أي موضة أو بدعة جديدة لها معجبيها ومهووسيها ، خاصة إذا كانت غربية المنبع وتمتعت بقدر لا بأس به من الدعاية ، فبلادنا العربية عموماً أسواق مستهلكة تنتظر المزيد والمزيد مما يرمي به المنتجون في الغرب الينا ، لكي نشتري ونتسابق على الاقتناء ..
تلك السطور مقدمة ضرورية للحديث عن موضوع السيجارة والشيشة الالكترونية ، التي غزت أسواقنا منذ فترة وتم ترويجها بقوة بين الشباب ، بحجة أنها خالية من النيكوتين ولا تدمر الصحة مثل السجائر والشيشة العادية التي تعتمد على التبغ ، وتسابق الشباب على شرائها ربما بغرض الوجاهة أو استجابة لفضول الإستهلاك ، دون أن يتأكدوا من مدى خطورتها .
وقد تم إنتاج السيجارة الإلكترونية لأول مرة في الصين عام 2004 في الصين ثم بدأ تسويقها في العديد من الدول خصوصا عبر شبكة الإنترنت.
وهي عبارة عن أسطوانة في شكل سيجارة مصنوعة من المعدن، بها خزان لاحتواء مادة النيكوتين السائل بنسب تركيز مختلفة. ومع أنها تتخذ شكل السيجارة العادية إلا أنها تحتوي على بطارية قابلة للشحن ولا يصدر عنها دخان، وتعمل البطارية على تسخين سائل النيكوتين الممزوج ببعض العطور مما يسمح بانبعاث بخار يتم استنشاقه ليخزن في الرئتين.
ومثل اي سلعة جديدة تحتاج إلى أسباب لترويجها في الأسواق ، فقد تم ترويج هذا المنتج وبيعه بكميات ضخمة بين الشباب إعتماداً على عدة مغالطات منها الزعم بأنها وسيلة مضمونة للتوقف عن التدخين ، وأن منظمة الصحة العالمية توافق عليها وتضمنها ولهذا استخدموا شعار المنظمة في اغلب حملات الدعاية ..
رغم أن منظمة الصحة العالمية ذاتها أعلنت أنها غير مسئولة عن استخدام اسمها في الترويج لهذه المنتجات ، وأكدت أنه لم يتم حتى اليوم القيام بأية اختبارات علمية لاثبات نجاحها، بل وشكك خبراء بالمنظمة إمكانية أن تكون السوائل المستخدمة عالية التسمم!!!
وبلغ الأمر حد أن يسعى عدد كبير من المدخّنين إلى الإقلاع عن التدخين باستخدام ما يعرف بـ"الشيشة أو السجائر الإلكترونية" كبديل عن تدخين التبغ العادي ، وفى محاولة لترويجها يقول بائعوها إن الشيشة الإلكترونية لا تحتوى على المواد السامة والمسرطنة الموجودة فى الشيشة العادية مثل "القطران وأول أكسيد الكربون"، وهذا يجعلها صحية، ويقولون إن الدخان الناتج منها لا يؤذى المدخّنين ولا الأشخاص الجالسين بجوارهم لأنه عبارة عن بخار وليس دخان، ولكن "الشيشة الإلكترونية" أو كما يطلق عليها "الشيشة الصحية" ليست صحية بالمرة، لأن مكوناتها لا تخلو من العديد من المواد الكيميائية غير خاضعة للأبحاث التى قد تؤدى إلى الإضرار بصحة الإنسان.
الأطباء حسموا الأمر بالتأكيد على أن المواد الكيمائية في هذه المنتجات لم يتم دراسة مدى خطورتها على صحة الإنسان، كما أن كميات المواد المضرة التى يتعرض لها المدخن من تدخينه للشيشة الإلكترونية غير معلومة ولا محدد أضرارها، ولا توجد معلومات أو دراسات تثبت عدم حدوث الضرر على صحة الإنسان. وأشار إلى أنها تحتوى على بعض "النيكوتين" وهذا مضر كما هو الحال فى الشيشة العادية، حتى لو كان بنسبة أقل بكثير، ولكن يمكن أن تكون أقل ضررا من الشيشة العادية لأن الدخان الناتج منها عبارة عن بخار ماء وليس دخان!!
ومنذ تسربت هذه المنتجات إلى أسواقنا وهناك محاولات للتحذير من خطورتها ، وخاصة من قبل وزارة الصحة متمثلة في اللجنة الوطنية لمكافحة التبغ بالسلطنة ، إلا أن الهيئة العامة لحماية السمتهلك حسمت الأمر أخيراً ، حيث أصدر الدكتور سعيد بن خميس الكعبي رئيس الهيئة العامة لحماية المستهلك قراراً بحظر تداول السيجارة والشيشة الإلكترونية، وسحب الكميات الموجودة منها في الأسواق بالسلطنة ،ومعاقبة كل من يخالف هذا القرار بغرامة إدارية مقدارها 500 ريال عماني ، وتضاعف الغرامة في حال تكرار المخالفة، وفي حال استمرار هذه المخالفة تفرض غرامة إدارية مقدارها 100 ريال عماني عن كل يوم تستمر فيه المخالفة ، على ألا يزيد مجموعها على 2000 ألفي ريال عماني .
وهو قرار جاء في وقته المناسب ليكمل الجهود العمانية الساعية للحد من انتشار التدخين والعادات الضارة ، للحفاظ على الهواء نقي بدون تلوث ولعدم الإضرار بصحة الآخرين ، فليست كل موضة جديدة جيدة أو مناسبة لنا ، بل ان أغلب هذه الموضات لاتهدف الى شئ سوى استنزاف الأسواق وحصد الملايين ، وليس مهماً إن كان لها اثار ضارة أم لا ...