المليشيات الإلكترونية

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٥/نوفمبر/٢٠١٧ ٠٤:٠١ ص
المليشيات الإلكترونية

لميس ضيف

أغلب الدول اليوم -ولا نعمم فقلة لم تدخل المضمار إهمالاً أو ترفعاً- تملك «كتائب إلكترونية». فالجيوش النظامية لم تعد كافية للذود عن سياسات الدول. والإعلام الرسمي شاخ وترهل ولم يعد «وافياً» بالغرض، وحتى القنوات الخاصة التي أسست لخدمة سياسات النظم، أو تلك التي أسسها أباطرة المال وأدخلت لبيت الطاعة بعد ذلك. لم تعد كافية في حروب ساحتها الفضاء وسقفها السماء.

لهذا لم نتعجب من تصريح السيدة نبيلة مكرم وزيرة الدولة على هامش مؤتمر الشباب بشرم الشيخ، عندما صرحت بأنه ستجري الاستعانة بمجموعة من شباب مصر للعمل على ونقتبس «نقل صورة الوطن الحقيقية» وتحدثت في هذا الإطار عن اللقاء بـ150 شاباً من المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي ومن يملكون أعداداً ضخمة من المتابعين لهذا الغرض.
لم نتعجب -نقول- من النية ولكن مصارحة الناس بها أمر جديد. فالدول تعامل تلك الكتائب الإلكترونية بسرية لأن نجاحها مرتبط -بدرجة ما- بتمظهرها بشكل شعبي رغم أنها رسمية تماماً.
قبل سنوات، عندما زحف الناس لتلك المنصات الاجتماعية بحثاً عن معلومة لم تُطبخ على يد «شيف» متمرس في تضليل الجماهير. فعلوا ذلك ليسمعوا صوت الشارع وضجيجه. وصوت نشطاء لا مكان لهم في خريطة إعلام «مروض». لكن الحكومات والأحزاب والديوك السياسية المتناحرة فطنت سريعا لما يدور بين ظهرها ودخلت -بزخم- في السبق وسخرت أموالا وشخصيات وإمكانيات مفتوحة لتؤثر بطريقتها على الرأي العام.
فبعض الدول تشعر بأنها «تُظلم» شعبياً وهي بحاجة للدفاع عن نفسها ضد عدوان الغير باستخدام تلك الكتائب. وللبعض الآخر مآرب أكبر مكراً.. فيحتاج لتلك الجيوش الإلكترونية ليصفي حساباته ويدعم توجهاته. وليسخرها لاغتيال بعض الشخصيات والكيانات «دون دم» أو لإدانتهم دون محاكمة!
والبعض يتآمر على هيبة تلك الجماعة أو ذاك الخصم ويعبث بسلمه الداخلي دون أن يخرق قواعد مجلس الأمن. فيما تستخدم بعض الجهات الإعلام الجديد لتنوم الشعوب «مغناطيسياً» فتشغلهم بالتفاهة والسماجة عن واقعهم. ولا يستوي الجميع في ذلك فالبعض يستخدم قواته وكتائبه بذمة وشرف فيما يستخدمها البعض بأقذر الطرق وأكثرها خبثاً.
وإن كانت الجماهير تشكك -مرة- فيما تراه في الإعلام الرسمي والتقليدي. فعليها أن تشكك مرتين في ما تراه من آراء ومواقف في منصات «يُفترض» أنها عفوية «ويُفترض» أنها بريئة. فكثير مما ترونه من حملات ليس برأي جماهير كما يُراد لكم أن تظنوا بل حملة من جولة مدفوعة لغرض مدفون في ملفات مهندسي الأزمات والفتن.
.. ولا عزاء وسط هذا للجماهير المغبونة؛ التي لم تترك لها السياسة «خرم إبرة» لتكون فيه على سجيتها وتعبر فيه عن نفسها دون اختراق أو تزوير.