تنمــي عـقل الأطفال وابتكـاراتهــم الألعاب التركيبية

مزاج الأحد ٢٨/فبراير/٢٠١٦ ٢٣:١٥ م
تنمــي عـقل الأطفال وابتكـاراتهــم

الألعاب التركيبية

الرستاق - سهام محمد الحنظلية

يجمع المختصون والمهتمون بعالم الطفولة على أهمية البحث عن أساليب تطوير تفكير الطفل الإبداعي ففي السنوات الأخيرة ظهرت العديد من الأبحاث والنظريات والألعاب التي تركز في مجملها على تنمية حس الابتكار والتفكير الإبداعي لدى الطفل، ومن بين تلك الألعاب التي تحرص الكثير من الأسر على شرائها الألعاب التركيبية كالمكعبات وإكمال الصورة الناقصة والكلمات المتقاطعة وغيرها الكثير.

ويؤكد المختصون بالجانب التربوي وتنمية الموارد البشرية، وأصحاب رياض الأطفال، وعدد من الآباء والأمهات على أهمية مثل هذه الألعاب في حياة الأطفال؛ وإسهامها في دعم الصحة النفسية والجسدية والعاطفية والاجتماعية لديهم، فهي تسمح لهم بتنمية وتطوير مداركهم وإبداعاتهم وتطوير مخيلتهم وتنمية مهاراتهم الجسدية والمعرفية والانفعالية. فالألعاب التركيبية من الألعاب يجب أن تكون حاضرة في كل بيت؛ فهي مهمة لتطور عقل الطفل وتساعد في نضج الطفل عصبياً، ونمو القدرات العقلية المساعدة على التحصيل المعرفي، واكتساب الخبرات من خلال النشاط المتوفر في كل لعبه. تقود هذه الألعاب الطفل من عالم صغير التفكير إلى عالم أشمل وأوسع وأدق في التفكير الذي يساعده في التميز والابتكار مستقبلا. وفي هذا السياق يقول الأستاذ طلال بن حمد الرواحي مستشار ومدرب في التنمية البشرية «تكمن أهمية الألعاب التركيبية بأنها جانب ترفيهي للطفل، وبالتالي توظف هذه الألعاب في تعليم الطفل. وتعدُّ أيضا هذه الألعاب أكثر أهمية عن غيرها؛ لأنها تساعد الطفل على نمو حواسه ومدركاته».
ويقول يوسف بن درويش العامري المدرب الدولي المعتمد: الألعاب التركيبية مهمة جدا في حياة الطفل، حيث تنمي مهاراته وقدراته العقلية. وكذلك تعمل على تشغيل مدارك الطفل العقلية وتنمي لديه التفكير العميق لإيجاد الحلول المناسبة.
في حين يؤكد الرئيس التنفيذي لشركة تكنولوجيا التعليم التفاعلي مروان بن سالم الخياري أن وجود ألعاب التركيب من ضمن الألعاب التي يقتنيها الأطفال يعد جزءاً مهماً، فالطفل هنا يستخدم عامل المصادفة في اللعب، فهو يضع الأشياء بجوار بعضها من غير خطة مسبقة، وإذ مثلت نموذجا مألوفا لديه فإنه يبتهج لما حققه، ومع نمو الطفل، تنمو قدرته على التمييز بين الواقع والخيال. ثم يصبح اللعب أقل إيهامية وأكثر بنائية، ويختلف الأطفال في قدراتهم على البناء والتركيب.
وتوافق صاحبة حضانة ألوان بنزوى فوزية بنت محمد التوبية مروان الخياري في رأيها، حيث تقول: هناك أهمية كبيرة لمثل هذه الألعاب فهي تنمي قدرة الطفل على التركيب والبحث عن حلول وبدائل متنوعة للمشاكل التي يتعرض لها أثناء اللعب. كما يرى طلال بن علي الكلباني المشرف العام على مركز الطفل العبقري أن الألعاب التركيبية تنمي الخلايا العقلية التفكيرية، ويدرك مع الوقت قيمة الحواس الخمس التي منحها الخالق له.

توجيه وتحفيز

تشكل الألعاب التركيبية منهجا تعليميا تكسب الطفل القدرة على التفكير الصحيح وتعزز ثقته بنفسه في مواجهة مصاعب الحياة مستقبلا. كذلك تقوم بتحفيز وظائف الدماغ لدى الطفل منذ الصغر وحتى الكبر.
يعقوب بن خلفان الخايفي (مؤسس مركز البيان للألعاب والوسائل التعليمية للأطفال) يرى أن الألعاب التركيبية تعمل على صقل شخصية الطفل وتوجيه طاقته الجسدية والعقلية فيما هو مفيد، وكذلك تنمية مهارات التواصل والتفاعل مع محيطة من خلال اللعب الجماعي مع أقرانه.
تقول رحاب قاسم رئيسة مركز تنمية المواهب: هذه الألعاب تنمي الحس الإبداعي لدى الطفل، وترفع لديه من مستوى الثقة عند إتمام مجسم أو شكل محدد وكذلك تسهم في تعلمه الألوان والأشكال، وأيضا تنمي روح التعاون والتواصل عند اللعب الجماعي مع غيره من الأطفال.

