حماية الاستثمارات القذرة

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٢/نوفمبر/٢٠١٧ ٠٣:٢١ ص

ناثالي بيرناسكوني-أوستيروالدر
يورغ هاس

غالباً ما ترتبط حلول الأزمة المناخية بمؤتمرات كبيرة، ولا شك أن الأسبوعين المقبلين سيجلبان العديد من الإجابات. وقد وصل نحو 20 ألف مندوب الآن إلى بون، ألمانيا، في الجولة الأخيرة من محادثات الأمم المتحدة بشأن تغيّر المناخ.

في الوقت الراهن، تستمر الحكومات التي تقود مكافحة تغيّر المناخ في دعم وحماية الاستثمار في البحث عن الوقود الأحفوري واستخراجه ونقله. وبدلاً من الاستثمار في السكن الفعال، والتنقل الخالي من الكربون، والطاقة المتجددة، وتحسين نظم استخدام الأراضي، تقول هذه الحكومات أشياءً، ولكنها تفعل شيئاً آخر.

وفقاً لأحدث تقرير حول الاستثمار العالمي في الطاقة أصدرته وكالة الطاقة الدولية، بلغ الإنفاق العالمي في قطاع النفط والغاز 649 بليون دولار في العام 2016. وكان ذلك أكثر من ضعف مبلغ 297 بليون دولار المستثمر في توليد الكهرباء المتجدد، رغم أن تحقيق هدف اتفاق باريس يعني ترك ما لا يقل عن ثلاثة أرباع احتياطيات الوقود الأحفوري المعروفة في الأرض. وكما تشير هذه الأرقام، فإن القصور المؤسسي والمصالح الصناعية الراسخة ما تزال تقف في طريق تحويل الاستثمار إلى طاقة مستدامة.
وقد أدى ذلك إلى تقييد الحكومات التي تسعى إلى الحد من استخراج الوقود الأحفوري. يمكن أن يكون التعويض من حالات ISDS مذهلاً. ففي العام 2012، رفع مستثمر أمريكي دعوى قضائية ضد قرار حكومة كيبيك برفض التصريح بالتحطيم الهيدروليكي تحت نهر سانت لورانس. وبحجة أن هذا الرفض كان «تعسفياً ومتقلباً وغير قانوني» بموجب اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية، طلبت شركة الطاقة القائمة على ولاية ديلاوير مبلغ 250 مليون دولار كتعويض عن الأضرار.
وفي يناير 2016، استخدمت شركة طاقة ترانسكانادا اتفاقية نافتا لمقاضاة الولايات المتحدة، معلنة عن خسائر تبلغ 15 بليون دولار بعد أن رفض الرئيس باراك أوباما تصريحاً لخط أنابيب النفط كيستون XL. (أوقفت الشركة الدعوى بعد أن وافق الرئيس دونالد ترامب على المشروع في يناير 2017).
وفي يوليو 2017، وافقت كيبيك على دفع ما يقرب من 50 مليون دولار كتعويض للشركات بعد إلغاء عقود التنقيب عن النفط والغاز في جزيرة أنتيكوستي في خليج سانت لورانس. هذه المدفوعات وغيرها، بالإضافة إلى مئات البلايين من الدولارات في الدعم التي تُستثمر في صناعة الوقود الأحفوري.
ولحسن الحظ، فإن هذه الحالة ليست دائمة. فالعديد من الحكومات ترى أن إصلاح نظام الاستثمار ليس مجرد إمكانية، بل ضرورة. وفي الشهر الفائت، عقد مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية اجتماعاً رفيع المستوى في جنيف بهدف إلى وضع خيارات للإصلاح الشامل لنظام الاستثمار، بما في ذلك إعادة التفاوض أو إنهاء حوالي 3000 معاهدة مهملة.
وينبغي للحكومات أن تبدأ بإصلاح أو الخروج من معاهدة ميثاق الطاقة، وهي الاتفاقية الوحيدة للاستثمار في مجال الطاقة في العالم. ولم يعد من المناسب حماية استثمار معاهدة ميثاق الطاقة وانعدام الأحكام المناخية. منذ تأسيسها، كانت معاهدة ميثاق الطاقة بمثابة الأساس لأكثر من 100 مطالبة من قِبل شركات الطاقة ضد البلدان المضيفة، مع بعض السياسات البيئية الوطنية الصعبة، مثل الإزالة النووية في ألمانيا. وقد انسحبت روسيا وإيطاليا بالفعل من معاهدة ميثاق الطاقة، يجب على الدول الأخرى أن تحذو نفس الحذو أو تلتزم بإعادة التفاوض بشأنها.
وعلاوة على ذلك، ينبغي للبلدان أن تضع الشواغل المتعلقة بالمناخ في صميم مفاوضاتها التجارية والاستثمارية، من خلال وضع مشاريع للوقود الأحفوري من بنود الاستثمار. هذا هو أساساً ما اقترحته فرنسا مؤخراً، عندما أعلن وزير البيئة نيكولاس هولوت عزم بلاده سن «فيتو المناخ» في الاتفاق الاقتصادي والتجاري الشامل. وقال هولوت إن فرنسا ستصادق على المعاهدة فقط إذا شملت ضمانات بأن يمنع الطعن في التزاماتها المناخية أمام محاكم التحكيم. كما يمكن إعفاء مشاريع الوقود الأحفوري من حماية الاستثمار في المعاهدات البيئية الجديدة.
إن إعادة توازن نظام الاستثمار العالمي ليس سوى الخطوة الأولى نحو اقتصاد خالٍ من الكربون. ولتحويل رؤوس الأموال من المبادرات الثقيلة المتعلقة بالوقود الأحفوري إلى مشاريع الطاقة الخضراء، ستحتاج البلدان إلى أطر قانونية وسياسية جديدة على المستويات الإقليمية والوطنية والدولية. وينبغي لهذه الاتفاقات أن تشجع وتيسر الاستثمارات الخالية من الكربون. ومن شأن الاجتماعات المهمة مثل الاجتماعات الجارية هذا الأسبوع وقمة باريس المناخية الشهر المقبل أن تبدأ هذه المحادثات.

ناثالي برناسكوني-أوستيروالدر: مديرة برنامج القانون والسياسات الاقتصادية في المعهد الدولي للتنمية المستدامة.

يورغ هاس: رئيس قسم السياسة الدولية في مؤسسة هاينريش بول.