الحناء السوداء.. زينة مؤقتة وتشوه دائم

بلادنا الخميس ٣٠/نوفمبر/٢٠١٧ ٠٢:٣٥ ص
الحناء السوداء.. زينة مؤقتة وتشوه دائم

مسقط -ش

تُعدّ‭ ‬الحناء‭ ‬من‭ ‬العادات‭ ‬العربية‭ ‬المتوارثة‭ ‬عند‭ ‬العرب‭ ‬كما‭ ‬تُعدّ‭ ‬من‭ ‬العادات‭ ‬العُمانية‭ ‬التي‭ ‬تستخدمها‭ ‬النساء‭ ‬للزينة‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬أو‭ ‬الدينية‭.‬ وتُزرع‭ ‬شجرة‭ ‬الحنّاء‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬محافظات‭ ‬السلطنة‭ ‬وتستخدم‭ ‬منذ‭ ‬القدم‭ ‬لعدة‭ ‬أغراض‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬النقش‭ ‬على‭ ‬اليدين‭ ‬والرجلين،‭ ‬وصبغ‭ ‬الشعر،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأغراض‭ ‬التي‭ ‬تستأثر‭ ‬بها‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬الغالب. ‬ونظراً‭ ‬لتعدد‭ ‬استخداماتها‭ ‬فقد‭ ‬تحوّلت‭ ‬نبتة‭ ‬الحناء‭ ‬إلى‭ ‬سلعٍ‭ ‬متنوعة،‭ ‬ومنتجات‭ ‬متعددة؛‭

‬حيث‭ ‬تتنافس‭ ‬الشركات‭ ‬في‭ ‬إضافة‭ ‬المواد‭ ‬التي‭ ‬تجعلها‭ ‬أكثر‭ ‬قبولاً‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬بقائها‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة‭ ‬أو‭ ‬اختلاف‭ ‬درجات‭ ‬ألوانها‭.

‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬المنتجات‭ ‬الحنّاء‭ ‬السوداء‭ ‬التي‭ ‬يُضيف‭ ‬إليها‭ ‬بعض‭ ‬المواد‭ ‬غير‭ ‬الطبيعية‭ ‬تجعلها‭ ‬خطرا‭ ً‬على‭ ‬بشرة‭ ‬مُستخدميها‭ .‬صفحة‭» ‬المستهلك‭ «‬لهذا‭ ‬الأسبوع‭ ‬تسلط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬الهيئة‭ ‬العامة‭ ‬لحماية‭ ‬المستهلك‭ ‬رقم‭ ‬393‭/‏‬2017‭ ‬بشأن‭ ‬حظر‭ ‬استخدام‭ ‬منتج‭ ‬الحناء‭ ‬السوداء،‭ ‬وآراء‭ ‬مختصين‭ ‬ومستهلكين‭ ‬حوله‭.‬

في‭ ‬البداية‭ ‬يقول‭ ‬هلال‭ ‬بن‭ ‬سعود‭ ‬الإسماعيلي‭ ‬مدير‭ ‬دائرة‭ ‬تنظيم‭ ‬ومراقبة‭ ‬الأسواق‭ ‬بالهيئة‭ ‬العامة‭ ‬لحماية‭ ‬المستهلك‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬يؤكد‭ ‬استمرار‭ ‬جهود‭ ‬الهيئة‭ ‬في‭ ‬الرقابة‭ ‬على‭ ‬المنتجات‭ ‬التي‭ ‬تضر‭ ‬بصحة‭ ‬المستهلكين،‭ ‬موضحاً‭ ‬بأن‭ ‬الهيئة‭ ‬سباقة‭ ‬في‭ ‬منع‭ ‬منتج‭ ‬الحناء‭ ‬السوداء؛‭

‬حيث‭ ‬أصدرت‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2012‭ ‬قراراً‭ ‬بحظر‭ ‬تسويقه‭ ‬وتوزيعه‭ ‬بكل‭ ‬أنواعه‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬المنازل‭ ‬أو‭ ‬المحلات‭ ‬نظراً‭ ‬لاحتوائه‭ ‬على‭ ‬مادة‭ (‬ppd‭)‬ الصبغية‭ ‬التي‭ ‬تسبب‭ ‬الحساسية‭.‬

وأكد‭ ‬الإسمــــاعيلي‭ ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬يلتزم‭ ‬التجار‭ ‬والمــــــوزعون‭ ‬بقرار‭ ‬الحظر‭ ‬تجنباً‭ ‬للإجراءات‭ ‬القانونية‭ ‬وكذلك‭ ‬حفاظاً‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬المستهلكين‭.

