«مساءلة الكبار» تكتسح الشارع السعودي

الحدث الثلاثاء ٠٧/نوفمبر/٢٠١٧ ١٣:٣٠ م
«مساءلة الكبار» تكتسح الشارع السعودي

الرياض - رويترز

تلقى حملة السلطات السعودية على الفساد والتجاوزات المالية تأييداً واسعاً وحديثاً منقطع النظير في الشارع السعودي مع تدفق الأخبار عن شخصيات عامة تطالها التحقيقات. وقد عزز العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز قبضة السلطات المختصة على حملة مكافحة الفساد بتوقيف أمراء ووزراء ومستثمرين بينهم الملياردير الأمير الوليد بن طلال أحد أبرز رجال الأعمال السعوديين. واتسع أمس الاثنين فيما يبدو نطاق حملة مكافحة الفساد التي شملت أفراداً من العائلة الحاكمة السعودية ووزراء ورجال أعمال بعد تردد أنباء عن توقيف مؤسس واحدة من أكبر شركات السياحة في المملكة. وهبط سهم مجموعة الطيار للسفر السعودية بنسبة 10 % بعد دقائق من بدء التداول بعد أن نقلت الشركة عن تقارير إعلامية قولها إن السلطات أوقفت ناصر بن عقيل الطيار الذي ما يزال عضواً بمجلس إدارة الشركة. ولم تذكر الشركة مزيداً من التفاصيل لكن صحيفة سبق الإلكترونية ذكرت أن الطيار اعتُقل في إطار تحقيق تجريه هيئة عليا جديدة لمكافحة الفساد يرأسها ولي العهد محمد بن سلمان. ويستثمر الأمير الوليد بن طلال -ابن أخ الملك وصاحب شركة المملكة القابضة للاستثمار- في شركات مثل سيتي جروب وتويتر. وقال ثلاثة مسؤولين كبار لرويترز إن الأمير الوليد كان من بين 11 أميراً وأربعة وزراء حاليين وعشرات الوزراء السابقين جرى توقيفهم. وتم توقيف الأمير متعب بن عبدالله وزير الحرس الوطني بعد إعفائه من منصبه وحل محله الأمير خالد بن عياف. وقال مصدر سعودي رسمي إن الأمير الوليد يواجه عدداً من التهم تشمل غسل الأموال وتقديم رشا وابتزاز بعض المسؤولين في حين يواجه الأمير متعب اتهامات في قضايا اختلاس وتوظيف وهمي وإرساء مشاريع مختلفة ومنها عقود تشغيل وصيانة على شركاته الخاصة بما في ذلك عقود غير شرعية بعشرة بلايين دولار لأجهزة اتصال لاسلكي وأخرى لملابس عسكرية واقية من الرصاص ببلايين الريالات. ووردت أنباء الاحتجاز في الساعات الأولى من صباح الأحد بعدما أصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أمراً ملكياً بتشكيل لجنة عليا جديدة لمكافحة الفساد برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وتتمتع اللجنة الجديدة بسلطات واسعة النطاق من بينها التحقيق وإصدار أوامر القبض والمنع من السفر وكشف الحسابات والمحافظ وتجميدها وتتبع الأموال والأصول.

فندق فخم

قال المصدر السعودي الرسمي إن الأمير تركي بن عبدالله أمير الرياض الأسبق ضمن الموقفين أيضاً بتهم التدخل في مشروع قطارات الرياض وتهم فساد في المشروع ذاته واستغلال نفوذ في ترسية مشاريع على الشركات التابعة له بشكل مباشر وغير مباشر. وأضاف المصدر أن وزير المالية السابق إبراهيم العساف، عضو مجلس إدارة شركة أرامكو، متهم باختلاسات من ضمنها مشروع توسعة الحرم المكي ونزع الملكيات في المناطق المجاورة له بالإضافة إلى استغلاله لمنصبه لمعرفته بمعلومات بشراء أراض بأسعار كبيرة قبل نزع ملكيتها والإعلان عن ذلك في المنطقة المجاورة للحرم. ومن بين المحتجزين الآخرين وزير الاقتصاد الأسبق عادل فقيه الذي لعب ذات يوم دوراً كبيراً في وضع مسودة إصلاحات الأمير محمد وخالد التويجري الذي كان رئيساً للديوان الملكي في عهد الملك الراحل عبدالله. ومن المحتجزين أيضاً بكر بن لادن رئيس مجموعة بن لادن السعودية الكبيرة للمقاولات والوليد آل إبراهيم مالك شبكة (إم.بي.سي) التلفزيونية. وقالت مصادر على اتصال بالحكومة لرويترز إن السلطات أبقت على بعض المحتجزين في فندق ريتز كارلتون بالحي الدبلوماسي في الرياض.
وتم إغلاق البوابة الخارجية للفندق صباح الأحد وأبعد الحرس مراسلاً لرويترز وقالوا إن الفندق أغلق لدواعٍ أمنية رغم أن سيارات خاصة وعربات إسعاف شوهدت تدخل عبر المدخل الخلفي. وقبل 10 أيام أقيم في الفندق ومنشأة مجاورة له مؤتمر دولي للترويج للاستثمار في السعودية حضره واحد على الأقل من المحتجزين حالياً. وأعلنت السلطات السعودية أنها ستقوم بتجميد الحسابات المصرفية للشخصيات التي أوقفت على خلفية قضايا فساد.
وقالت وزارة الإعلام السعودية عبر «مركز التواصل الدولي» المخول التواصل مع وسائل الإعلام الأجنبية، إن المبالغ التي يتضح أنها مرتبطة بقضايا فساد ستتم إعادتها إلى الخزينة العامة للدولة السعودية.
إلى ذلك، أوضح النائب العام السعودي الشيخ سعود المعجب، أن جميع الأشخاص الذين تم إيقافهم بتهم فساد لن يتلقوا أي معاملة خاصة بناء على مناصبهم أو مواقعهم، إلا أنه أكد أنهم سيحظون بنفس الحقوق والمعاملة التي يتمتع بها أي مواطن سعودي آخر. وكشف المعجب، أن الإجراءات التي اتخذت بحق هؤلاء الأشخاص جاءت نتيجة لمشاورات واسعة بين الهيئات ذات الصلة، وهي الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وهيئة الرقابة والتحقيق، والنائب العام، ورئيس هيئة أمن الدولة، وهيئة المراقبة العامة، وفقاً لما ورد في صحيفة «الشرق الأوسط».
وشدد على أنه «يتم منح المشتبه بهم نفس الحقوق والمعاملة التي يتمتع بها أي مواطن سعودي آخر، ولا يؤثر منصب أو وضع المشتبه بهم على التطبيق الصارم والعادل للعدالة». وأفاد النائب العام بأنه «خلال التحقيق، تحتفظ جميع الأطراف بامتيازات قانونية كاملة تتعلق بممتلكاتها الشخصية والخاصة، بما في ذلك الأموال»، مبيناً أن «هنالك عملية قضائية مستقلة جارية، ستحظى باحترام كامل».
ولفت المعجب إلى أنه «يفترض أن كل شخص بريء حتى تثبت إدانته، وسيتم الحفاظ على الحقوق القانونية للجميع»، مشيراً إلى أن عضوية اللجنة تمتد في جميع المكاتب الحكومية ذات الصلة لضمان إجراء تدقيق متوازن وسليم.
ووصف النائب العام السعودي هذه الإجراءات بأنها «جزء من إصلاح شامل لضمان الشفافية والانفتاح والحكم الرشيد».