مسقط - زينب الهاشمية
كما نعلم أن الولادة الطبيعية هي الخيار الأمثل والأنسب للمرأة من الناحية الطبية ولكن في بعض الأحيان قد يضطر الطبيب إلى إجراء عملية قيصرية وذلك لمشاكل صحية التي قد تعرّض حياة الأم والجنين للخطر، ويوضع أمامها خياران في اتخاذ قرار حول التخدير النصفي والتخدير الكلي، فأيهما الأفضل في ذلك؟ تجيب عليها د.صبا نوري الأسدي أخصائية أمراض نسائية وتوليد بمركز العناية بالأم والجنين... والتفاصيل في السطور التالية:
تقول د.صبا نوري حول التخدير النصفي والكلي: إن نوعية التخدير هو اختياركِ أنتِ في أغلب العمليات وطبيب التخدير ينبغي عليه أن يصف لكِ كلاً من النوعين ومميزاتهما وعيوبهما قبل اختيار أحدهما أو غيرهما من أنواع التخدير، لكن تأكدي أنه يعرف جيداً أيهما أفضل لنوعية العملية التي تنوي إجراءها وأن اتّباع نصيحته هو الاختيار الأفضل دائماً لأنه تخصصه.
التخدير النخاعي (النصفي)
يمكن تعريف التخدير النخاعي بأنه تخدير موضعي، تبقى فيه المريضة بوعيها التام أثناء إجراء الولادة القيصرية أو أي عمل جراحي آخر.
ويتم ذلك عن طريق إدخال إبرة رفيعة جداً أسفل الظهر، في الفراغ بين الفقرة القطنية الرابعة والفقرة الخامسة، وحقن المخدر داخل سائل الدماغي الشوكي المحيط بالنخاع الشوكي.
التخدير النصفي لا يعني أن حواسك ستعمل بنصف قدراتها أو أنك ستحس بنصف الألم إنما سُمي كذلك لأنه يقوم بإزالة الألم تماماً من النصف الأسفل من الجسم وتحديداً أسفل القفص الصدري تقريباً، ويعدّ الخيار الأفضل في عمليات الولادة القيصرية كمثال من حيث عدم وصول أي نوع من الأدوية المهدئة أو المخدرة إلى الجنين قبل ولادته والتي يمكن أن تستخدم في التخدير الكلي.
من حيث سرعة الشفاء للأم، وكذلك التأثير الصحي الذي لا يتعدى في الغالب انخفاض بسيط في ضغط الدم يعلم طبيب التخدير كيف سيتعامل معه، وكذلك من الناحية النفسية للأم التي تسمع وترى صغيرها في أول لحظاته على ظهر الدنيا دون أن تشعر بأي ألم.
الكلية الأمريكية لأمراض النساء والتوليد تنصح النساء الحوامل بإجراء الولادة سواء الطبيعية أو القيصرية تحت تأثير التخدير النصفي، وتؤكد بأنه أفضل من التخدير الكلي الذي أوصت بالابتعاد عنه إلا في حالات الولادة القيصرية الطارئة.
مخاوف من التخدير (النصفي)
تتعدد المخاوف والشائعات حول موضوع التخدير النخاعي أو حقنة الظهر، فمن أبرز المخاوف التي تتردد فيها النساء في اتخاذ هذا النوع من التخدير، تجيب د.صبا نوري قائلة: أبرز هذه المخاوف كالتالي:
* الخوف من الشلل
تخاف الكثير من النساء من فكرة التخدير النخاعي بسبب الشائعة التي تقول بأن التخدير النخاعي يسبب الشلل، ولكن تُبيّن الدراسات استحالة حصول الشلل نتيجة التخدير النخاعي لأن الإبرة التي يتم حقن المادة المخدرة من خلالها لا تصل بحال من الأحوال للنخاع الشوكي هذا من جهة. ومن جهة أخرى فإن هذه الحقنة غير قادرة على اختراق الأعصاب.