آثار‭ ‬سلبية‭

استطلعنا‭ ‬آراء‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬لمعرفة‭ ‬مدى‭ ‬الوعي‭ ‬بخطورة‭ ‬الحناء‭ ‬السوداء‭ ‬واستخدامها‭ ‬لدى‭ ‬عموم‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬السلطنة،‭ ‬حيث‭ ‬تقول‭ ‬خالصة‭ ‬المقبالية‭ :‬نلاحظ‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬كثرة‭ ‬استخدام‭ ‬الحناء‭ ‬السوداء‭ ‬وتفضيل‭ ‬الفتيات‭ ‬لها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الحناء‭ ‬الطبيعي‭ ،‬لكن‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬انتشر‭ ‬عن‭ ‬خطورة‭ ‬استخدامها‭ ‬لما‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬سلبية‭ ‬على‭ ‬الجـــــــلد‭ ‬والشعر‭‬، ‭‬أما‭ ‬عن‭ ‬استـــــــخدامي‭ ‬لها‭ ‬فــــــقد‭ ‬استـــخدمتها‭ ‬مرتين‭ ‬ولله‭ ‬الحمد‭ ‬لم‭ ‬تترك‭ ‬أي‭ ‬أثر‭ ‬أو‭ ‬تقرحات،‭ ‬أما‭ ‬قريـــــــباتي‭ ‬فتعرضن‭ ‬لحساسية‭ ‬في‭ ‬الجلد‭ ‬الخفيف.

‭ ‬واتضح‭ ‬أن‭ ‬السبب‭ ‬هو‭ ‬الحناء‭ ‬السوداء،‭ ‬وللأسف‭ ‬الشديد‭ ‬أغلبنا‭ ‬لا‭ ‬يعي‭ ‬مدى‭ ‬خطورة‭ ‬هذه‭ ‬الحناء‭ ‬ومكوناتها‭ ‬ولا‭ ‬يصدق‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬قلنا‭ ‬إنها‭ ‬مضرة‭‬، ‭‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬للهيئة‭ ‬العامة‭ ‬لحماية‭ ‬المستهلك‭ ‬جزيل‭ ‬الشكر‭ ‬على‭ ‬منعها،‭ ‬وندعوها‭ ‬أن‭ ‬تكثف‭ ‬حملاتها‭ ‬التوعوية‭ ‬للنساء‭ ‬عبر‭ ‬منشورات‭ ‬تبيّن‭ ‬سبب‭ ‬المنع‭ ‬ونشرها‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬والصالونات‭ ‬والمستشفيات،‭ ‬وعمل‭ ‬مواد‭ ‬علمية‭ ‬ومقاطع‭ ‬مرئية‭ ‬توضح‭ ‬مدى‭ ‬خطورة‭ ‬هذا‭ ‬المنتج‭ ‬وآثاره‭ ‬السلبية،‭ ‬وكذلك‭ ‬إقامة‭ ‬محاضرات‭ ‬وندوات‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬والمستشفيات،‭ ‬والتواصل‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬الأوقاف‭ ‬والشؤون‭ ‬الدينية‭ ‬للاتفاق‭ ‬مع‭ ‬المرشدات‭ ‬الدينيات‭ ‬على‭ ‬توعية‭ ‬المجتمع‭ ‬بمدى‭ ‬تأثيراته‭ ‬السلبية،‭ ‬والأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬المراقبة‭ ‬المستمرة‭ ‬على‭ ‬الصالونات‭ ‬وأماكن‭ ‬البيع‭ ‬ومراقبة‭ ‬المواد‭ ‬المستوردة‭ ‬ومعاقبة‭ ‬من‭ ‬يستورد‭ ‬هذه‭ ‬المواد‭. ‬

أما‭ ‬مزون‭ ‬العيسائية‭ ‬فتوضح‭ ‬رأيها‭ ‬قائلة‭:‬ «معرفتي‭ ‬بالحناء‭ ‬السوداء‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬جيدة‭ ‬لتجربتي‭ ‬لهذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الحناء،‭ ‬وسبق‭ ‬أن‭ ‬تعرضت‭ ‬لتجربة‭ ‬سيئة‭ ‬نتج‭ ‬عنها‭ «‬حروق» ‬متوسطة‭ ‬وأخذت‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬حتى‭ ‬تخلصت‭ ‬من‭ ‬آثارها،‭ ‬وأرى‭ ‬أن‭ ‬قرار‭ ‬الحظر‭ ‬في‭ ‬محله‭ ‬وللمصلحة‭ ‬العامة،‭ ‬خصوصاً‭ ‬وأن‭ ‬الفتيات‭ ‬ليس‭ ‬لديهن‭ ‬الوعي‭ ‬الكافي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع،‭ ‬وأنصح‭ ‬بعدم‭ ‬استخدام‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬واستبداله‭ ‬بالحناء‭ ‬العربية‭ ‬الطبيعية»‭.‬

