إجازات مشبوهة

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٣/ديسمبر/٢٠١٧ ١٣:٠٠ م
إجازات مشبوهة

انتهت قبل أيام إجازة العيد الوطني وإجازة المولد النبوي الشريف، والتي بدأت من يوم الأحد 3 ديسمبر، وحتى يوم الثلاثاء 5 ديسمبر بحيث بدأ الجميع بالعودة إلى العمل من يوم الأربعاء 6 ديسمبر لكافة المؤسسات والشركات بالقطاعين الحكومي والخاص، وطبعاً قبل هذه الإجازة كانت هناك إجازة نهاية الأسبوع وبالتالي استمتع الجميع بإجازة لمدة خمسة أيام، قام العديد منا في التحضير لها بشكل جيد فالبعض استمتع بقضائها لتعزيز السياحة الداخلية، والبعض منا خطط للسفر إلى الخارج أو للهدوء والاسترخاء حتى تكون الإجارة فترة رائعة لإعادة النشاط والحيوية والعودة إلى العمل والإنتاجية بأكثر نشاط وتركيز، ولكن للأسف البعض كان لهم رأي آخر بحيث أرادوا تكملة أيام الأربعاء والخميس من نفس الأسبوع مع باقي أيام الإجازة بطريقة غير صحيحة ولا شرعية من خلال التحايل والادعاء بالمرض بهدف طلب إجازة مرضية من العيادات أو المراكز الصحية بدون أي حق، ولا أدري كيف يفكر البعض في هذا الموضوع، ونحن في القرن الواحد والعشرين الذي يفترض أن تكون العقول قد تفتحت وأصبحت واعية بشكل كبير خاصة في مثل هذه الأمور التي تتعلق بالعمل والإنتاجية والانضباط والالتزام بالعمل والاهتمام بمصالح الزبائن والجمهور، لكن يبقى البعض حتى الآن غير مدرك لتداعيات مثل هذه التصرفات ويفكر بأسلوب وطرق قديمة يفترض أن تكون غير موجودة، واختفت من قاموس العمل بمختلف أنواعه وأشكاله.

في يوم الثلاثاء الفائت بتاريخ 5 ديسمبر، وقبل انتهاء الإجازة الرسمية قمت بزيارة إحدى المراكز الصحية المعروفة في محافظة شمال الباطنة لأخذ العلاج لاحد أفراد عائلتي، وأثناء وجودي مع الطبيب دخلت إحدى الأخوات لتعالج معه وتطلب إجازة مرضية ليومي الأربعاء والخميس فرد عليها الطبيب، وبشكل قاطع انه لا يستطيع إعطاء هذه الإجازة فحالة المريض لا تستحق أخذ إجازة، ولكن الأخت حاولت وتحدثت وشرحت في محاولة لأخذ الإجازة المرضية مع إصرار الطبيب بعدم إعطائها الإجازة المشبوهة، ليحدثني بعد ذلك الطبيب انه من الصباح وهو يجد العشرات من الموظفين بمختلف مستوياتهم يحضرون إلى المستشفى بداعي المرض فقط لأخذ الإجازة، وقال الطبيب: «للأسف الشديد سبّب لنا الإحراج والمضايقات ونستمع إلى كلام محرج من البعض، ولكن نحن مصرون على عدم إعطاء مثل هذه الإجازات غير الصحيحة خاصة وأن هناك اهتماماً كبيراً من كافة المؤسسات الحكومية والخاصة ومتابعة وتعاون كبير مع المراكز والعيادات الصحية بعدم إعطاء الإجازات المرضية إلا للأشخاص الذين يستحقونها فعلا ووقف كل الممارسات الخاطئة التي كانت تحدث والتي للأسف الشديد شكلت ظاهرة سيئة في مجتمعنا، وشارك فيها البعض من الأطباء أو العيادات والمراكز التي تنظر فقط لمصلحتها ولا تنظر للموضوع من أبعاده المختلفة».

إن هذا المشهد قد يكون قد تكرر في نفس اليوم في عدد من المراكز الصحية والعيادات الخاصة بمختلف المحافظات كمحاولة للبعض للحصول على الإجازة المرضية، وهذا للأسف الشديد كان متوقعاً حيث تناقل البعض بنوع من السخرية هذا الموضوع عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل بدء الإجازة الرسمية ولكن غير المتوقع والذي شكل لي صدمة كما حدثني الدكتور أن بعض الذين يطلبون الإجازات المرضية بغير حق هم من الموظفين الذين يفترض أن يكونوا قدوة للآخرين، وأن يكونوا على قدر من المسؤولية والتقدير والالتزام وفي مقدمتهم المعلمون ومديرو الدوائر وأقسام في بعض المؤسسات الحكومية والخاصة والبعض من المؤسسات العسكرية وغيرهم من مستويات ووظائف مختلفة، لذلك قامت العديد من المؤسسات وخاصة الحكومية ومن بينها وزارة التربية والتعليم والصحة بمتابعة هذا الموضوع وإرسال التعاميم الصارمة، والتي تشدد على عدم إعطاء مثل هذه الأنواع من الإجازات المرضية والتي تكون لها تداعيات وتأثيرات على مجالات العمل، وأيضا تعزز لثقافة خاطئة قد يتناقلها الشباب وللأسف الشديد تعطي انطباعاً ورسالة غير دقيقة عن التزام الموظفين العُمانيين وحرصهم على العمل في كافة الميادين والأعمال، ولكن قد يؤثر هؤلاء البعض ممن يقوم بهذه التصرفات الخاطئة على باقي زملائهم مما يجعلنا جميعاً من مسؤولين وإعلاميين وأفراد مجتمع أن يكون لدينا دور في التوعية وتوجيه هؤلاء البعض من الذين يقومون بهذه التصرفات، ويلهثون وراء أخذ الإجازات المرضية غير المشروعة وتعريفهم بالتأثير السلبي لمثل هذه التصرفات والحد منها.
نأمل من المؤسسات المعنية مثل وزارة الصحة أن تواصل جهودها في توجيه العيادات والمراكز الصحية سواء الحكومية أو الخاصة بعدم إعطاء الإجازات المرضية إلا للأشخاص الذين يستحقونها فقط والتصدي بكل حزم لكل الأشخاص الذين يطالبون بإجازات غير قانونية وغير شرعية وفرض غرامات على المراكز أو العيادات أو الأطباء الذين يقومون بإصدار مثل هذه الإجازات حتى نساهم جميعاً في الحد من هذه التصرفات السلبية، وتوعية الموظفين بهذا الموضوع من خلال التعاميم الداخلية التي تصدرها كل مؤسسة لموظفيها وتعريفهم بمواد قانون العمل العُماني الذي حدد كل الواجبات والحقوق والالتزامات وسلط الضوء على أنواع الإجازات القانونية التي تمنح للموظف سنوياً ومن بينها الإجازات الطارئة إضافة إلى الإجازات التي يحصل عليها الموظف في المناسبات الوطنية والدينية، فبعد ذلك لماذا يصر البعض على أخذ الإجازات غير القانونية ويعرض نفسه للإحراج والمساءلة القانونية؟!