تقلبات المناخ تغرق رفاهية البشر

مؤشر الخميس ٠٩/نوفمبر/٢٠١٧ ٠٢:٢٦ ص

مسقط-

أكدت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية من المرجح جداً أن يكون العام 2017 من بين أحر ثلاثة أعوام مسجلة في التاريخ، إلى جانب أنه قد شهد عدداً كبيراً من الأعاصير والفيضانات الكارثية، وموجات حرارة مؤلمة، وحالات جفاف، مما يؤثر على رفاهية الإنسان وأمنه الصحي والغذائي.

ويشير تقرير المنظمة، الذي حصلت الشبيبة على نسخة منه، إلى أن المتوسط العالمي لدرجات الحرارة من يناير إلى سبتمبر2017 قد تجاوز بمقدار 1.1 درجة سيليزية تقريباً مستواه في ما قبل العصر الصناعي. ونتيجة لظاهرة النينيو القوية، يُرجح أن يظل العام 2016 أحر عام مسجل، ويأتي العام 2017 والعام 2015 في المرتبة الثانية أو الثالثة. ويُتوقع أن تكون الفترة 2013 - 2017 أحر فترة خمس سنوات مسجلة.

وأشار، الأمين العام للمنظمة بيتيري تالاس إلى أن «الأعوام الثلاثة الفائتة تقع جميعها ضمن السنوات الثلاث الأولى من حيث درجات الحرارة القياسية. وهذا ليس إلا جزء من اتجاه احتراري طويل الأمد». وواصل قائلاً: «لقد شهدنا طقساً استثنائياً تخللته درجات حرارة بلغت 50 درجة سيليزية في آسيا، وعدد قياسي من أعاصير الهاريكين في منطقة البحر الكاريبي والمحيط الأطلسي وصلت إلى أيرلندا، وفيضانات موسمية مدمرة تضرر منها ملايين البشر، وجفاف قاس في شرق أفريقيا».
واستطر قائلاً: «كثير من هذه الظواهر -وستوضح الدراسات العلمية التفصيلية كم عددها بالتحديد – تشير إلى تغير المناخ بفعل زيادة تركيزات غازات الاحتباس الحراري المنبعثة من أنشطة بشرية».
وقالت الأمينة التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC) باتريسيا اسبينوزا: «إن هذه النتائج تؤكد تزايد المخاطر التي تتهدد الناس والاقتصاد وبنية الحياة على الأرض في جوهرها، والتي يمكن أن نواجهها إذا ما أخفقنا في أن نسلك الطريق الصحيح لتحقيق أهداف اتفاق باريس وما يطمح إليه». وأضافت: «ثمة زخم غير مسبوق ومنشود تماماً لدى الحكومات، بل أيضاً لدى المدن والدول والأقالــــــيم والمناطق وقطاع الأعمال والمجتمع المدني. لا بد أن يكون مؤتمر بون 2017 نقطة البداية للوصول إلى الخطوة التالية، وهي المستوى الأعلى لطموحات كافة الدول وكافة قطاعات المجتمع، في الوقـــــت الذي نتطلع فيه إلى تحرير مخاطر المستــــقبل من المخاطر وتعظيم الفرص التي يتيحها مسار التنمية القوي والتطلعي والمستدام».
إن الظواهر المتطرفة تضر بالأمن الغذائي لملايين الناس، لا سيما أشدهم ضعفاً. وقد توصلت عملية مراجعة أجرتها منظمة الأغذية والزراعة (FAO) إلى أن الزراعة (المحاصيل وتربية المواشي ومصايد الأسماك والزراعة المائية والحراجة) تمثل في البلدان النامية 26 في المائة من جميع الأضرار والخسائر المرتبطة بالعواصف والفيضانات وحالات الجفاف المتوسطة النطاق إلى الكبيرة النطاق.
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، فإن الآثار الصحية لموجات الحارة على مستوى العالم لا تتوقف على الاتجاه الاحتراري العام فحسب، ولكن أيضاً على كيفية توزيع موجات الحرارة في المناطق المأهولة بالناس. والأبحاث المؤخرة تبين أن المخاطر الإجمالية للإصابة بالأمراض المرتبطة بالحرارة، أو للوفاة، تزداد باطراد منذ العام 1980، وأن زهاء 30 في المائة من سكان العالم يعيشون الآن في أوضاع مناخية تسفر عن موجات حرارة متطرفة. فبين عامي 2000 و2016، زاد عدد السكان الضعفاء المعرضين لموجات الحرارة بمقدار 125 مليوناً تقريباً.
وفي 2016، نزح 23.5 مليون شخص خلال حالات كوارث متصلة بالطقس. وعلى غرار السنوات السبقة، فإن أغلبية هذا النزوح الداخلي يحدث في منطقة آسيا - المحيط الهادئ ويرتبط بالفيضانات أو العواصف. وفي الصومال، أُبلغ عن ما يربو على 760.000 حالة نزوح داخلي، وفقاً لمفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين.
ويشير العدد الأخير من نشرة آفاق الاقتصاد العالمي الصادرة عن صندوق النقد الدولي (IMF) إلى أن الآثار السلبية المترتبة على ذلك تتركز في البلدان الحارة المناخ نسبياً، والتي تأوي ما يقرب من 60 في المائة من سكان العالم.

