نثمن عالياً شجاعة «الشورى»

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٩/نوفمبر/٢٠١٧ ٠٤:٠٧ ص
نثمن عالياً شجاعة «الشورى»

علي بن راشد المطاعني

أزاح بيان مجلس الشورى حول تسريب مشروع الميزانية العامة للدولة الكثير من الغموض الذي اكتنف الممارسة التي أفضت إلى ذلك الجدل الذي أمسى حديث المجتمع في الأيام الفائتة والخاص بالتسريبات حول مشروع ميزانية العام المقبل 2018.

إذ إن المتفق عليه مع الوزير المسؤول عن الشؤون المالية هو أن الجلسات سرية كأمر طبيعي في هذه المرحلة حتى يتم الوصول للقواسم المشتركة ومن ثم تحريك الملف للجهات الأعلى حسب الترتيبات الروتينية والإدارية المعروفة برلمانيا.
البيان الذي أصدره المجلس الموقر حول هذا الأمر يوضح تحليه بالشجاعة الكافية إزاء الاعتراف بالخطأ الذي وقع، وهذه نقطة تحسب له لا عليه بالتأكيد، وهذا درس يقدمه المجلس عن طيب خاطر لكل الأجهزة والمؤسسات بالدولة في حالة وجود خطأ ما، فأولى خطوات المعالجة من ناحية عامة هو الاعتراف بالخطأ، إذ إن الشائع قوميا هو الاحتماء بـ (التبرير) وعندها فإن معالجة الخطأ تغدو بعيدة المنال.
ومن المعاني التي قمنا باستلهامها من بيان المجلس رسالة واضحة لنا وللناس مفادها أن المجلس وأعضاءه ليسوا فوق القانون، وأن النشوة التي قد تعتري البعض إذ هو عضو برلماني يشار إليه بالبنان لن تقف حائلا أمام تحقيق بشريته وآدميته وإذ هو يخطئ ويصيب، وعندما يخطئ يعود من تلقاء نفسه لنفسه ليدرك تلقائيا أن القانون هو الذي ينبغي الاحتكام إليه، وهو الأساس والفيصل خاصة في المؤسسات البرلمانية التي ينظر إليها على نطاق واسع بأنها القدوة في ترسيخ دولة المؤسسات والقانون في البلاد.
فهذا البيان وما ستفضي إليه اللجنة التشريعية والقانونية بالمجلس، حيث أحيل إليها الأمر، من تحديد الأخطاء التي وقعت والممارسات التي جانبت الصواب من بعد تأكيد مبدأ مراعاة السرية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في بعض المراحل التي يتطلبها اتخاذ القرار، سيضع حدودا واضحة للعمل البرلماني وفق قواعد النظام الأساسي للدولة واللوائح التي سنها المجلس، وأن احترامها يبلور سلوكيات تحد من التجاوزات بغير قصد في أغلب الأحيان.
إن ما أشار له البيان إلى أن ما حدث بمواقع التواصل الاجتماعية ناتج عن اختلاف في وجهات النظر وتباين في الآراء ووجهات النظر في خدمة الوطن وأن المجلس سوف يحتكم إلى ما أشرنا إليه يشكل خطوة في الاتجاه الصحيح.
إن ما نتطلع إليه حقا هو أن يكون ما حدث بمثابة سحابة صيف مرت على المجلس وأنها وضعت في خانة العثرات التي لن تتكرر بحول الله وقوته.
بالطبع فإن تجربة الشورى والتعاطي مع التباينات مازالت حديثة العهد في السلطنة وتحتاج إلى المزيد من الوقت لتثبت أقدامها كما ينبغي، وإنها لن تكون مدخلا لإثارة الخلافات بين أبناء المؤسسة الواحدة.
نتطلع أن ننطلق من التجربة إلى آفاق أرحب في الممارسة الديمقراطية وصولا لشبه الكمال المنشود، مع الإدراك بأن للصحافة دورا تؤديه وتراقب عبره أداء المؤسسات وتنظر بعين النقد الرصين لما يجري، كل ذلك من أجل عيون الوطن.