تكافؤ الفرص العلمية في أفريقيا

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٨/ديسمبر/٢٠١٧ ٠٢:٥٢ ص

أميناتا غاربا
دوروثي نيامبي
هندرينا دوروبا
أيفي مواي

إن الفتاة في إثيوبيا يمكنها أن تكبر لتصبح قادرة على تصميم طريقة جديدة لتحسين المحاصيل الزراعية ولكن يمكن حدوث ذلك فقط إن كان لديها المرشد الصحيح ولدى المرأة الشابة في ملاوي أفكار جديدة لعلاج مرض السرطان ولكن لن تستطيع تطبيق هذه الأفكار إذا تم إخراجها من المدرسة ولدى الفتاة في رواندا جميع المهارات اللازمة لإنشاء نموذج حسابي للتخفيف من حدة الجفاف ولكن كل ما تحتاج إليه هي منحة دراسية لمساعدتها في دفع مصاريف الكلية.

وعلى وجه العموم، هناك عدم توازن جنساني عالمي في اختصاصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات والتي يطلق عليها مصطلح «ستيم» ولكن في أفريقيا، يتسبب هذا الخلل في التوازن بين الجنسين في ما هو أكثر من تهديد لمستقبل الفرد حيث أنه يحرم القارة من المواهب والمساهمات اللازمة لدفع عجلة التنمية والتقدم و قد وجد تقرير أصدره مصرف التنمية الأفريقي في العام 2011 بأن « دخول المرأة في العلوم والتكنولوجيا يعود بالنفع في نهاية المطاف على المجتمع ككل».

