عش سعيداً.. يا سالم علي سعيد

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٢٣/نوفمبر/٢٠١٧ ٠٥:٤٤ ص
عش سعيداً.. يا سالم علي سعيد

عزيزة راشد

عندما التقيت به في غرفته المطلة على بضع شجيرات خضراء ونسيم بارد في المستشفى الأمريكي بتايلاند قال لي: أنا رجل مؤمن بالله وكلي أمل أن الشفاء قريب، وسأعود إلى محبة الناس وليالي الجنوب الندية، سلامي إلى عُمان والعُمانيين والسلطان قابوس الذي أتمنى أن أراه يا عزيزة.

بهذه الكلمات الجميلة المفعمة بالأمل، أمل الشفاء وأمل العودة وأمل في الحصول على المزيد من محبة الناس، كان سالم علي سعيد يتوسد غربته الباردة وأدويته الحارقة وليالي السهر في أقصى الأرض، كان يرتدي الدشداشة العُمانية والمصر حتى وهو على فراش المرض، معتزاً بوطنيته ولباسه وهويته، رغم مرضه يحن إلى عُمان وإلى رؤية جلالته يحفظه الله، جلالة السلطان المعظم الذي ونحن على فراش المرض نتمنى رؤيته، رجل رمز للحياة وللأمل.
في كل مرة يغادر أرض الوطن للعلاج تتراءى أغنيته مسافر، وكأنه يقول لنفسه «مسافر ليما المساء غفا جناحه، والألم ما طاع ينزاح، مسافر عكس الهوى طوى شراعه، وانطوى في خافجي جناح»، بعض الأغنيات تشبه أصحابها، تعبّر عنهم أو تثأر منهم في يوم ما وتجعلهم يشبهونها، كانت طائرته التي تحمله في المساء «غفا جناحها»، وألم سالم علي سعيد «ما طاع ينزاح، مسافر عكس الهوى»فالهوى إما أن يكون عمانياً أو لا شيء.

يعود سالم علي سعيد مرة أخرى للسفر و«الألم ما طاع ينزاح»، ليقضي ليالي الألم بعيداً عن وطنه الذي أحبه، وسلطانه الذي بذل كل العناية لتحيط به، وجمهوره المنتظر لشفائه، يعود للأمل فالحياة أمل ويعيش الإنسان بالأمل، لكن القدر يقول كلمة الفصل أحياناً كهمزة قطع لا وصل، كعلامة تعجب لا استفهام فيها، ليغمض سالم علي سعيد الإغماضة الأخيرة وفي عينيه حنين لعُمان وسلطانها وشعبها، ينام في عمق للأبد، تاركاً ذكرياته هنا وهناك تتجوّل في الدم بقلوب محبيه، ذكرى من الزمن الجميل، عش سعيداً ومت سعيداً يا سالم علي سعيد، فهنا من سيدعو لك بالدعاء الصالح، جمهورك ومحبوك وأبناؤك الذين لم يفارقوك في سعدك ومرضك وبقوا معك ساهرين بارين بك، وداعاً سالم علي سعيد.