عبودية الخوف

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٠٧/نوفمبر/٢٠١٧ ١٣:٢٨ م

(1)
استعبدنا الخوف على المال..
كيف سنملك أرضا.. كيف سنبني سقفاً.. وبأي عضلات سنصرع غول الغلاء؟
ماذا لو خسرنا العمل وماذا لو كسدت تجارتنا ومن أي نأتي -لمواجة الحياة- بأمل!
كل ما لدينا لا يكفينا..
سواء نحن في ذلك: من يملك ألفا.. ومن يملك ملايين..
كان من قبلنا يعيشون في رفاهية الإيمان بأن الرزق على الله.
أما نحنُ.. فنعيش في وجلّ وقلق ونحن نملك قوتاً وبيوتاً تأوينا..
نقول إن الرازق هو الله ولا نصدق أنفسنا..
فنعيش تحت رحمة سياط خوف: يكسرنا، يعصرنا، يؤذينا..

(2)
استعبدنا الخوف من المستقبل..
متى سنسدد هذا الدين؟ ومن أين سنحصل على دين جديد؟
مركبتنا قديمة..
لنثقل كاهلنا بديون جديدة!!
ننفق شبابنا لبناء حياة في المستقبل..
ثم تستقبلنا الأسقام قبل أن يُقبل..
وتضيع حياتنا بين الخطط والأوهام وندفع الحاضر ثمناً للمستقبل.
ولا نعيش اليوم ولا الغد.. ونضيع في ترجمة المستقبل.

(3)
يستعبدنا الخوف من الغدر..
من الخيانة..
من الخذلان والقهر..
نسمع قصص الناس ونرى أنفسنا في مآسيهم..
ولا نعرف ماذا تطهو لنا الحياة داخل هذا القدر..
نسمع قصص الأخوة الذين باعوا الدم..
قصص المرضى الذين فاجأهم الهم..
قصص الأزواج الذين تحولت علاقاتهم لرماد..
قصص من باعوا.. قصص من بيعوا في المزاد..
نرى أنفسنا نتعوذ من الصباح للمساء..
ونعامل أرواحنا بجفاء.. كما نعامل الأعداء..

(4)
نخاف من قطار أحلامنا أن يتيه في الطريق..
نخاف ألا نجد شريك العمر..
نخاف ألا نرى في عمرنا ذرية.. فنموت ولا يكون لنا أثر كباقي البرية.
ثم نخاف ألا يكونوا صالحين..
ونخاف أن تجرفهم أقدام المنحرفين..
أو نخاف أن نرزق بأطفال ولا نكون معهم لنزفهم بثوب العرس..
وهكذا..
يمضي علينا العمر مستعبدين.. بالخوف..

(5)
كل ما في الأمر:
أن نصيبنا في امتحانات القدر محفوظ..
أغنياء أم فقراء..
الحياة ليست لطيفة كما نتمنى أن نراها..
ولن تكون ألطف لو عشناها في حذر وقلق وعزاء..
لا نملك في مواجهة خوفنا.. إلا الدعاء..
ولا لتخفيف مصابنا.. إلا الرجاء..
جريمة أن نحيا هكذا..
فانتظار البلاء، في ذاته، بلاء..
تحرر يا ابن آدم..
فعمرك محدد قبل أن تُولد.. ورزقك مكتوب في السماء.