2018 الاقتصاد العُماني يتحسن

مؤشر الاثنين ٠١/يناير/٢٠١٨ ٠٣:٥٠ ص
2018 الاقتصاد العُماني يتحسن

مسقط - يوسف بن محمد البلوشي

أكد عدد من المسؤولين والمختصين بالشأن الاقتصادي أن جميع المؤشرات العالمية والمحلية توحي بأن العام الجديد الذي نشــهده اليوم سيكون عاماً إيجابياً فيما يتعلــق بالنشــاط الاقتصادي علاوة على استمرار الاستقرار السياسي والاجتماعي الذي تتمتع به السلطنة منذ بداية النهضة المباركة.

وأضاف الاقتصاديون أن السلطنة تمتلك المقومات كافة لتكون بوابة الاقتصاد في المنطقة، خاصة إذا ما تظافرت الجهود الحكومية نحو التنويع الاقتصادي مع استقرار أسعار النفط فوق 60 دولاراً، شريطة أن لا يجري التراخي في حالة استمرار ارتفاع أسعار النفط، والمضي قدماً في سياسات ترشيد الإنفاق في المصروفات الجارية، مع زيادة التوجه في إنشاء المشاريع الإنتاجية وفِي مقدمتها تلك المشاريع التي جرى تبنيها ضمن مبادرات البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي «تنفيذ».

نمو الاقتصاد العالمي

نائب رئيس مجلس الشورى سعادة م. محمد بن أبو بكر الغساني أكد أن المؤشرات الاقتصادية العالمية وفق ما ذكره الخبراء الاقتصاديون تعطي نوعاً من التفاؤل للعام الجاري والأعوام التي تليه، إذ يتوقعون أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة تلامس 3 - 4%، بفضل زيادة الاستثمارات ونمو الطلب الداخلي في معظم الدول الصناعية، ومع اتفاق الدول المنتجة للنفط بخفض الإنتاج يتوقع أن تبقى أسعار الخام بالقرب من 60 دولاراً للبرميل في 2018، وهذه المؤشرات المبشرة يتوقع أن تنعكس بالإيجاب على اقتصاد السلطنة خلال الفترة المقبلة إذا ما تظافرت جهود الجميع وجرت الاستفادة من الدروس التي ولدتها أزمة انخفاض أسعار النفط خلال السنوات الفائتة.

‎وأضاف الغساني أنه مع ارتفاع أسعار النفط وبالتالي توقع ارتفاع العوائد منه ومن المصادر غير النفطية واستمرار الحكومة في توجهها نحو المحافظة على مستويات الإنفاق المنخفض خاصة فيما يتعلق بالمصاريف غير ذات الأولوية والمضي قدماً في تنفيذ مبادرات البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي «تنفيذ» خاصة المشاريع الإنتاجية والقائمة على الشراكة بين القطاعين العام والخاص والانفتاح الاقتصادي على العالم والاستفادة من المقومات الطبيعية والبشرية التي تتمتع بها السلطنة، والعمل على خفض الدين العام بما يتحقق من فوائض مالية؛ فإن كل ذلك سيعمل على نمو وتعزيز النشاط الاقتصادي للسلطنة ويصحح البوصلة الاقتصادية من الارتهان على النفط كسلعة متفردة في قيادة الاقتصاد الوطني.

‎وبيّن الغساني أنه لتعزيز النمو الاقتصادي المتوقع في العام الجاري 2018 لابد من مواكبة التشريعات للتوجهات والسياسات الاقتصادية العامة للبلد والتي تركز على إيجاد بيئة جاذبة للاستثمار بشقيه الأجنبي والمحلي وتعزيز وجود المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد الوطني، وكذلك إيجاد بيئة وظيفية جاذبة للشباب العُماني في القطاع الخاص، مشيراً إلى أن مراجعة التشريعات بات يشكل أولوية قصوى وفِي مقدمتها قوانين الاستثمار الأجنبي وقانون العمل وقانون المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وغيرها من القوانين المعول عليها في تعزيز النمو الاقتصادي للسلطنة.

‎وأكد الغساني أن العام 2018 يجب أن يكون عاماً لاستغلال المقومات والفرص خاصة فيما يتعلق بربط النجاحات السياسية بالاقتصادية، وإيجاد شراكات عالمية وإقليمية تخدم الاقتصاد الوطني وتضاعف نشاطه خاصة في القطاعات الاقتصادية الواعدة.

القطاع الخاص

ومن زاوية القطاع الخاص أكد نائب رئيس غرفة تجارة وصناعة عمان م. رضا بن جمعة آل صالح أن العام الجاري 2018 سيشهد تحسناً ملموساً للاقتصاد الوطني مشفوعاً بارتفاع أسعار النفط وتخطيها حاجز 60 دولاراً، موضحاً أن ارتفاع أسعار النفط في السلطنة عادة ما يقود معه ارتفاعاً في أنشطة القطاعات الأخرى.

وأشار آل صالح إلى أن جهود السلطنة نحو التنويع الاقتصادي سيظهر بعض نتائجها خلال العام الجاري خاصة مع دخول بعض المشاريع حيّز التنفيذ، وكذلك بدء التشغيل لمطار مسقط الدولي إضافة إلى تعزيز النشاط والفاعلية في موانئ السلطنة المختلفة ذات المواقع الاستراتيجية المتميزة.