نشرات‭ ‬تثقيفية

وتذكر‭ ‬بشائر‭ ‬الشبلية‭ ‬بأنها‭ ‬سمعت‭ ‬بأنه‭ ‬يسبب‭ ‬ابيضاضا‭ ً‬لخلايا‭ ‬الدم‭ ‬الحمراء‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يسمّى‭ ‬بسرطان‭ ‬الدم،‭ ‬وتقول‭ ‬إنها‭ ‬تعرف‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬بمنعه‭ ‬في‭ ‬صالونات‭ ‬التجميل‭ ‬وامتنعت‭ ‬عن‭ ‬استخدامه،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تؤيد‭ ‬قرار‭ ‬الهيئة‭ ‬لما‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬إيجابيات‭ ‬للمصلحة‭ ‬العامة،‭ ‬وتتوقع‭ ‬أن‭ ‬المستهلكات‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬لديهن‭ ‬الوعي‭ ‬الكافي‭ ‬حيث‭ ‬إنهن‭ ‬ما‭ ‬زلن‭ ‬يضعن‭ ‬الحناء‭ ‬السوداء،‭ ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬مــــــن‭ ‬التوعية‭ ‬بنشرات‭ ‬تثقيفية‭ ‬عبر‭ ‬وســــــائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬أو‭ ‬مطبوعات‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬منع‭ ‬بيعه‭ ‬ووضعه‭ ‬في‭ ‬الصالونات‭ ‬وتطبيق‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬المخالفين‭. ‬
أما‭ ‬المستهلكة‭ ‬مروة‭ ‬التوبية‭ ‬فتوضح‭ ‬رأيها‭ ‬بقولها‭:‬ أنا‭ ‬مع‭ ‬قرار‭ ‬الهيئة،‭ ‬وهذا‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬حرصها‭ ‬واهتمامها‭ ‬بالمستهلكين،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬بل‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬الخدمات‭ ‬المقدمة. ‭ ‬

وما‭ ‬يحتاج‭ ‬إليه‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬والنساء‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬هو‭ ‬التوعية‭ ‬اتجاه‭ ‬المواد‭ ‬الكيميائية،‭ ‬ولا‭ ‬نعلم‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤثر‭ ‬عليه‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬البعيد،‭ ‬وجميل‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬الهيئة‭ ‬تبث‭ ‬الوعي‭ ‬بكيفية‭ ‬تأثير‭ ‬هذه‭ ‬المواد‭ ‬على‭ ‬الإنسان،‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬المادة‭ ‬بالتحديد‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬الجلد‭ ‬والتأثير‭ ‬السلبي‭ ‬لهذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الحناء‭. ‬
وكان‭ ‬لأميرة‭ ‬الجهضمية‭ ‬رأي‭ ‬آخر‭ ‬حيث‭ ‬تقول‭ ‬بأن‭ ‬قرار‭ ‬الهيئة‭ ‬يؤخذ‭ ‬في‭ ‬الحسبان،‭ ‬لكنها‭ ‬تجد‭ ‬أن‭ ‬الحناء‭ ‬السوداء‭ ‬أجمل‭ ‬من‭ ‬الحمراء،‭ ‬وأحيانا‭ ‬كفتها‭ ‬تكون‭ ‬ملائمة‭ ‬أكثر‭ ‬على‭ ‬حسب‭ ‬المناسبة.
‬موضحة‭ ‬بأنها‭ ‬لاحظت‭ ‬أن‭ ‬الصالونات‭ ‬ترفض‭ ‬كثيراً‭ ‬وتخاف‭ ‬عندما‭ ‬تطلب‭ ‬منهم‭ ‬الحناء‭ ‬الأسود‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬إقفال‭ ‬المحل،‭ ‬مؤكدة‭ ‬بأنها‭ ‬لم‭ ‬تتعرض‭ ‬لمشكلة‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬استخدامها‭ ‬له‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭.‬ وتوضح‭ ‬نسيبة‭ ‬الخميسية‭ ‬بأنها‭ ‬لا‭ ‬تتعـــــــارض‭ ‬مع‭ ‬قرار‭ ‬الهيئة‭ ‬وتعلم‭ ‬بأنه‭ ‬جاء‭ ‬لصالحهن،‭ ‬وأنها‭ ‬لا‭ ‬تستخدم‭ ‬الحناء‭ ‬السوداء،‭ ‬بل‭ ‬عـــــــوضاً‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬تقوم‭ ‬بخلط‭ ‬صبغة‭ ‬للشعر‭ ‬وملئها‭ ‬في‭ ‬مخاريط‭ ‬للحناء‭ ‬ورسمها‭ ‬على‭ ‬اليد‭ ‬وتكون‭ ‬النتيجة‭ ‬رائعة‭.‬