لماذا نحتفل بالعيد الوطني؟ (1)

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٥/نوفمبر/٢٠١٧ ٠٤:٠١ ص
لماذا نحتفل بالعيد الوطني؟ (1)

علي بن راشد المطاعني

في حياة الأمم والشعوب أيام مضيئة كالمنارات الشاهقات في هامات الجبال الشامخات لها دلالاتها الوطنية ومعانيها الغائرة بعيدا في وجدان الشعوب تقف عندها مليا تتأمل فيما أنجزته وفي ما حققته في مسيرتها الهادرة الميممة شطر المجد شموخا.

فالكثير من الدول تحتفل بعيد استقلالها من الاحتلال، وبعضها الآخر تحتفل بيوم توحدها، وأخرى تحتفل بيومها الوطني، وهكذا دواليك، ونحن في السلطنة ‏نحتفل بميلاد النهضة المباركة التي بددت دياجير الظلام الذي خيم على البلاد ردحا من الزمن، ونحتفل بنهضتنا المباركة التي أزالت عن كاهل العُمانيين الثالوث المخيف (الجهل، الأمية، الفقر ورديفه التخلف).
ونحتفي بالعيد الوطني المجيد لأن النهضة حطمت أسوار العزلة التي منعت عُمان من التعاطي مع محيطها الخارجي، فكان أن دخلت عُمان الحضارة فعلا في أنفاق النسيان، وهي المعروفة تاريخيا كأقدم مملكة في شبه جزيرة العرب، وهي الوحيدة في شبه جزيرة العرب التي دخلت الإسلام سلما لا حربا، وهي الوحيدة التي دعا لها ولأهلها رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه، ثم كانوا من بعد ذلك أسياد البحار وفرسانه، صالوا وجالوا وقهروا الأمواج والمستحيل والبرتغاليين في أعالي البحار حتى أقر لهم الأعداء بالسيادة والريادة، وعرفتهم إفريقيا الشرقية كخير سفير للسلام والإسلام.
نحتفل بالعيد الوطني المجيد إذن لنعيد ذكريات الأمس التليد حية تتقد، ولنعيد ترتيب أوراقنا وأولوياتنا استعدادا لانطلاقة جديدة وبروح جديدة وبزخم جديد، فالأعياد الوطنية أشبه باستراحة المحارب الذي يقف تحت ظلالها الوارفة ليراجع ما تحقق وليتأكد من صلابة البناء، وليتهيأ لمرحلة جديدة من العطاء غير المحدود لاستكمال المسيرة وفقا لمعطيات جديدة وبناء لأفكار جديدة أكثر إبداعا وأعمق شموخا.
ونحتفل بهذا اليوم التاريخي لأنه وفي الواقع يوم ميلاد سيد وباني عُمان الحديثة، ليغدو الاحتفال بمولده رديفا رائعا للاحتفاء بالنهضة العُمانية التي عمت أقاصي هذه الأرض الطيبة انطلاقا من اليوم الخالد 23 يوليو أعني، فالمناسبتان لهما دلالة ولا أعمق ستعجز كل الكلمات ومهما بدت عميقة الغور عن الإلمام بكل مشتقاتها وإيحاءاتها ومراميها، إذ هي تعني فيما تعنى نهضة شعب وكبرياء أمة، فالاحتفال بهذا اليوم هو احتفاء بالنهضة في مفهومها الأعمق، وكان يوم الثالث والعشرين من يوليو هو يوم النهضة الذي توحد من تلقاء ذاته مع يوم مولد جلالته، وهنا تكمن الروعة التي باركها التاريخ .
لذلك ولكل ذلك ستبقى مكتسبات النهضة ماثلة أمام أعيننا ومتحدثة بلسان عربي مبين عن هذا الحدث الذي أشادت به عواصم كوكب الأرض قاطبة باعتباره معلما حضاريا وفكريا لا يقارن، فطوبى للنهضة التي احتفت بنا يوم أخرجتنا من دياجير الظلمة ورعتنا سبعة وأربعين عاما كاملة، فكنا أسعد الناس بها، تماما كما كانت هي سعيدة بنا، فهنيئا للقائد في يوم عيده ومولده، فعيدك هو عيد كل العُمانيين، لهذا سيبقى في صائحف التاريخ معلما وعلما.