معالم بارزة مختارة

وذكرت منظمة الأغذية والزراعة (FAO) أنه اعتباراً من يونيو 2017 تضرر أكثر من نصف الأراضي الزراعية في الصومال بسبب الجفاف، مع انخفاض في القطعان بنسبة 60-40 في المائة منذ ديسمبر 2016. وتشير تقديرات برنامج الأغذية العالمي (WFP) إلى أن عدد الأشخاص الذين يعيشون على شفا من المجاعة في الصومال قد تضاعف منذ فبراير ليبلغ 800.000 شخص، وأن نصف البلد يحتاج إلى مساعدة. وقد أكد برنامج الأغذية العالمي (WFP) أن أكثر من 11 مليون شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي الحاد في الصومال وإثيوبيا وكينيا.
وأعلنت كينيا جفاف العام 2017 كارثة وطنية. فقد واجهت نيروبي شحاً في المياه أرغم سلطات المدينة على تحصيص المياه، في حين ارتفعت أسعار الحبوب وقد أثر ذلك على أرقام الناتج المحلي الإجمالي. وأدى فصل الصيف الذي تميّز بنسبة رطوبة فاقت المتوسط إلى تخفيف ظروف الجفاف في الجنوب الأفريقي. ولكن حالات الجفاف المحلية قد اشتدت في مقاطعة الكاب.
وخففت أمطار الشتاء الغزيرة في أوائل 2017 من حالات الجفاف طويلة الأمد في ولاية كاليفورنيا، لكنها أسفرت عن بعض الفيضانات، وساهمت في نمو النباتات مما ربما يكون قد أثر على شدة حرائق البراري التي نشبت في وقت لاحق من العام.
وشهدت أجزاء عديدة من منطقة البحر الأبيض المتوسط حالات جافة.

وسجلت أشد حالة في إيطاليا، وتأثر الإنتاج الزراعي مما سبّب انخفاضاً في إنتاج زيت الزيتون بنسبة 62 في المائة مقارنة بعام 2016. وكان معدل الأمطار في إيطاليا من يناير إلى أغسطس 2017 أقل من المتوسط بنسبة 36 في المائة. كما سجلت إيطاليا أحر فترة يناير إلى أغسطس على الإطلاق، صاحبتها درجات حرارة تزيد عن متوسط الفترة 2010-1981 بمقدار 1.31 درجة سيليزية. وشملت المناطق الجافة الأخرى أجزاءً عديدة من إسبانيا والبرتغال.