مختصون يدعون لوضع خطة واضحة لتأهيل الكوادر الوطنية

بلادنا الاثنين ٢٩/فبراير/٢٠١٦ ٠٠:٥٠ ص

مسقط – محمد فهمي رجب، عزان الحوسني

دعا مختصون إلى وضع خارطة طريق واضحة لتوفير فرص عمل للعمانيين وتدريبهم وإحلالهم، وأشار بعضهم إلى أن الســــلطنة تحتاج لمضاعفة الخدمات وفرص العمل خلال السنوات العشــر المقــــبلة في ضوء النمو السكاني المتسارع.

رئيس لجنة الشباب والموارد البشرية في مجلس الشورى سعادة المهندس محمد بن سالم البوسعيدي قال إن هناك كوادر مؤهلة وشبابا مهيئين كالفنيين والمهندسين وإن التأسيس موجود كالخريجين المتخصصين في جميع الصناعات، مؤكدا أهمية نقل الخبرة في مثل هذا الوقت لتأهيل العمانيين في إدارة مثل هذه المؤسسات والمصانع وشغل وظائف أو إحلال الوظائف مكان القوى العاملة الوافدة وتوفير العدد الأكبر من الوظائف أيضا للشباب العماني.

وأضاف سعادته: المسألة تحتاج لدراسة، فلا يوجد في السلطنة كافة التخصصات في بعض الصناعات إلا أن المؤسسات التعليمية كالكليات التقنية والجامعات لها مخرجات ممتازة قادرة على مواكبة متطلبات سوق العمل لا سيما المهندسين، وتقام برامج في فترات معينة لإحلال الكوادر وتأهيلهم وتدريبهم لشغل الوظائف الكبرى والمتوسطة في المؤسسات، وهناك تأهيل على رأس العمل في الكثير من المؤسسات الحكومية والخاصة لدعم الكوادر العمانية وإحلالها بدلا من الكوادر البشرية الأجنبية.

ربط بين المؤسسات

من جانبه قال رئيس الجمعية العمانية للموارد البشرية د. طالب الحوسني متحدثا عما تقوم به الجمعية من دور في مواءمة المناهج لاحتياجات سوق العمل العماني: إن من أهم ما تقدمه الجمعية العمانية للموارد البشرية الربط بين الجهات المعنية كاملة، سواء في الجهات الحكومية أو الخاصة من خلال دراسة القوانين والتشريعات الخاصة بالموارد البشرية، كذلك من خلال التعاون مع الكليات والجامعات، ومثال على هذا التعاون مع المؤسسات التعليمية بالسلطنة طلبة جامعة السلطان قابوس بحيث يكون دور الجمعية التوعية والإرشاد من خلال إلقاء محاضرات إرشادية في ما يتطلبه سوق العمل، وخص بذلك المهندسين والفنيين في المؤسسات التعليمية بأنهم يعانون في بعض النقاط التي تؤهلهم لسوق العمل.
وأشار إلى أهمية الاستعداد الميداني للعمل والمقابلات الأولية، وقال إن دور الجمعية هنا يأتي في كيفية التهيئة النفسية (كيفية التعامل مع المقابلات الوظيفية والاستعداد لها وكذلك إعداد السيرة الذاتية)، والفنية (كيفية تمكين الطالب من الانخراط في سوق العمل)، وكيفية تكوين سيرة ذاتية تختص بكل جهة وتتماشى مع متطلبات الوظيفة.
وعلّق الحوسني حول عدم توظيف الكادر العماني في بعض التخصصات في مجال عمل المطارات بسبب عدم طرح مواد دراسية من قبل بعض الكليات وبالتالي ذلك لا يساعدهم في الحصول على فرص وظيفية في المطار فقال: إن المطار لديه الحق في اكتمال المواد المطلوبة لشغل الوظائف هناك، وإن دور الجمعية يقتصر على الاقتراح بالتدريب في مجال العمل بدلا من المواد الدراسية الناقصة وكذلك لقاء المختصين بإدارة المطارات لإعطاء الحلول اللازمة لحل هذه الإشكاليات.

