سعيد الوهيبي
"لا يوجد مستحيل بالحياة،،، "أبو محمد" عمره 53 سنة، أخذ قرضا من البنك لبناء مشروع حياته ولم ييأس، وهو حاليا بالسجن لأن مشروعه فشل"، هذه فقرة من رسالة وصلتني من أحد الأصدقاء فأثارت في نفسي الكثير من التساؤلات. فكرت كثيراً قبل البدء بكتابة هذه السطور في حقيقة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ولمن وُضعت وكيف يمكن تحقيق الاستفادة منها، ولكن الإجابات التي حصلت عليها قد تكون مختلفة عما أجده على أرض الواقع.
إن فكرة المشاريع الصغيرة والمتوسطة تحظى باهتمام حكومي كبير لتمكين المبادرين من رواد الأعمال من التفرغ الكلي لإدارة مؤسساتهم لتكون مصدر رزقهم وضمان مستقبلهم، أو على الأقل أن يتفرغ جزئياً لإدارة المؤسسة وتعيين مدير عماني ليشرف على سير العمل أثناء انشغاله بالعمل بالمؤسسة الحكومية أو الخاصة، وبذلك سيوفر وظيفة لأحد الباحثين عن العمل الذين أنهكهم البحث والتنقل بين تلك المؤسسة والمؤسسة للحصول على فرص عمل تعينهم على تلبية متطلبات الحياة.
غير أن الواقع المؤسف يشير إلى أن هناك أكثر من 140 ألف مؤسسة صغيرة ومتوسطة مسجلة في السجل التجاري لوزارة التجارة والصناعة، وتعمل فعلياً بأسماء مواطنين عمانيين، غير أن من يدير معظمها ويجني أرباحها ـ في حقيقة الأمر ـ هم وافدون. فلو أن هذه المؤسسات تحولت إدارتها إلى القوى العاملة الوطنية أو على الأقل الإشراف المباشر عليها، لتمكنا من تجاوز وجود باحثين عن عمل والذين وصلت أعدادهم أكثر من مائة ألف باحث.
وبما أن معظم تلك المؤسسات لا يملكها سوى عمانيين بالاسم فقط، مقابل حصولهم على مبلغ بسيط يتقاضونه نهاية كل شهر، فالهدف من المشاريع الصغيرة والمتوسطة أصبح معكوساً، حيث يجني الوافد آلاف الريالات والمواطن يكتفي بالريع البسيط، والدولة تتحمل آثار خروج الأموال خارج حدودها، ولهذا لا نستغرب عندما نجد الكثير من أمثال "أبو محمد" ممن يفشلون في مشاريعهم لكون الأيدي العاملة الوافدة باتت تحتكر السوق أصلا، إضافة إلى تسرع البعض لافتتاح المشاريع الخاصة من دون دراسة متأنية في نوعية المشروع ومدى نجاحه أو حتى إلمامهم بأساليب الإدارة الناجحة.