عزيزة راشد
يتجوّل بسيارة مستأجرة من أحد المكاتب في مسقط، يستهدف القرى والمناطق خارج مسقط، يزور أسرة هنا ويبحث في القفار والصحاري هناك، يلتقط بقايا نيزك أو خنجر قديم مرّت عليه عشرات السنين، يضع منظاره على باب أثري قديم في إحدى الحواري، يجمع عملات نادرة، يشتري كل شيء وكل ما يمكن حملــه ودفع ثمنه، يحمل الآثار التي اشتراها مدعمــة بالفواتير الدالة على الشراء، ينام نومه الآمن الهادئ في غرفته بالفندق المطل على أحد شواطئ مسقط الدافئة، يحمــل حقيبته في الصباح ويرحل عبر المطار حاملاً كنوزاً أثرية، هذه كل الحكاية وكل الحكايات التي تحدث في بلادنا.
آثار تُنهب وتُصادر وتُباع وتُصدّر خارج البلاد دون حسيب أو رقيب، حتى أن أحدهم باع 700 خنجر أثري عُماني إلى إحدى الدول المجاورة، قد يكون أحدها خنجر إمام عُماني، أو عالم من العلماء الأجلاء، وسيظل مسلسل النهب مستمراً طالما أن وزارة التراث والثقافة صامتة، تقف على إرث متهرئ من القوانين القديمة والنظم واللوائح المتحجرة.
نحتاج إلى قانون يمنع بيع وشراء وتبادل ومقايضة ورهن وكافة أشكال التعاطي فيما يخص الآثار العُمانية، قانون يدعم بوجود شرطة متخصصة باسم شرطة الآثار، وقد سبقتنا دول كثيرة إلى هذا القانون مثل مصر والعراق وغيرها من دول التراث. إن خروج المقتنيات الأثرية والآثار العُمانية إلى الخارج دون وجود قانون يمنع، والاكتفاء بفاتورة الشراء هو جرم يُرتكب في حق هذا الوطن.
نعلم جميعاً أن البيوت العُمانية تحتوي على الكثير من الآثار، فالعُمانيون يعتزون بتراثهم ويحتفظون به من جيل إلى جيل، ولكن الدنيا تتغيّر والفكر يتقلّب والاهتمامات تتنوّع، فمن يرى أن هذا الأثر ثمين ومقدّس قد يكون غيره لا يراه بنفس الأهمية، ويرى أن بضعة ريالات في اليد أفضل وأجدى من أثر مرمي في زاوية مظلمة في مخزن البيت، لذلك شراؤه ودفع ثمنه يجعل خروجه من البلاد أمراً عادياً وقانونياً.
الحفاظ على التراث مسؤولية الدولة وعليها أن تسن القوانين التي تحافظ على آثارها، وتخصيص فريق أمني يتمثل في شرطة الآثار لتطبيق هذا القانون والمحافظة عليه أمر في غاية الأهمية.
صياغة القانون والحفاظ على الآثار والبحث عنها وحمايتها مسؤولية الحكومة والجهات المختصة، وآن الأوان للنظر بعين الاعتبار إلى الآثار العُمانية وحمايتها من السرقة.