مقترحات ومشورة تعليمية

وذكر الحوسني أن كثيرا من المؤسسات التعليمية تتوجه الآن إلى الجمعية لطلب الاقتراح والمشورة، وضرب مثالا على ذلك بكلية عمان المصرفية لإعطاء مقترحات بشأن التخصص الجديد الذي سوف يطرح بالكلية والذي يخص إدارة الموارد البشرية، حيث تقرر عقد ملتقى لاستضافة رواد الأعمال وأصحاب المؤسسات والمتخصصين بالموارد البشرية لتعريفهم بوجود هذا التخصص في الكلية قريبا، ولإعطاء ما يناسب هذا التخصص في سوق العمل، وتعريف الكلية بالمواد والتخصصات الواجب طرحها ودراستها لسوق العمل وتخطيط المسار الوظيفي للمخرجات المقبلة.
وأضاف أن المشاريع الضخمة التي سوف تأتي لتستثمر في السلطنة تكون معروفة من سنة أو سنتين، بمعنى أن هناك معرفة مسبقة بأن هذا المشروع سوف يأتي ويتطلب وظائف معينة ومهارات معينة، وضرب مثالا على ذلك بمصنع السيارات المراد إنشاؤه في منطقة الدقم الصناعية.
وقال: كما نعلم فإن هذا المصنع يحتاج إلى عدد من الكوادر من المهندسين في مجال كهرباء السيارات والتصميم والميكانيك، وبهذا فنحن نعلم بالعدد والتخصص المطلوب قبل إنشاء المصنع، وبذلك نكون جاهزين ومستعدين لدراسة وتخطيط متطلبات المصنع، وعدد الكوادر المؤهلة التي سوف يحتاجها لاستقبال الشركات القادمة من الخارج.

إحلال الكوادر العُمانية

وحول إحلال الكوادر العمانية أشار الحوسني إلى شركة عمانتل كمثال حيث قال: العمل على الإحلال يعمل بطريقة سليمة إلا أنه ليس مكتملا بنسبة 100%، والمديرون يقترحون بأن يكون الكادر العماني بديلا بشرط أن يظل في الخدمة لاكتساب الخبرة، ومن ذلك برنامج مدته سنتان في عمانتل حيث تم قبول 160 مهندسا اختير منهم 40 مهندسا وتم توزيع كل 15 مهندسا في مرحلة، وتم تدريسهم في شركة «هواوي» لتعليمهم كيفية التعامل مع مشاكل المؤسسة، وبعد ذلك يتم نقلهم للمواقع الخارجية والتطبيق العملي للشبكات ثم يتم تعليمهم في قسم تقنية المعلومات للتعامل مع المشاكل التقنية والفنية هناك ليتم اختيار 10 منهم لمتابعة دراستهم خارج السلطنة وإلحاقهم بالعمل بشركة أخرى هناك، بعد كل هذا يتم اختيار الأفضل والتقييم وإحلالهم محل الكوادر البشرية الأجنبية.
ودعا الحوسني إلى دور تنسيقي مع مجلسي الدولة والشورى فيما يتعلق بالموارد البشرية، وأكد أن الجمعية تضم خبرات في الموارد البشرية، ويمكن أن تقدم المساعدة وإعطاء الحلول والآراء في القرارات الخاصة بالكوادر البشرية.

وذكــــر أن الاستماع إلى أعضاء الجمعية يعمل على تصحيح الأخطاء الفائتة التي تقع فيها أكثر المؤسسات الحكومية والخاصة، وأن الكوادر العمانية ذات الخبرات القديمة لا تترك بل يتم تعيينها في أماكن تستطيع من خلالها المساعدة في الكوادر البشرية كمجلسي الدولة والشورى.

واقترح الحوسني إنشاء هيئة مستقلة تختص بالموارد البشرية بعيدا عن القوى العاملة، وكذلك تختص في مجال دراسة التعمين والإحلال في الوظائف بالسلطنة، والكوادر البشرية وتأهيلها والعمل على تطويرها، وتكون ذات صلة بجميع الجهات، وتعمل على توفير كوادر بشرية تقوم على تخطيط مسبق للتوظيف، وكذلك التنظيم في حالة السوق والنقص الموجود ومعادلة التخصصات وكل ما يسهم في جودة اختيار الكادر المناسب في المكان المناسب.

تنامي عدد السكان

من جانبها قالت أستاذة علم الاجتماع بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس د. عايدة فؤاد النبلاوي إن صغار السن يمثلون الفئة الأكبر في التركيبة السكانية العمانية في جميع التعدادات السكانية التي تم إجراؤها خلال الفترة الفائتة، والتقديرات الأخيرة الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات مبنية على التعدادات الخاصة بالمواليد والوفيات، ونلاحظ من خلال تلك التقديرات انخفاض معدل صغار السن الأقل من 17 عاما من 54% في العام 1993 إلى 41.2% في العام 2015 وهي نسبة لا تزال مرتفعة طبقاً للمؤشرات العالمية وتضع السلطنة في مصاف الدول الفتية (متوسط أعمار مواطنيها منخفض).

