السياسة العمانية الثابتة

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٨/فبراير/٢٠١٦ ٢٣:٣٠ م
السياسة العمانية الثابتة

د حامد بن شظا المرجان

التاريخ يحكى لنا قصه السياسة الخارجيه لعمان الحاضر والماضى النابعه من الثقافه السياسيه على مدى قرون من الزمن والتى تتميز بمواقف سياسيه يسودها احترام ثقافات شعوب العالم والعمل على الامن والاستقرار والسلام الدولى. الصراعات الدوليه وموقع عمان الجيوسياسي والثوابت لدى القياده السياسيه العمانيه شكلت معظم مكونات فكر السياسه الدوليه لدى القيادة العُمانية . وكان من مظاهر هذا الفكر أنه ينظر الى ابعاد ومعطيات العلاقات الدوليه من نظرة الواقع السياسى وعلاقتها بالصراعات الدولية من هذا المنطلق تقوم السياسة الخارجية لسلطنه عمان على فهم عميق للمتغيرات الإقليمية والدولية، وإدراك مدى أهمية الانخراط في التفاعلات الثقافيه والسياسيه والاقتصاديه في المنطقة والعالم من خلال فهم محددات هذه السياسة ومكوناتها والعوامل المؤثرة فيها وأدوات تنفيذها. ومن أهم هذه الاعتبارات إدراك أن السياسة الخارجية لأية دولة قائمة على أساس الارتباط المباشر والمعمّق بينها وبين تاريخها السياسي وما تومن به من ثوابت . لذا فقد بدأت السياسة الخارجية العُمانية تؤكد في نهجها على عدم التدخل في شؤون الآخرين،وهو الأمر الذي عانت منه عُمان كثيراً فى علاقاتها الاقليميه لعدم ثبات سياسات دول المنطقه واستقرارها، والتمعن في قراءة الأوضاع المحيطة بالدولة، والانحياز إلى الحلول السلمية في التعامل مع المنازعات التي تكون هي طرفاً فيها،أو التي تكون في دائرتها الإقليمية. لقد تبنت عُمان صياغة إستراتيجية سياستها الخارجية عبر بناء خطاب سياسي يلتزم بما يتفق ثوابت السلطنه ،ويتوافق مع إمكاناتها وقدراتها؛ وذلك حتى يأتي القرار السياسي منسجماً مع ذاته،وأن يكون متواتراً على صورة واحدة يحكمها "الثابت" ولا تحكمها المرحلية والاستعجال فى القرار السياسي.
لقد تميزت السياسة الخارجية العُمانية بالواقعية والحياد، فبادرت بالتعامل مع معطيات الأحداث بكل حيادية إيجابية، فلم تنكر على مصر توقيعها لاتفاقية السلام مع (إسرائيل) - كامب ديفيد- في أيلول/ سبتمبر سنة 1978، ولكنها أكدت أنها ستقف مع الحق العربي كيفما استدار.كما سعت السلطنة إلى المشاركة الفاعلة في الجهود التي بذلت لإعادة مصر إلى الصف العربي، بعد أن تعرضت لنقد وهجوم بسبب زيارة الرئيس المصري أنور السادات إلى القدس في تشرين الثاني/ نوفمبر 1977 ولتوقيعها إتفاقية (كامب ديفيد). وفي الحرب العراقية- الإيرانية (1980- 1988) نهجت السياسة الخارجية العُمانية مسلكاً توفيقياً، إذ رفضت سلطنة عُمان دعوات القطيعة مع طهران، بالرغم من خصوصية العلاقة الجيو-ستراتيجية التي تربط عُمان بإيران، وبذات الوقت لم تتخلّى عُمان عن العراق واستمرت في الوقوف معه لحين إنتهاء هذه الحرب. وفي قضية دخول العراق إلى الكويت ظلت السلطنة تمارس سياسة الحياد والتعقل الأمر الذي مكنّها من قيادة محادثات واتصالات بإتجاه إبقاء العراق في الصف العربي، وفي نفس الوقت خروجه من الكويت.وفي الحروب والتوترات السياسيه فى الخليج لم تكن السياسة العُمانية تشتط وتندفع باتجاه ما، ولكنها عملت على اغتنام علاقاتها مع كل أطراف النزاع فى حل القضايا السياسيه بينها، ، تنفرد عمان بعلاقات متميزة مع إيران حيث تمكنت العلاقات بين الدولتين من اجتياز اختبارات غاية في الصعوبة، أظهرت فيها السلطنة دورا مختلفاً ورؤية مغايرة وأهداف سياسية مختلفة. عملت سلطنه عمان منذ عام 1970 على اتباع نهج دبلوماسي يعطي للسلطنه حالة فريدة من وجود علاقات وثيقة مع كل من إيران والولايات المتحدة الأمريكية نابع من علاقات تاريخيه تحترمها الدولتيين المعنيتين بالصراع حول السلاح النووى الايرانى. وقد تمكنت عمان في بعض الأوقات أن تكون بمثابة الوسيط بين البلدين انتهت بتوقيع نهايه لازمه دوليه ابعادها خطيره على الجمهوريه الاسلاميه الايرانيه والعالم. كانت عُمان أول بلد عربي يرتبط بمعاهدة صداقة وتجارة مع الولايات المتحدة الأمريكية عام 1833، وانحصرت العلاقات العُمانية الأمريكية بالجوانب التجارية و السياسية ومن خلال دراسة الظروف السياسية المعاصرة لسلطنة عُمان، سواء الداخلية منها، أو المحيطة بها إقليمياً وعالمياً، ومن خلال تفحص العوامل المؤثرة في هذه الظروف، التاريخية والإجتماعية والإقتصادية، تتبين لنا خصوصية تجربة السياسية الدوليه العُمانية التي تميزها، وان المعايير المشتركة التي يمكن من خلالها فهم وقياس الأوضاع في بعض الدول قد لا تكون ملائمة للتطبيق في الحالة العُمانية. وان هذا التباين ناتج من الأرث التاريخي والسياسي والثقافي للدوله العمانيه، فضلاً عن التنوع الفكري والاجتماعي الذي تنفرد به سلطنة عُمان عن باقى الدول فى المنطقه.يلعب التاريخ السياسى والاقتصادى لعمان دوراً مهماً في تشكيل التاريخ السياسي الحديث لسلطنة عُمان، ولازالت المضامين الفكرية لهذا التاريخ تؤثر في توجهات السياسة العُمانية المعاصرة، المحلية والدوليه.عدم تناسب سياسة الحياد المفرط في التحفظ والعزلة التي تتبعها السلطنة في الوقت الحاضر وموقع عًمان الحالي في التفاعلات الإقليمية والعالمية مع المكانة السياسية والعسكرية والحضارية التي كانت يتمتع بها هذا البلد طوال القرون الفائتة. مانريد بان نقوله فى هذا المقال المتواضع بان سلطنه عمان ليست دوله حديثه عمرها سنوات وانما دوله يمتد تاريخها لقرون من الزمن تعاملت من خلاله مع العالم من حولها فى ظل ظروف سياسيه واقتصاديه وثقافيه متنوعه لمن يريد معرفه المزيد عن سياسه عمان الخارجيه يقراء تاريخ هذا البلد العريق.

باحث ومستشار تنموى