وأوضح آل صالح وجود جهود حكومية نحو تعزيز البيئة الاستثمارية وجذب الاستثمار مطالباً الحكومة مضاعفة جهدها في هذا الجانب خاصة مع التوجه العام للسلطنة لتعزيز التنويع الاقتصادي وعدم الاعتماد بشكل كبير على النفط والارتهان إلى تقلباته المستمرة.

وأشار آل صالح إلى أن غرفة تجارة وصناعة عُمان تسعى من جانبها إلى جذب الاستثمارات الأجنبية وبناء شراكات تجارية بين المستثمرين العمانيين ونظرائهم من دول العالم المختلفة لتعزيز الاستثمار الأجنبي في السلطنة، وإيجاد فرص استثمارية جديدة التجار المحليين.

وأضاف آل صالح أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة هي الأخرى تحظى بدعم من الحكومة، وكذلك من الغرفة الداعمة لأنشطة هذه المؤسسات مما سينعكس إيجاباً على وجودها في الاقتصاد الوطني وبدء أنشــطة اقتصادية جديدة لهذه المؤسسات.

المرحلة الصعبة

وفي السياق ذاته قال مدير مركز البحوث بجامعة السلطان قابوس د. ناصر بن راشد المعولي: «إن الاقتصاد العُماني تجاوز المرحلة الصعبة من الأزمة الاقتصادية، والعام الجاري 2018 سيكون بداية الانطلاقة للاقتصاد العُماني في ظل المؤشرات العالمية والمحلية التي تتوقع نمو الاقتصاد العالمي بنِسَب جيدة تصل إلى 4% والذي سينعكس بدوره على الاقتصاد الوطني للسلطنة، الذي يتوقع أن يشهد نمواً حقيقياً بنسبة 3.7% حسب التقرير الصادر من صندوق النقد الدولي في شهر أكتوبر الفائت».

وأوضح المعولي أن استقرار أسعار النفط عند 60 دولاراً للبرميل يعطي أريحية للسلطنة في تحقيق نمو اقتصادي خاصة في ظل توجهات السلطنة نحو التنويع الاقتصادي، وتنفيذ عدد من المشاريع الإنتاجية والمرافق الحيوية، وتحقيق الشركة بين القطاعين العام والخاص في تنفيذ عدد منها والذي يعطي القطاع الخاص الأرضية الصلبة لقيادة العجلة الاقتصادية في المرحلة المقبلة.

وأضاف المعولي أن افتتاح مطار مسقط الجديد خلال العام الجاري إضافة إلى زيادة الغرف الفندقية مع افتتاح عدد من الفنادق ودخول مصفاة الدقم والمدينة الصينية بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم والشارع الســــريع وما يمثله من ربط اقتصـــادي بين العاصــمة مســـقط وميناء صحار والمنطقة الحرة ومشروع لوى للبلاســتيك التابع لشركة أوربك والمشاريع الزراعية والاستزراع السمكي وغيرها من المشـــاريع الحيوية والإنتاجية الكبيرة؛ ستنعكس إيجاباً في النشاط الاقتصادي للســـلطنة خلال العـــام الجاري 2018، وتعــــطي نظرة إيجــابية عامة للنمو الاقتصادي القائمة على قاعدة اقتصادية متنوعة.

وأشار المعولي إلى أن المالية العامة للدولة هي الأخرى ستشهد تحسناً جيداً وانخفاضاً واضحاً في مستوى العجز ليصل إلى 3 بلايين ريال نتيجة لتحسن أسعار النفط، وكذلك الإصلاحات في النظام الضريبي التي قامت بها الحكومة وتوقع دخول الضريبة الانتقائية حيّز التنفيذ مناشداً الحكومة الاستمرار في سياسات تجويد الإنفاق.

وبيّن المعولي أن توجه الحكومة نحو التنويع الاقتصادي واعتمادها مبادرات البرنامج الوطني للتنويع الاقتصادي «تنفيذ» والتي حولت على مشاريع إنتاجية وتسهيلات للمستثمرين سيكون لها أثر إيجابي في الاقتصاد المحلي، وستساهم في توسعة الدورة الاقتصادية للاقتصاد الوطني والتي تعد من الأهداف الاستراتيجية للسلطنة خلال الخطة الخمسية التاسعة.

وتطرق المعولي إلى أن الحكومة تواصل برامجها الهادفة إلى الاستقرار الاجتماعي، مشيراً إلى أن البرنامج الوطني لدعم الوقود والأوامر السامية بتوظيف الشباب العُماني كلها تسير في منظومة تعزير الاستقرار الاجتماعي للسلطنة، والذي يعزز بدوره من الجاذبية الاستثمارية لها في ظل ما تشهده المنطقة من تدافعات سياسية مختلفة.

وأوضح المعولي أن النمو العالمي في هذا العام سيتجه إلى شرق آسيا ويتركز خصوصاً في الهند والصين ومع تمتع السلطنة بعلاقات جيدة مع هاتين الدولتين الكبيرتين سيكون له أثر ملموس على الاقتصاد المحلي خاصة إذا ما جرى جذب المستثمرين من هذه الدول لإقامة استثمارات مختلفة في السلطنة.