إن من الممكن تحقيق المساواة بين الجنسين في تخصصات «ستيم» حيث يظهر العديد من العلماء الأفارقة للعالم كيفية تحقيق ذلك ولكنهم يحتاجون للمساعدة والبرامج التي تقدم المنح الدراسية والدعم تعتبر من بين أفضل السبل لتحقيق التكافؤ في العلوم.
وكثيراً ما تتم مقارنة أسباب عدم التوازن بين الجنسين بتخصصات «ستيم» في أفريقيا مع أنبوب يعاني من التسرب حيث تبدأ الفتيات في دراسة هذه التخصصات باهتمام وبكفاءة ولكن الذي يحصل هو أنهن يتسربن من تلك التخصصات مثل الأنبوب الذي يعاني من التسرب في مراحل مختلفة من مراحل تعليمهن وقد أظهرت البيانات الأولية من مبادرة مؤسسة ماستركارد التي تهدف إلى عكس هذه الاتجاهات بأن اتباع نهج شامل لسد التسريبات يمكن أن يحدث فرقاً.
إن النجاح يبدأ عند الإقرار بأن المساواة بين الجنسين في المسائل المتعلقة بالعلم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات هي مسألة مهمة. إن «العلم يحتاجنا» هكذا قالت المهندسة الصناعية والباحثة السابقة في مؤسسة ماستر كارد أرماندا كواسي و أضافت: «مع أفكار ووجهات نظر مختلفة تأتي حلول أفضل والتفكير الذي يمكن أن يحرك الابتكارات العلمية إلى الأمام و يعود بالفائدة على أفريقيا كلها».
إن كواسي محقة حيث لا يمكن لأفريقيا أن تهدر مواهب الفتيات الشابات علما أن منطقة جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية تواجه نقصاً في عدد المهندسين والفنيين وعلماء الرياضيات والعلماء بمقدار 2.5 مليون شخص حيث إن هذا النقص في الخبرات يهدد عدداً من أهداف التنمية المستدامة مثل الأمن الغذائي والرعاية الصحية والمياه النظيفة والصرف الصحي والطاقة والبنية الأساسية.
إن إزالة الحواجز بين الجنسين في تخصصات «ستيم» تتطلب من الحكومات الأفريقية بأن تجعل المساواة في العلوم أولوية إن رواندا هي من أكثر الدول نجاحا في هذا الخصوص حيث أن خبرتنا الجماعية ساعدت أكثر من 1250 فتاة على التفوق في تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
يعتبر المعهد الأفريقي لعلوم الرياضيات في العاصمة الرواندية كيغالي هو أحد عوامل هذا التغيير حيث يؤمن هذا المعهد بأن آنشتاين المقبل يمكن أن يكون امرأة أفريقية وذلك على أساس نهج تعليمي يعمل على صياغة استراتيجية شاملة من أجل سد التسريبات في عملية التطوير لتخصصات ستيم.
يتضمن النهج المبتكر للمعهد الأفريقي لعلوم الرياضيات مساعدة الحكومات على تدريب المعلمين وضمان أن لا تكون أعداد الفتيات أقل بكثير من أعداد الفتيان في الفصول الدراسية ودعم الطلاب الأمهات والتواصل مع قادة قطاع الأعمال لمساعدة الخريجين على النجاح في حياتهم المهنية ومن أجل جذب عدد أكبر من الطالبات فقد تم تخصيص 30 % من المنح الدراسية للفتيات حيث يطمح المعهد الى زيـــــادة هذه النسبة الى 50 % في المستقبل القريب.
وبالمثل، فإن جامعة كارنيغي ميلون أفريقيا والكائنة في كيغالي أيضاً تقود التغيير وذلك بتخصيص 30% من المنح الدراسية إلى الشابات وسوف تكون لهذه الالتزامات أثر إيجابي على كامل الجامعة والتي تسعى إلى تحقيق زيادة كبيرة في عدد العالمات اللاتي يلتحقن بالجامعة.
وأخيراً، لقد قام منتدى النساء الأفريقيات التربويات في رواندا بتمويل تعليم 1200 فتاة في أفضل المدارس الثانوية في البلاد في تخصصات ستيم ومن بين هؤلاء الطلاب من المتوقع أن يلتحق حوالي 70% منهم بتخصصات علمية على المستوى الجامعي.
وعلى الرغم من هذه التطورات الإيجابية، فإن نظام الكوتا وحده لن يحقق التكافؤ ولتحقيق مكاسب دائمة، هناك حاجة أيضاً إلى منح فرص خارج الفصول الدراسية وفي منتدى النساء الأفريقيات التربويات في رواندا، يوجد برنامج يسمى توسيم (وهي كلمة سواحلية تعني «دعونا نعبر عن رأينا») حيث يقدم هذا البرنامج للفتيات إمكانية التدريب على القيادة من خلال الدراما والأغاني والفنون الإبداعية لتعليم الفتيات كيفية التقديم والتفاوض ومهارات صنع القرار ويعمل منتدى النساء الأفريقيات التربويات أيضاً مع المعلمين وذلك من خلال تطوير أساليب المعلمين التربوية لمراعاة المنظور الجنساني.
وبالمثل، في جامعة كارنيغي ميلون في أفريقيا، تتم دعوة الباحثين للمشاركة في ندوة اجتماع الفكر في الجامعة وهو تجمع عالمي سنوي للطلاب الجامعيين لعرض أعمالهم لجمهور أوسع من أعضاء هيئة التدريس والطلاب والمسؤولين الحكوميين وممثلي قطاع الأعمال. إن منتدى اينشتاين المستقبل وهو برنامج تخصصي في المعهد الأفريقي لعلوم الرياضيات في العاصمة الرواندية كيغالي والذي يهتم بأفضل العلماء والفنيين الشباب في أفريقيا - 40 % منهم من النساء – يوفر للمبتكرين الصاعدين فرصة عمل أبحاثهم الخاصة و إلهام الجيل المقبل من المفكرين العلميين.
لا يمكن القضاء على عدم المساواة التي تواجهها الفتيات والشابات في التعليم الأفريقي بين عشية وضحاها. لقد ذكرت ريبيكا وهي باحثة في مؤسسة ماستركارد من أوغندا بأنه «عندما كنت في مدرستي، كان الأولاد يقولون بأننا أنصاف رجال لأنه إذا كنتِ سيدة وتدرسين العلوم فإنكِ تعتبرين (نصف رجل)». ولكن أضافت ريبيكا بأن» كوني طالبة علوم منحني شعور بالرضا والسعادة»
إن أفريقيا تحتاج إلى مزيد من النساء اللاتي لديهن نفس مشاعر الحماس الموجودة عند ريبيكا لتخصصات «ستيم» ولضمان أن يظل العلم جذاباً للفتيات، يجب على المدارس والحكومات والصناعات التعاون لتثقيف المعلمين والموجهين وتخصيص التمويل لسد الفجوة بين الجنسين. وكما لاحظت ميراندا وهي باحثة أخرى في مؤسسة ماستركارد مؤخراً: «في الوقت الذي نحاول فيه إيجاد ابتكارات واختراعات جديدة لدفع الاقتصاد، أعتقد أن الرياضيات والعلوم هي في طليعة هذا التقدم» ونحن كمهنيات نعمل على تحسين التعليم الأفريقي لا يسعنا إلا أن نتفق بقوة مع هذا الطرح.

أميناتا غاربا: أستاذ مساعد في الهندسة الكهربائية وهندسة الكمبيوتر في جامعة كارنيجي

دوروثي نيامبي: نائبة الرئيس التنفيذي للمعهد الأفريقي لعلوم الرياضيات

هندرينا دوروبا: المديرة التنفيذية لمنتدى النساء الأفريقيات التربويات.