ملاعبنا بين الثقة والمسؤولية

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٩/أكتوبر/٢٠١٧ ١١:٣٦ ص
ملاعبنا بين الثقة والمسؤولية

في الأيام القليلة الفائتة تفرَّغ الكثيرون لجدل طويل موضوعه ما أثير في مواقع التواصل الاجتماعي عن حالة بعض أو معظم المقاعد في مجمع السلطان قابوس الرياضي في بوشر، على خلفية مباراة إياب الدور نصف النهائي لدوري أبطال آسيا بين بيرسبولس الإيراني والهلال السعودي، وقامت الدنيا ولم تقعد من خلال الصور المتداولة والآراء التي سمعناها وقرأناها. ولأن مواقع التواصل الاجتماعي لها من التأثير الكبير في الوقت الحالي فقد أصدرت وزارة الشؤون الرياضية -الجهة الحكومية التي تدير هذه المجمعات وتشرف عليها- بيانها التوضيحي الذي يعد رداً على ما طُرح، وإن اختلفت بعد ذلك نسبة المقتنعين بما ورد فيه لأن الجماهير بطبيعتها تختلف في ثقافتها وتعليمها ومصادر معلوماتها وأسلوب طرحها وتعاطيها مع الأحداث، ولكي نكون قريبين من الواقع فإن المبرر الذي أوردته الوزارة في بيانها، وهو حالة الإنشاءات الجارية هذه الفترة بالقرب من المجمع لإقامة مركز تجاري ضخم يمثل ثلاثة أرباع الحقيقة والسبب الرئيسي لحالة مقاعد المجمع -واسألوا الساكنين بالقرب من هذا الموقع، غير أن كل ذلك لا يعفي الوزارة بتاتاً من مسؤولية تنظيف المقاعد والاهتمام بها، ولا يخفى على أحد أن جميع ملاعبنا مكشوفة ومن الطبيعي أن تتعرض المقاعد لمثل هذه الظروف، مضافاً إليها تقلبات المناخ طوال العام، وهي ظروف ستؤثر بدون شك على جودة ونظافة هذه المقاعد، وبعيداً عن هذه المباراة الآسيوية التي فجَّرت قضية نظافة المقاعد بشكل كبير هذه المرة فإننا لا يمكن أن ننكر دور الوزارة في صيانة المجمعات بكل ما فيها، وتخصيص موازنات محددة لذلك، وفي المقابل كذلك لا يمكن أن نتجاهل ما طرحته الجماهير من آراء وصور تحكي الواقع، وذلك نابع من سببين اثنين لا ثالث لهما، الأول: حب هذه الجماهير لبلدها ومنشآته الرياضية، والتي تريد أن تراها في أحسن حال، خاصة في المباريات التي نستضيف فيها أندية ومنتخبات من الخارج، والسبب الثاني: أن هذه الجماهير هي من تستخدم هذه المقاعد، وهي من تعرف حقيقتها بالضبط، وهي التي في أغلب الأحيان تدفع مبالغ (قيمة التذكرة) للوصول إليها. على مدى أكثر من ثلاثة وعشرين عاماً في الإعلام الرياضي حضرت في كثير من الملاعب خارج البلد، وشاهدت الكثير والكثير، ولا يجب أن تكون المقارنة بذلك الرأي المطلق مع اتفاقنا على أن ما شاهدناه من صور لمقاعد هذا المجمع الضخم الذي يحمل اسم مولانا المعظم -حفظه الله- لا يرضي أي أحد منا، سواء كان من الجماهير أو المسؤولين، وأنا متيقن أن ما حصل سيكون عاملاً إيجابياً من أجل أن تكون ملاعبنا في الوقت المقبل أكثر نظافة، وتكون بيئة جاذبة للجماهير. أتمنى أن ننظر إلى النصف الممتلئ من الكأس، وأرجو أن لا نجعل من موضوع نظافة المقاعد في مدرجات ملاعبنا باباً للتقليل من تطور رياضتنا سواء في البنية الأساسية المنتشرة في كل المحافظات أو الدعم المستمر لها وللرياضيين، وأرجو في المقابل أن يكون هذا الموضوع عاملاً مساعداً للوقوف على النواقص، فالجماهير أو الفئة التي تستخدم هذه المنشآت وتستفيد منها هي في الحقيقة تمثل “جهة رقابية فعالة” على أعمال الوزارة وخدماتها، وملاحظاتهم وآراؤهم يحب الوقوف عليها والاستفادة منها، وعلى الوزارة أن تتحمل المسؤولية لبناء ثقة أكبر مع الجماهير والمجتمع بشكل عام، لأن المصلحة مشتركة والنجاح يشمل الجميع.