المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.. مستقبل الاقتصاد

مؤشر الاثنين ٢٩/فبراير/٢٠١٦ ٠٠:٠٠ ص
المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.. مستقبل الاقتصاد

يولي حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ اهتماما بالغا لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ، وذلك للإدارك السامي بأهمية تلك المؤسسات ودورها الرائد في قيادة الاقتصاد الوطني نحو التنوع الاقتصادي، وما تشكله من قاطرة تجذب المزيد من الاستثمارات ، مما يزيد العائد الاقتصادي ،كما أنها تتسم بكونها بيئة جاذبة لفرص العمل، لتميزها بكثافة فرص العمل، إضافة إلى أنها تقوم بدور اقتصادي بارز في رفع القيمة المضافة لما تزخر به السلطنة من مواد أولية.
ومع هذا الاهتمام السامي لجلالته ـ أبقاه الله ـ بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة نجد أن الإتجاه الحكومي يتواءم مع التوجيهات السامية الكريمة، حيث يبرز الاهتمام والحرص بتلك المؤسسات مداه في الخطة الخمسية التاسعة (2016 ـ 2020)، التي تعتمد على سياسات فاعلة تسعى لتفعيل دور القطاع الخاص الريادي في دفع معدلات نمو الاقتصاد الوطني، عبر تحسين بيئة الأعمال والإسراع في تنفيذ برنامج تخصيص وتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة،وذلك تأكيدا لما انجزته الخطة الخمسية الثامنة (2011 ـ 2015) التي ركزت تركيزا كبيرا على تنمية قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ورفعت مساهمتها في الناتج المحلي بشكل ملحوظ ، وتعود التطلعات الحكومية لهذا القطاع الواعد، حتى يتسنى المزيد من توفير فرص العمل للقوى العاملة الوطنية، من خلال مواصلة تحسين البيئة الإستثمارية، ومواصلة دعم وتوفير بدائل تمويلية لتلك المؤسسات.
ولعل صندوق الرفد له دور بارز في تحقيق تلك الطموحات الحكومية، كونه أحد الممولين والداعمين لتلك المؤسسات، إلا أنه يلتزم رغم ذلك بالتوجيهات الحكومية ومرتكزات الخطة الخمسية التاسعة التي حددت خمس قطاعات واعدة، وركزت على تطوريها وتفعيل دورها في تحقيق القيمة المضافة للاقتصاد الوطني، عبر تطوير أكثر من 500 برنامج وسياسة يتم تنفيذها خلال فترة الخطة وهي الصناعة التحويلية، النقل والخدمات اللوجستية، والسياحة، والثروة السمكية، والتعدين بجانب القطاعات الأخرى الداعمة لهذه القطاعات الخمسة كالتعليم والصحة، وبيئة الأعمال، والشباب، والبيئة، لذا طور الصندوق من آلياته وشروطه للتواكب مع التغيرات العالمية ، جنبا إلى جنب مع مواكبة التوجيهات الحكومية، عبر إدارة واعية لمشاريع القيمة المضافة، وعدم الإكتفاء بالتمويل، بل تقديم الدعم والمساندة، وذلك حرصا بدوره الوطني الذي انشىء من أجله، خصوصا في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية، وأبرزها الإنخفاض الحاد في أسعار النفط، وما يمثله ذلك من ضغط حقيقي على اقتصاديات الدول المصدرة، مما يستدعي مضاعفة الجهود للوصول نحو تنويع اقتصادي يشكل مفتاحا لآفاق أرحب للأجيال القادمة.
إن التوجيهات السامية لمولانا حضرة صاحب الجلالة، وما يتبعها من سياسات حكومية وخطوات فاعلة، تعكس أهمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، يستلزم من كافة أطراف العمل بتلك المؤسسات سواء الجهات التمويلية أو الداعمة أو الحاضنة، وما يرتبط بعملها مع جهات أخرى حكومية وخاصة وإدراك اللحظة الفاصلة التي يمر بها الاقتصاد الوطني، والتي إذا احسن استغلالها ستجعل من قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة قطاعا يقود الاقتصاد الوطني ويشكل كلمة الفصل في تنافسية حقيقية تعود بالنفع على الوطن والمواطن، لكن يبقى الدور الأكبر على عاتق رائد أو رائدة الأعمال، فبجهدهم حقا يصنع الفارق، لذا عليهم قراءة الوضع الاقتصادي جيدا والتوجه نحو القطاعات التي ستجد صدىً ودعماً يتواكب مع الخطة الخمسية التاسعة ومع التوجهات الحكومية، إن أبناء عمان أصبحوا الآن يملكون القدرة والمقدرة على طرق أبواب التحدي، ويملكون من المؤهلات التي تساعدهم على اجتياز الصعاب، وسيجدون بعون الله المساعدة المطلوبة، فالسلطنة الآن تمر بأحد أبرز التحديات، لكننا نثق في السواعد العمانية التي شمرت في الماضي القريب وصنعت نهضة ستظل صفحة ناصعة في التاريخ، بقيادة حكيمة من لدن جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله وعاه ـ.