراء الملابس منها واتجهوا إلى منطقة «وكالة البلح» الكائنة بحي بولاق أبو العلا على مقربة من كورنيش النيل وفيها تُباع الملابس المستعملة بأسعار قليلة تتناسب وحالة الكثير من راغبي الاحتماء من برد الشتاء بأية ملابس قديمة كانت أم جديدة. «الشبيبة» ومع تزايد الرغبة والطلب على الملابس الشتوية تجوّلت في سوق العتبة، ورصدت انطباعات التجّار وآراءهم في الإقبال على الشراء مع دخول موجات البرد الشديد، فقال عمرو موسى -صاحب محل ملابس: في مثل هذا التوقيت من كل عام كانت حواري العتبة وأزقتها تتحوّل إلى خلية نحل، وتبدأ حركة البيع والشراء منذ التاسعة صباحاً وتستمر حتى منتصف الليل، لكن هذا العام قد نفتح أبواب محلاتنا ونغلقها دون أن نبيع لزبون واحد؛ فالأسعار زادت تقريباً 100% وبالتالي كل من يفكر في شراء ملابس شتوية له أو لأولاده يراجع دولاب ملابسه أكثر من مرة مكتفياً بما توافر فيه من ملابس اشتراها سابقاً، مع تحديد أشياء بسيطة يتم شراؤها من باب الاضطرار. وأضاف: كنا في السابق نختلف في أسعارنا عن «وسط البلد» لكن الآن الأسعار تساوت تقريباً؛ نتيجة ارتفاع أسعار العمال والكهرباء والإيجارات، وكذلك وسائل النقل والمواصلات، وهو ما جعل المشتري يفكر كثيراً قبل أن يأتي إلى العتبة.
البركة في الستات
ومن جانبه قال عبدالله -بائع: لولا النساء والفتيات اللاتي يأتين لشراء لوازم جهاز العروسة من ملابس ومفروشات كنا قد أغلقنا محلاتنا «البركة في الستات هم اللي بيشتروا رغم الظروف الصعبة».
وأضاف: استبشرنا خيراً بغلق باب الاستيراد للملابس الجاهزة فقد شجّع ذلك أصحاب ورش الخياطة على ضخ مزيد من الاستثمارات لتلبية احتياجات السوق وسد الفراغ في الطلب لكن غلاء الأسعار وقلة الإقبال أدّيا إلى إفلاس البعض، بينما يضطر آخرون إلى البيع بالخسارة للحصول على سيولة يتم من خلالها سداد الالتزامات والمستحقات الشهرية.
السوري يكسب
ومن جانبه، أكّد شريف علاء -صاحب أحد المحلات التجارية- أن الملابس السورية عليها إقبال كبير من المصريين خاصة هذه الفترة لأنها أفضل في جودة وتقفيل المنتج عن المصري وكذلك المستورد. وتمنّى تثبيت الأسعار فهي ترتفع من حين لآخر وهذا يهدد التجارة في مصر ويعرّضها للكساد والغلق ويتسبب في تسريح عدد كبير من العمال؛ فحوالي 5% من محلات سوق العتبة تم إغلاقها لعدم تحقيق أرباح تكفي احتياجاتها.
جملة و«قطاعي»
«الحتة سعرها زاد الضعف بالنسبة للبيع جملة فما بالك بسعر القطاعي»، هكذا قال سمير كرم -بائع في العتبة، وأضاف أن الزبائن تجادل كثيراً في السعر وأحياناً تصاب بالصدمة من الزيادة الكبيرة التي لحقت بالكثير من الملابس، ورغم تعليق لافتة مدون عليها «الفصال ممنوع» يظل المشتري يجادل من أجل الحصول على أي تخفيض ممكن وفي كثير من الأحيان يضطر البائع للموافقة للحصول على سيولة.