فريد أحمد حسن
لا يحتاج الباحثون في العلاقة بين شعب عمان وقائده حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم بذل جهد كبير للتوصل إلى أنها علاقة أكثر من متميزة ونادرة ويكفيه أن يشتري اللحظة التي يرى جلالته فيها ويطمئن عليه، فما توفر من مشاهد يوم الاحتفال بالعيد الوطني المجيد السابع والأربعين يكفي لتأكيد هذه الحقيقة، ويكفي من تلك المشاهد مشهد العمانيين الذين وقفوا على أطراف الطريق الذي سلكه الموكب السامي لحضور العرض العسكري وهم ينحرون المواشي احتفاء بمرور جلالته وتعبيرا عن حبهم لهذا القائد الذي نقل عمان في سنين قليلة من حال إلى حال، فالسلطان المعظم بنى عمان الإنسان والوطن ونقش اسم عمان في سجل التاريخ الذي تربطه بهذه البلاد علاقة وثيقة، واهتم كثيرا بأن يكون الفعل الحضاري لأهل عمان مستمرا وقويا. يكفي مثالا على ما فيه السلطنة اليوم هذه التغريدة المنسوبة للدكتور محمود الريامي: «إن تتصدر السلطنة دول العالم في مؤشر الأمن والأمان وأن ينعدم فيها الإرهاب.. فذلك فخر لكل عماني على هذه الأرض الطيبة ومؤشر مهم لم يأتِ من فراغ بل من حضارة عريقة وشعب أبيّ محب للخير وقيادة حكيمة مؤمنة بالسلام واحترام حقيقي للتنوع والاختلاف وتساوي الجميع تحت مظلة القانون»، ففي هذه التغريدة ملخص لماضي عمان وحاضرها ومستقبلها، وفيها إبراز لدور صاحب الجلالة وبعض إنجازاته مثل تحقيق المساواة بين المواطنين العمانيين وتطبيقهم جميعا لحكم القانون، وإبراز للحضارة العمانية التي تمتد لآلاف السنين.عمان ينعدم فيها الإرهاب وتخلو من الإرهابيين، ويتوفر بدلاً عن ذلك فيها احترام التنوع والاختلاف، ففي عمان يحترم الجميع الجميع، ولا يهم الفرد منهم إن كان الآخر متوافقا معه في أي شيء، يكفي أنه إنسان ليجد الاحترام من الجميع، ويكفي أن يكون محترما ليجد من الجميع كل الحب وكل التقدير، ويكفي أن يكون مسالما ليعتبره العمانيون جزءا منهم ومكملا لهم.
الحب الذي يملأ قلوب العمانيين لباني نهضتهم لا يحده حد، لهذا فإن الاحتفال بالعيد الوطني المجيد لا ينتهي بغروب شمس ذلك اليوم ولكن يملأ شهر نوفمبر من أوله إلى آخره، بل أن الفرحة تمتلك القلوب وتنتشر في عمان مظاهر الفرح قبل نوفمبر بنحو أسبوعين ولا تنتهي بنهاية العام، فلا نهاية لصلاحية حب العمانيين لوطنهم ولقائدهم.
في العيد الوطني للسلطنة يجدد جميع المواطنين العهد والولاء ويؤكدون عزمهم مواصلة السير على خطى صاحب الجلالة ليبنوا عمان التي يحب العمانيون أن يصفونها ب»وطن التميز والعطاء». عصر السبت الفائت تفضل حضرة صاحب الجلالة فشمل برعايته السامية الكريمة الاستعراض العسكري بقيادة شرطة المهام الخاصة بولاية السيب في محافظة مسقط فامتلأت العاصمة وكل المحافظات بمظاهر الفرح وعبر كل عماني عن اعتزازه بهذا اليوم وبصاحب الجلالة بطريقته، أما العمانيون الذين اضطرتهم الظروف أن يكونوا خارج السلطنة فعمدوا إلى التعبير عن فرحتهم في الساحات العامة فتمكنوا من «الترويج» للسلطنة بطريقة تستوجب البحث، ذلك أن كل من شهد احتفالاتهم وخصوصا في الغرب تحدث عن تميز عمان وتميز الإنسان العماني والتفت إلى أن كل المثاليات التي تشاغب تفكيره تتوفر في هذه البلاد. لهذا فإن المعنيين برصد أعداد السياح سيلاحظون تنامي وربما تضاعف أعداد الذين سيختارون السلطنة كوجهة سياحية أولى لهم، فما شاهدوه من حب يملأ عيون العمانيين وهم يحتفلون بمناسبة العيد الوطني للسلطنة يدفعهم دونما شك لاستكشاف طبيعة هذا البلد وطبيعة هذا الشعب، والأكيد أن السؤال الذي سيظل يشاغبهم وسيستمرون في البحث له عن إجابة هو ما السر الذي يجعل العمانيين يعبرون عن حبهم لوطنهم بكل هذه الطرق.
ما يراه العالم اليوم في عمان وما يسمعه عن عمان هو نتاج زرع زرعه قبل نحو نصف قرن جلالة السلطان قابوس بن سعيد، وما يراه العالم اليوم ويسمعه عن العمانيين هو ثمرة ذلك الجهد الذي بذله جلالته على مدى تلك السنين والتي لم يذق فيها طعم الراحة حيث استمر يعمل ليل نهار ليوفر هذا النموذج الرائع الذي يستوجب الدرس والبحث. بقيت نقطة وهي أن العمانيين الذي خرجوا إلى الشوارع والساحات العامة وعبروا عن حبهم لقائد عمان بذبح المواشي، وأولئك الذين تسمروا أمام أجهزة التلفاز عصر السبت ليتابعوا الاستعراض العسكري الذي حضره صاحب الجلالة، وأولئك الذين احتفلوا بالعيد الوطني حيث كانوا متواجدين في الخارج، فعلوا كل ذلك بإرادتهم، ليس خوفا ولا طمعا، ولكن للتعبير عما تكنه صدورهم لصاحب الجلالة الذي يشهد العالم له تمكنه من بناء دولة عصرية لها خصوصيتها، دولة يتمنى الكثيرون أن يعيشوا فيها، فهي على الحياد في كل شيء، وممنوع فيها كل ما قد يتسبب بالأذى على الآخرين. مهما فعل الشعب العماني في هذه المناسبة، وأيا كانت الطرق التي عبر بها عن حبه لعمان وولائه لقائدها وباني نهضتها فإنه يظل يشعر بالتقصير في حق السلطنة وحق السلطان، ويكفي هذا دليلا على تميز العلاقة التي تربط الشعب العماني بصاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه-.
• كاتب بحريني