اسمها دمشق الصغرى

مزاج الخميس ٢١/ديسمبر/٢٠١٧ ٠٢:٤٦ ص
اسمها دمشق الصغرى

القاهرة- خالد البحيري

«دمشق الصغرى».. هكذا أطلق السوريون والمصريون على مدينة السادس من أكتوبر (جنوب غرب محافظة الجيزة 40 كيلو متراً من قلب العاصمة المصرية القاهرة) بعد أن تحولت إلى مطعم سوري مفتوح يضم كافة أصناف الطعام السورى والحلويات والفواكه، وكلها وجبات تم صنعها بأيد سورية وتتمتع بالنكهة الشامية المميزة التي لاقت إقبالا منقطع النظير من المصريين.

75 % من المطاعم بقلب المدينة وتحديداً «منطقة الحصري» أصحابها أو مستأجروها من السوريين الذين دفعتهم الظروف التي تمر بها بلادهم إلى النزوح إلى القاهرة ومنها إلى ذلك الحي الهادي نسبياً والمناسب من ناحية أسعار الإيجار والسكن.
«الشبيبة» سجلت بالصوت والصورة حكايات من صناعة الأمل وقهر الظروف التي خطها السوريون بأحرف من التحدي والإصرار على مواصلة الحياة والبدء من جديد مهما كانت الظروف.
يقول أبو حسيب صاحب مطعم: «جئنا إلى مصر قبل نحو 5 سنوات وسكنا لفترة وجيزة في قلب العاصمة القاهرة، لكن أسعار الإيجارات والزحام الشديد دفعنا إلى المجيء إلى هنا في مدينة السادس من أكتوبر حيث الظروف مواتية ومناسبة ولم تكن حركة التجارة كما هي في القاهرة.. معظم المجمعات التجارية بها محل أو اثنين على أقصى تقدير مستأجرة والباقي مغلق، قررنا أن نبدأ ونستثمر في المطاعم والكافيهات ومحلات العطارة والفواكه، وشجع بعضنا البعض على ذلك حتى صارت المنطقة مقصداً لكل راغبي قضاء وقت ممتع بأي ساعة من ليل أو نهار فبإمكانه تناول الطعام والجلوس على المقهى والاستمتاع بالمذاق الشهي والأسعار المعقولة والخدمة المميزة.
وأضاف: «نهتم كثيراً بمظهر من يعدون الطعام ومن يقدمونه للزبائن مع نظافة المكان، هكذا تعودنا منذ أن كنا بالشام، وقد لاقينا ترحيبا من أشقائنا المصريين، فبيننا روابط قديمة ونحن شعب واحد، وتعاملنا الحكومة المصرية نفس معاملة المصريين ويدخل أولادنا المدارس الحكومية بنفس مصروفات الطلاب بمصر دون زيادة.
ويلتقط عبد الرحمن الغضبان أطراف الحديث مؤكدا أن مصر كانت تفتقر إلى منطقة مطاعم تجمع كل أنواع الطعام في مكان واحد وكانت هذه فرصة طيبة لأن نبدأ من جديد في مهنتنا التي اعتدنا عليها لسنوات طويلة.. هو نفس العمل الذي كنا نقوم به في بلدنا قبل أن تعاني من الصراعات والنزاعات، ومعرفون بهذه المهنة على مستوى الشرق الأوسط.
وقال: «الشعب المصري يتفهم ظروفنا جيداً، ويعاملنا بمنتهى الرقي، ولا تسمع أبداً عن شكوى أو دعوى قضائية بيننا وبينهم، فالهدف بالنسبة لنا أن نعمل ونكسب بالحلال، وليس لدينا وقت نضيعه في أية منازعات، كما أن هناك مصاهرة ونسب بين الشعبين وهناك قواسم مشتركة كثيرة حتى في أذواق الطعام والشراب والعادات اليومية. وفي السياق قالت ريما عبد الغفور: «اعتدت المجيء إلى منطقة المطاعم أنا وأصدقائي نهاية كل أسبوع، نأكل ونشرب ونقضي أوقاتا ممتعة، فالمكان هنا يدعو إلى الراحة النفسية، ومذاق الطعام له سحر خاص، والمعاملة من جانب أشقائنا السوريين تجعلنا نعشق المكان ونداوم على المجيء إليه من مختلف أنحاء القاهرة لقضاء سهرة ممتعة».
وأضافت: «نحمد الله على نعمة الأوطان والأمان.. واجبنا أن نقف إلى جوار أشقائنا في محنتهم، وأن ندعمهم ونقدم لهم يد العون، وهم في الحقيقة لا يطلبون صدقة أو إحسانا بل يعملون ويقدمون منتجا مميزا يستطيع المنافسة، والحكم بالنهاية للزبون».
واختتمت بالقول: «هذه التجربة التي عايشناها مع السوريين تجعلنا نؤمن بأننا قادرون على صنع المستحيل وأن لا شيء يقهر الإنسان أو يوقف مسيرته حتى لو كان النزوح أو الشتات أو حتى فراق الأوطان تحت قصف المدافع ورائحة البارود».