لورا نصره - حمود العامري
من بركاء إلى السويق وشناص فصحم ولوى ونزوى ثم دبي يجول "التصريح" بين الحلبات مستعرضاً قوته وصلابته ومخيفاً كل الثيران الأخرى ليصبح واحداً من أفضل الأسماء في عالم "مناطحة الثيران".
خاض "التصريح" منافسات مع ثيران أخرى بارزة مثل "التوقيع، والنار" وغيرها وفاز كثيراً حتى وصلت سمعته إلى دولة الإمارات، واليوم وصلت قيمته في السوق إلى أكثر من 40 ألف ريال عماني.
وكما هو معروف فإن لهذه اللعبة الشعبية عشاقاً كثر يستمتعون بها وهي لا تستغرق وقتاً طويلاً حيث تنتهي المباراة خلال دقائق ليعود صاحب الثور الفائز مسلحاً بالثقة والسعادة بما حققه ثوره فيما ترتفع عدادات سعر الثور القوي إلى أرقام خيالية.
ما هي قصة التصريح الشهير؟ وكيف تم تجهيزه ليصبح نجماً؟ القصة في السطور القادمة..
تمتلك عائلة محمد البلوشي "التصريح" وحول قصة امتلاكهم له يقول: "مصدر الثور كان من دولة الإمارات وكان عمره بين سنة إلى سنتين عندما تم جلبه إلى صحار للمناطحة، وقد تابعناه وشاهدنا مبارياته هناك وقيّمنا مستواه بأنه جيّد فاشتريناه وعلّمناه المناطحة واعتنينا به جيداً وأعطيناه التغذية والتدريب وكل ما يحتاج إليه ليكون نجماً".
وحول نوعية الغذاء التي يحتاجها ثور المناطحة يقول محمد: "تتم تغذية الثور بالتمر الذي يمنحه القوة والطاقة اللازمة لخوض المنافسات إضافة إلى الطعام المعتاد كالشبوص والتبن والحشيش الأخضر".
ويضيف محمد: "عندما اشترينا التصريح كنا نطمح لتطوير مستواه وبذلنا كل ما نستطيع لتحقيق ذلك وكنا نشركه في مناطحة ثيران عادية في بركاء كنوع من التدريب فمن المعروف أن خوض المنافسات يساهم في تقوية الثور وتحسين مستواه ومن بعدها رغبنا بتطوير مستواه فأخذناه إلى مجمع حلبة صحار وجعلناه يناطح الثيران المعروفة ومن مستواه مثل "البليار" و"الرهيب" وهما ثوران قويان ومعروفان في صحار، ثم جعلناه ينافس الثيران الأقوى لنرفع مستواه فناطح "التوقيع" وهو ثور شهير في صحار ومن ثم "النار" ونافسهما وقدّم أداءً رائعاً، وأصبح واحداً من أشهر الثيران على حوطات المناطحة".
ماذا يحدث قبل المنافسة؟
يحكي لنا محمد كيف تتم تهيئة الثور وتحضيره لخوض المنافسة ويقول: "قبل المناطحة بثلاثة أيام يتم تدريب الثور من خلال المشي الذي يساهم في تحسين لياقته، وقبل يوم واحد من المنافسة يتم قطع الأكل عنه وذلك حتى تكون معدته فارغة ولا يُصاب بالتعب ويكون خفيفاً، وهكذا يصبح جاهزاً لدخول الحلبة وخوض المنافسة".
وانطلاقاً من أن هذه اللعبة لا تحمل في نهايتها أية جوائز أو هدايا لصاحب الثور، إلا أن سعر الثور الفائز يباشر التحليق بعد انتهاء المنافسة حيث يتهافت لشرائه بعض المتنافسين، وقد يصل سعره إلى أرقام خيالية.
وعن السعر الذي وصل له التصريح يقول محمد: "تلقينا عروضاً من الناس من كل الأماكن من السويق وصحار ودولة الإمارات لشرائه حتى أن قيمته وصلت إلى رقم خيالي يتجاوز 40 ألف ريال عماني ولكننا متمسكون به ولا نريد بيعه حالياً فهو أصبح من أكبر الثيران ومستواه جيّد وقد قارع معظم الثيران الكبار في عُمان وتغلّب عليهم وسنتركه حالياً لنا ولجمهوره الكبير.
وحول أبرز المنافسات التي خاضها التصريح يضيف محمد: "اشتهر التصريح كثيراً وقد خاض منافسات لا يمكنني تذكر عددها فقد ناطح من بركاء إلى شناص إلى السويق وصحار، ولمستواه الممتاز تم طلبه مرة إلى دولة الإمارات للمشاركة هناك في مناطحة لأشهر الثيران وأخذناه هناك وناطح وفاز واشتهر أكثر".
**media[779673,779674,779675,779676,779677,779678,779679,779680,779681]**
تاريخ اللعبة
يسود الاعتقاد أن نشأة هذه الرياضة تعود لعقود طويلة منذ أن استأنس سكان ولايات الباطنة القدامى الثيران وسخّروها لحراثة حقولهم وري مزروعاتهم بسحب المياه من الآبار بوساطة الزاجرة التي تديرها الثيران.
وتقول بعض المصادر إن تاريخ المناطحة موغل في القدم حتى إن البعض ذهب إلى تأكيد وجود صلة مباشرة بين مناطحة الثيران في السلطنة، ومصارعة الثيران في إسبانيا والبرتغال، ويعتقد أن البرتغاليين نقلوا هذه الرياضة من أرض عُمان إلى بلادهم مع تعديل أحد أطراف النزال في الحلبة.
ويروي الناس قصة طريفة عن ولادة هذه اللعبة تقول بأن ثوراً فر من إحدى المزارع وهجم على ثور آخر ربطه صاحبه بمزرعته ليدخل الثوران في عراك كبير أدى في النهاية إلى انتصار الثور الأول وإصابة الثاني. وانتشر الخبر بين العامة فور انتهاء المعركة إلا أن صاحب الثور الخاسر أبى أن يقر بخسارة ثوره وطلب أن يلتقي الثوران مجدداً في ساحة القرية لخوض منافسة يحضرها الجيران، وكان له ذلك، وهو ما شكّل بداية هذه الرياضة في عُمان.
وتسمى حلبة المصارعة بـ"الحوطة" وتبلغ مساحتها بين 500 إلى 1000 متر مربع، ويستمر اللقاء بين الثورين من خمس دقائق إلى نصف ساعة وتنتهي اللعبة بهروب أو تراجع أحد الثورين، وهنا تتدخل مجموعة من الشباب يطلق عليهم اسم "الحاجزون أو القبيضة" للإمساك بالثورين ومنع الثور الفائز من إيذاء الآخر المتعب.
يشار إلى أنه يشارك أكثر من 40 ثوراً في المناطحة التي تُقام عادة أيام الخميس والجمعة، ويحق لمالك الثور أن يسن قرونه ويحدها لزيادة قوتها، شرط ألا تصبح حادة تسبب الأذى البالغ، ولا يحق لصاحب الثور الانسحاب بعد دخول ثوره للحلبة.