مطار حمد الدولي تمنيت أن يطول الانتظار

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٣٠/نوفمبر/٢٠١٧ ١٢:٠٥ م
مطار حمد الدولي تمنيت أن يطول الانتظار

محلات بألوان براقة تأخذك إلى سقف مفتوح من الرقي الباذخ الجمال، ماركات عالمية شهيرة جاءت زائرة فاستقرت واستوطنت ونعمت مقاما، مطاعم فخمة تمنح جسدك المزيد من العمر المفعم بالصحة والعافية وثقافة أطعمة قلما نلتفت إليها، مطار حمد الدولي يمنحك جرعة من هذه الثقافة، مقاه رائعة لا تملك أمامها إلا أن تضع الورقة والقلم وتكتب قصيدة غزل في قطر، مساحات شاسعة ومريحة وكأنك في مدينة تحتضن أحلامك وذكرياتك وما تبقى من حياتك وأمنياتك المحصورة في حقيبة يدك.

تستقبلك دمية عملاقة مذهلة تتوسط المطار بتكلفة بلغت 6 ملايين دولار، أصبحت مزارا سياحيا تضيء أمامها عدسات التصوير وكأنها أغنية من الزمن الجميل، فهي ليست مجرد دمية، إنها رمز للترحاب وصورة سياحية، وتأمل للصناعة وإبداع في الفكرة وابتكار في النموذج.
تلمع لوحة محل هارودز براقة، أقف أمامها مذهولة كعلامة تعجب، أعود إلى عام 1834 سنة التأسيس، أرى أطياف شارلي شابلن واوسكار وايلد وفرويد وهي تتسوق من هارودز، فقد كانوا من زبائن المحل العريق الذي أسسه شارلز هارود ببضع جنيهات إسترلينية ليرتفع سعره إلى بليون ونصف دفعتها قطر لشراء هارودز المتكئ بثقة على 160 سنة من عمره العريق، أبتسم وأنا أدخل هارودز، كما قال مالكه السابق محمد الفايد: هارودز مكان مميز يمنح الناس السعادة.
يتجول نظرك في مطار حمد الدولي، ترى غرف النوم المريحة لمن تتأخر طائرته في الإقلاع، وأجهزة تلفزة لمن أراد أن يتابع أخبار العالم ومسلسلاته وبرامجه، ألعابا متعددة للأطفال الذين يلهون في سعادة مطلقة، ويغذي فكرك معرض للفنون يمنحك ثقافة واطلاعا، في مطار حمد الدولي تشعر انك تسافر إلى عدة دول وعوالم في مكان واحد.
الانتظار في مطار حمد الدولي أروع أنواع الانتظار، المنتظر يعشق الانتظار، تأخذك قدماك إلى أشهر مطاعم العالم ومقاهيه المحرضة على الإبداع، تتناول غدائك في مطعم مارشيه، وتتذوق سكر الدنيا في جاموتشا كافيه، تشرب القهوة الإيطالية إلكترا العريقة في مقهى القطف، تتناول حساء ريسوتو في المطعم الإيطالي سوبرا فينو أو تتناول سلطة نيس وشطيرة كروك مسيو في مطعم جراند كومبتوير.
مطار حمد الدولي ذو السجاد الفاخر والتوزيع المتناسق للبوابات، وتوافر جميع الخدمات، بتكلفة بلغت 17 بليون دولار، تجعلك تسرح في عالم من الخيال الذي يجعل طائرتك تغادر عنك وأنت لا تزال في بداية حلم لا ينتهي مداه، أحلامك تصبح متناسلة وكل حلم يؤدي بك إلى مهاوي السعادة المطلقة، فتفضل غزو ثغرات الجمال على أن تركب طائرتك.
مدرجات المطار تستقبل 80 طائرة في الساعة، تأتي لتكتشف دولة قطر الشامخة في زهو مجيد، الحمد لله بجمال الله، الزاهية في ألوان الفرح، تشعر انك قد رأيت الجنة وأقدامك لا تزال على الأرض، قطعة من ثوب ثمين، مخمل من عاصفة، جنون التطور، وردة تعيش لمليون عام، هذه قطر.
بشر من جميع الأجناس والدول يزورون قطر، وكأن القلب البشري يخفق بالحنين إلى أرض قطر فيعود إليها رغم ولادة الجغرافيا، تماما كالسلحفاة التي تضع بيوضها وتغادر وبعد الفقس تهرول الأجنة إلى أمها البعيدة في المحيطات الشاسعة، مطار يمنحك لحظة صفاء روحية وفرصة تأمل عميقة ومتعة تسوق سعيدة وفنجان قهوة مفخخا بالإبداع، ينتقل بك من حلم إلى أحلام متناسلة لا تنتهي، إذ لا حدود لسقف الحلم في قطر، 30 مليون زائر سنويا تمشي أقدامهم مترفة بالرقي على أرضية لوحة جمالية في مطار حمد الدولي.
قطر، دولة تتماوج فيها البراءة، يتشبث فيها الجمال، تستوطن كل الزهو الملون بالفرح والهناء، شعب يعلمك أن تعشقه، تتنفسه، ثم يسكن على مدخل شريان القلب ويصبح حارسا للمحبة، ويستوطنك حب قطر حتى النخاع، كنت أتمنى أن يطول الانتظار في مطار حمد الدولي.