مهارات متنوعة

الألعاب التركيبة تساعد الطفل على اكتساب مهارة البحث عن البديل والحلول من خلال فك اللعبة وإعادة تركيبها بطرق متعددة، وذلك يساعده على تحريك وتنشيط عمل خلايا الدماغ، حيث يؤكد العامري بأن هناك علاقة كبيرة وعميقة بين الألعاب التركيبية وذكاء الطفل، فهمي تنمي الذكاء وخاصة الذكاء الخيالي، وكذلك تبني مهارات التخيل والتركيب وتقوي في العقل خاصية الإبداع، وأيضا تدرب العقل على تقوية المهارات الهندسية فيه.

تنوع في المضمون والفائدة

تتنوع هذه الألعاب عند الأطفال من حيث شكلها ومضمونها وطريقة ممارستها، وهذا التنوع يعود إلى الاختلاف في مستوى التفكير عند الطفل في مراحله العمرية، كل لعبة تعود بفائدة مميزة يتلقاها الطفل أثناء ممارسته لها، مثلا ألعاب العد والحساب تعد من أكثر أموار الألعاب التركيبية التي تزيد من ذكاء الأطفال، حول هذا المحور تقول المشرفة على الألعاب التركيبية بمركز العبقري هناء بنت سليمان الأغبرية: لعبة الصور المتقطعة وتحريك الأرقام مع العنصر وكذلك لعبة الأشكال الهندسية مع الألوان هي أكثر أنواع الألعاب التركيبية التي تزيد من ذكاء الطفل.
كما يقول الكلباني: ليست كل الألعاب التركيبية بمتناول أيدي الأطفال، فبعض منها معقدة لهم، في حين أن لعبة المكعبات هي أكثر أنواع الألعاب التركيبية التي تزيد من ذكاء الطفل؛ لأنها تحتوي على جميع الألوان مع الأشكال وأحيانا تحتوي على الأرقام والعمليات الحسابية فهمي تجمع أكثر من غرض في لعبة واحدة.
يخالفه الرأي الرواحي قائلا: أعتقد بأن كل لعبة تكمل الأخرى، ولا توجد هناك لعبة أفضل من لعبة أخرى، فمثلا ألعاب الصلصال تساعد الطفل على تفريغ طاقته السلبية وبالتالي تنمي لدية الطاقة الإيجابية والذكاء، في حين أن لعبة المكعبات تساعد على الابتكار. بالتالي أجد كل أنواع الألعاب التركيبية مهمة للطفل وتزيد من ذكائه.

وسائل للتعليم

المعلم يؤدي دوراً رئيسيا في توجيه الأطفال نحو التفكير الإبداعي داخل قاعة التدريس، لذا ينبغي استخدام نماذج واستراتيجيات متنوعة مثل الألعاب التركيبية لتسهيل وتبسيط الدرس لدى الطفل، فالطفل بطبيعته كثير الحركة، ويجب أن يشتغل المعلم حركة الطفل في توصيل المنهج له عن طريق لعبه تركيبية مرتبطة بالمنهج. لا يجب أن يكون هدف التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة حشو دماغ الطفل بحقائق مأخوذة عن دراسات متعلقة بمرحلة ما قبل المدرسة، ولكن يجب أن يكون بتعزيز الرغبة بالتعلم. حتى نزيد من هذه الرغبة يجب أن ننوع في استخدام أساليب جديدة وممتعة مثل لعبة العداد في منهج الرياضيات، وتكون بمثابة متنفس للطفل من عالم معتمد على التلقين عن طريق الكلام إلى عالم أكثر نشاط وفهم، حول هذه النقطة توضح رحاب قاسم رأيها قائلة: من الضروري إدخال من هذه الألعاب ضمن المنهج الدراسي الذي تتبعه مدارس الأطفال لما لها من أهمية وفوائد للطفل، حيث ينمي عقل الطفل منذ وقت مبكر ليكون لديهم بصمة في خدمة وطنهم سواء بالابتكارات التي سيقدمونها أم المشاريع العلمية التي سيطرحونها.
وتقول الوهيبية: من الممكن استخدام هذه الألعاب في المنهج الدراسي وذلك لزيادة قابلية الطفل للتعلم، ومن جانب آخر لإيصال مفهوم معين للطفل من خلالها حتى تكون هناك سهولة للطفل لتذكر ما يتعلمه وربطه بالواقع.

جيل مبتكر

أكدت دراسات النمو المعرفي على أن أصل الذكاء الإنساني يكمن فيما يقوم به الطفل من أنشطة حسية حركية خلال المرحلة المبكرة من عمره -وهي المرحلة التي يمر بها طفلك- بما يعني ضرورة استثارة حواسه الخمسة (السمع – البصر – اللمس – الشم – التذوق)، إضافة لضرورة ممارسة الأنشطة الحركية، ولعل هذا يتفق مع ما قاله رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «عراقة الصبي في الصغر ذكاء له في الكبر». لذلك إن وجود الألعاب التركيبية في حياة أطفالنا أصبح شيئا مهماً يحرص عليه الكثير من التربويين، لإيجاد جيل مبتكر ومبدع، حيث تسهم مثل هذه الألعاب في صقل شخصية الطفل وتعزيز ثقته بنفسه والإصرار على تحقيق ما يريد، فكل لعبة منها تحمل مفهوم وهدف معين للرقي بفكر الطفل نحو الإبداع والابتكار، ولا يجب أن ينصب اهتمامنا بلعبة دون الأخرى وإنما كل لعبة مكملة للأخرى. فإن كنت مهتما بطفلك وتنمية فكره، فاختر له ألعابا تقوي نشاطه الفكري وتعزز من قدرته العقلية لتصنع منه شخصاً مفكراً مبتكراً قادراً على خدمة وطنه وتكون له بصمته الخاصة في المستقبل.