كيف تواجه أفريقيا المســـتقبل؟

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠١/نوفمبر/٢٠١٧ ٠٤:١١ ص
كيف تواجه أفريقيا المســـتقبل؟

إبراهيم اساني ماياكي

بينما يقوم الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بتفكيك برنامج التحفيز الذي بدأه قبل عقد من الزمان تقريبا فإن الاقتصادات الناشئة تشعر بالقلق من أن الدولار الأقوى سوف يؤثر سلبا على قدرتها في خدمة الدين المقوم بالدولار الأمريكي وهذا يعتبر مصدرا للقلق لإفريقيا على وجه الخصوص حيث منذ أن قامت جزر الســـيشل بإصدار ســندات اليوروبوند لأول مرة ســـنة 2006 فإن القيـــمة الإجماليــة لسندات اليوروبوند المستحقة قد زادت لتصل تقريبا الى مبلغ 35 بليون دولار أمريكي.

لكن إذا كان سحب برنامج التحفيز من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد أثار المخاوف الأفريقية، إلا أنه جعل الأفارقة يقرون بإن هناك طرق أذكى لتمويل التنمية مقارنة بالاقتراض بالدولار ومن الخيارات المتاحة فإن هناك فئة أصول محددة تبرز في الواجهة وهي البنية الأساسية.
إن أفريقيا ستكون موطنا لحوالي 2.6 بليون إنسان بحلول سنة 2050 وهي في حاجة ماسة للأموال من أجل بناء وصيانة الطرق والموانئ وشبكات الكهرباء وغيرها، وطبقاً للبنك الدولي يتوجب على أفريقيا أن تصرف 93 بليون دولار أمريكي سنوياً من أجل تطوير وتحديث بنيتها الأساسية الحالية علما أن معظم تلك الأموال- حوالي 87%- ضرورية من أجل إجراء تحسينات للخدمات الأساسية مثل الطاقة والمياه والصرف الصحي والنقل.

نعم، لقد تعلمنا من الماضي أن من الصعوبة بمكان تأمين رؤوس الأموال ففي الفترة بين سنة 2004 و2013 تمكنت الدول الأفريقية من عقد 158 صفقة تمويل فقط لمشاريع البنية الأساسية والمشاريع الصناعية بقيمة 59 بليون دولار أمريكي فقط أي 5%فقط من الإجمالي الذي تحتاجه ونظرا لهذا السجل كيف يمكن لإفريقيا تمويل حتى جزء بسيط من المتطلبات المتوقعة للبنك الدولي؟