مضاعفة الخدمات

وأضافت أن ارتفاع عدد الأطفال العمانيين تحت سن 17 عاما بالمقارنة بعدد السكان يعني ارتفاع معدل الإعالة في السلطنة حيث إن تلك الفئة من السكان التي بلغت نسبتها 41.2% تحتاج إلى تعليم ورعاية صحية وإيواء وهي ما يطلق عليها فترة الإعالة. وتلك النسبة تعطي العديد من المؤشرات أمام صانعي القرارات الخاصة بالسياسات السكانية حيث تؤشر إلى حاجة السلطنة إلى زيادة المقاعد الجامعية خلال فترة لن تتجاوز 10 سنوات والاستعداد خلال تلك الفترة إلى مضاعفة فرص العمل المتاحة لاستيعاب العدد الكبير من مخرجات المدارس والجامعات والذي سيتضاعف خلال السنوات العشر المقبلة.

وتوقعـــــت د. عايدة تضاعف عدد الباحثين عن عمل خلال الفترة المقبلة وبخاصة من فئة الإناث إذا لم يتواكب مع عملية الدفع الديموجرافي توفير فرص عمل أكبر، بخـــــــاصة أن العدد الأكبر من مخرجات الثانوية العامة يتوجه إلى سوق العمل مباشرة دون الالتحاق بالتعليم الجامعي وبالتالي ينبغي على واضعي السياسات السكانية توخي الحذر من الآن وضرورة مراعاة تلك المؤشرات في خططــهم المستقبلية.

وأشارت إلى أن وزارة القوى العاملة تقع على عاتقها مسؤولية كبيرة في توفير فرص العمل التي تسهم في التقليل من عدد الباحثين عن عمل حالياً ومستقبلاً.

ارتفاع الإعالة

قالت أستاذة علم الاجتماع إن نسب الإعالة في السلطنة لا تزال ضمن نطاق المعدلات المرتفعة إلا أنها انخفضت خلال الفترة الفائتة نظراً لانخفاض معدلات الزواج في السلطنة، وأشارت إلى أن مستوى السلطنة في دليل التنمية البشرية يصنف بنسبة متوسط بسبب ارتفاع معدلات المواليد وارتفاع نسب الأمية بين النساء المتقدمات في العمر بالإضافة إلى انخفاض مستويات وعي المرأة بحقوقها القانونية في السلطنة.

وكان المركز الوطني للإحصاء والمعلومات قد أعلن في وقت سابق عبر موقعه الإلكتروني عن بلوغ عدد الأطفال العمانيين من سن (0-17) سنة في منتصف العام الفائت (965747) طفلاً أي ما نسبته 41.2 % من إجمالي عدد العمانيين في منتصف العام 2015 وتبلغ نسبة النوع بين الأطفال 104 ذكور لكل 100 أنثى وتشكل نسبة الأطفال من سن (0-5) سنة 43 % من عدد الأطفال في السلطنة ومن سن (6-11) سنة 31 % من عدد الأطفال ومن سن (12-17) سنة 26 % من عدد الأطفال. وتتمركز النسبة الأكبر من الأطفال في السلطنة في محافظتي مسقط وشمال الباطنة حيث يوجد بهما 40.5 % تقريباً من إجمالي أطفال السلطنة بينما في محافظتي مسندم والوسطى لا يوجد سوى 1 % فقط من عدد الأطفال في السلطنة، وتسجل ولاية السيب أكبر وجود للأطفال على مستوى ولايات السلطنة حيث تضم 9% من إجمالي عدد الأطفال، بينما تسجل ولاية السنينة بمحافظة البريمي أقل عدد للأطفال بنسبة 0.02 %. ويتوزع ثلث الأطفال في السلطنة على 6 ولايات (السيب- صلالة- صحار- عبري- السويق- صحم).

وكان معدل وفيات (المواليد الموتى) قد شهد انخفاضاً في العام 2014 حيث وصل إلى 7.1 وفاة لكل 1000 مولود مقارنة بالعام 2013 الذي وصل إلى 7.4 وفاة لكل 1000 وفاة.