* الخوف من الصداع الشديد
قد يحدث نتيجة التخدير الشوكي صداع شديد لدى المرأة، ويعدّ مصدر إزعاج نظراً لعدم استجابته للمسكنات، واستمراره لفترة قد تصل إلى عشرة أيام بعد الولادة، وهذا العرض حقيقي وله عدة أسباب منها:
أن المرأة بحاجة للراحة بعد انتهاء العمل الجراحي، ولا يجوز أن تسير بعد العملية مباشرةً على عكس الحال في التخدير العام، حيث ينبغي على المرأة أن تسير بعد العمل الجراحي مباشرةً مخافة حدوث الجلطات. بعد إخراج الإبرة من المتوقع أحياناً أن يتسرّب بعض السائل المحيط بالنخاع الشوكي من مكانه، وهذا ما يتسبب في إصابة المرأة بصداع، ولكن تحدث هذه الحالة عند امرأة واحدة من أصل خمسمئة امرأة.
أيضاً هبوط في ضغط الدم بعد انتهاء العمل الجراحي يؤدي إلى حدوث آلام الرأس. وللتغلب على هذه المشكلة ننصح المرأة بشرب فنجان من القهوة كل ست ساعات، لما لمادة الكافيين من تأثير إما في التخلص من الصداع أو عدم حدوثه.
التخدير الكلي
بالنسبة للتخدير الكلي فتقول د.صبا: لا بد للمرأة أن تعرف عيوب التخدير الكلي الذي قد تفضّله عن التخدير النصفي دون أن تكون على دارية كاملة بمخاطره وهي كالآتي:
* تكون المرأة نائمة وقد تعاني من نوبات بكاء عند الاستيقاظ رغم أنها لا تشعر بالألم، أما التخدير النصفي فالمرأة تكون في كامل وعيها وهذا ما ينعكس بشكل إيجابي عليها وعلى ذويها.
* في التخدير الكلي تكون المرأة بحاجة لمراقبة أكثر من جهة الضغط والتنفس وغيره لأنها غير واعية ولا تستطيع تنبيه الطبيب، أما التخدير النصفي فتكون واعية تماماً لما يجري، وتستطيع أن تنبه الطبيب في حالة شعورها بأي أمر غير طبيعي.
* في التخدير الكلي: تعطى المرأة عقاقير التخدير التي لا تخلو من آثار جانبية قد تضر بالكبد والكليتين، أما التخدير النصفي فالآثار الجانبية له تكاد تكون معدومة، فكمية التخدير التي تدخل الجسم قليلة.
* من الممكن حدوث حالة نادرة، وهي أن هناك بعض النساء قد تعاني من نقص في المادة التي تقوم بمهمة تحطيم المواد التخديرية في الكبد لتساعد على طرحها من الجسم بعد ذلك.
وفي هذه الحالة قد تظل المرأة فاقدة للوعي من 12 ساعة حتى ثلاثة أيام ريثما يتم التخلص من المادة وطرحها خارج الجسم، وتبقى المريضة ضمن دائرة الخطر إلى أن تستيقظ، في حين لا تظهر هذه المشكلة في حال التخدير النصفي.
* يضطر الطبيب المخدر لإعطاء المرأة مرخيات عضلية، لدرجة أن التنفس يتوقف عنها ويحيلها للتنفس بواسطة جهاز التنفس الاصطناعي، وهذا يساعد الطبيب أثناء إجراء العملية إلا أنه قد يتسبب في حدوث "خزل معوي".
وقد تحتاج المريضة لأدوية تبطل مفعول المرخيات العضلية، ولذلك لا يسمح الطبيب بخروج المريضة من المستشفى قبل أن تخرج غازات من بطنها للتأكد من عودة الأمعاء لعملها.
* قد يضطر الطبيب لإدخال أنبوب داخل الرغامة وتثبيته، للتأكد من وصول الأكسجين إلى الرئتين أثناء القيام بالعمل الجراحي، وهذا ما يسبب للمريضة بعد استيقاظها شعوراً بحرقة في الحلق، والرغبة في التقيؤ.
كل هذه الأسباب ألا يمكن أن تكون كفيلة لتفضيل التخدير النصفي أو النخاعي على التخدير الكلي؟
هذا ناهيك عن الأسباب التي يجب فيها إجراء العملية تحت تأثير التخدير النصفي مثل العمليات الجراحية عند كبار السن، ومن يعاني من أمراض القلب، وأمراض في الجهاز التنفسي، فلو كان هناك أدنى ضرر له لما تم إجراؤه لهذه الحالات الحرجة.