إن المصدر الواضح هو الاستثمار المؤسساتي والأجنبي ولكن حتى تاريخه هناك العديد من العوامل بما في ذلك توقعات الأرباح القليلة والغموض السياسي التي تحد من التمويل لمشاريع البنية الأساسية في القارة حيث هناك اعتقاد بأن الاستثمار في البنية الأساسية الأفريقية ينطوي على مخاطر كبيرة.
لحسن الحظ فإن من الممكن مع بذل المزيد من الجهود التغلب على هذا الاعتقاد كما أظهر بالفعل مستثمرون مثل بنك التنمية الأفريقي وبنك التنمية لأفريقيا الجنوبية وبنك التجـــارة والاســتثمار. إن الشركات من القطاع الخاص تقوم كذلك بتمويل المشاريع في القارة بشكل مربح فعلى سبيل المثال بلاك راينو وهو صندوق تم تأسيسه من قبل شـــركة بلاكستون وهي من أكبر الشركات المساهمة الخاصة والمتعددة الجنســيات في العالم يركز على تنمية واكتساب مشاريع الطاقة مثل تخزين الوقود والأنابيب وشبكات النقل.
لكن هذه تعتبر الاستثناءات وليست القاعدة فالتمويل الكامل للفجوه في البنية الأساسية الأفريقية سيتطلب اجتذاب العديد من المستثمرين الآخرين وبسرعة.
يتوجب على أفريقيا من أجل النجاح تطوير مقاربة أكثر تماسكا وتنسيقا من أجل اجتذاب رؤوس الأموال بينما في الوقت نفسه العمل على تخفيف تعرض المستثمرين للمخاطر. إن التعاون بين القطاعين العام والخاص هو أحد تلك الاحتمالات فعلى سبيل المثال في قطاع الطاقة يعمل منتجو الطاقة المستقلون مع الحكومات لتوفير الكهرباء لـ 620 مليون أفريقي يعيشون خارج الشبكة. إن هؤلاء المنتجين الممولين من القطاع الخاص والذين يخضع عملهم للأحكام التنظيمية للحكومات يعملون من خلال اتفاقيات شراء الطاقة بحيث توافق المرافق العامه والجهات التنظيمية على شراء الكهرباء بسعر محدد مسبقاً علما أن هناك حوالي 130 من هؤلاء المنتجات في منطقة جنوب الصحراء الأفريقية بقيمة تزيد عن 8 بلايين دولار أمريكي وفي جنوب أفريقيا وحدها يتم حاليا تنفيذ 47 مشروعاً تمثل 7000 ميغاواط من الإنتاج الإضافي للطاقة.
هناك شراكات مماثلة بين القطاعين العام والخاص في قطاعات أخرى كذلك مثل النقل ومن أكثر تلك الشراكات الواعدة الطرق ذات الرسوم والتي يتم بناؤها بأموال خاصة وهي نموذج بدأ في جنوب أفريقيا كما أن تلك المشاريع بدأت في الظهور ببطء في مناطق أخرى في القارة وهي مشاريع أكثر ربحية من معظم الاستثمارات المالية في السوق كما أنها تمهد الطريق للنمو المستقبلي.
إن من الواضح أن أفريقيا تحتاج للمزيد من تلك المشاريع للتغلب على تحدياتها المتعلقة بالبنية الأساسية ولهذا السبب قمت أنا وآخرون من قادة الأعمال التجارية وصناع السياسة الأفارقة بدعوة المستثمرين المؤسساتيين في أفريقيا لتخصيص 5%من تلك الأموال للبنية الأساسية المحلية. نحن نعتقد أنه بوجود الحوافز الصحيحة فإن البنية الأساسية يمكن أن تكون من فئات الأصول المبتكرة والجذابة لأولئك الذين لديهم مسؤوليات طويلة المدى. إن أحد القطاعات الذي يمكن أن يتبوأ دوراً قيادياً فيما يتعلق بهذا الالتزام هو صناديق التقاعد في القارة والتي لديها مجتمعة ميزانية تصل الى 3 تريليون دولار أمريكي.

إن حملة أجندة الخمسة في المائة والتي تم إطلاقها في نيويورك الشهر الفائت تعكس الاعتقاد بإن المقاربة المبنية على أساس التعاون بين القطاعين العام والخاص يمكن أن تعالج النقص في البنية الأساســية الأفريقية فلســنوات عديدة كان النقص في المشاريع التي يمكن الاعتماد عليها السبب في إعاقة التمويل الدولي ولكن في ســنة 2012 تبنى الاتحاد الأفريقي برنامج تنمية البنية الأســـاســـية في أفريقيا والذي أطلق أكثر من 400 مشروع في مجالات الطاقة والنقل والمياه والاتصالات وهي بداية قوية تسعى أجندة 5%للبناء عليها.

لكن ستكون هناك حاجة لبعض الإصلاحات الرئيسية فعلى قمة أولويات أجندة الخمسة بالمائة هو المساعدة في تحديث الأطر التنظيمية الوطنية والإقليمية التي توجه الاستثمار المؤسساتي في أفريقيا كما يجب تطوير المنتجات المالية الجديدة من أجل إعطاء مالكي الأصول القدرة على تخصيص رؤوس الأموال بشكل مباشر لمشاريع البنية الأساسية.
إن إيجاد رؤوس أموال جديده سيساعد على خلق الوظائف وتشجيع التكامل الإقليمي والتحقق من أن أفريقيا لديها المرافق اللازمة من أجل تلبية احتياجات الأجيال المستقبلية ولكن كل هذا يعتمد على إقناع المستثمرين على أن يستثمروا أموالهم في المشاريع الأفريقية، ونحن كقادة الأعمال التجارية وصناع السياسة يجب أن نتحقق من وجود الظروف اللازمة من أجل تحقيق الربحية والأثر الاجتماعي المطلوب فعندما يكون هناك توافق بين أهداف التنمية والربحية فإن الجميع سيكونون من الرابحين.

رئيس وزراء سابق في النيجر ويعمل حالياً كرئيس تنفيذي لوكالة التخطيط والتنسيق للشراكة الجديدة للتنمية الأفريقية.