الحالمون للتغيير

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٩/أكتوبر/٢٠١٧ ٠٤:٠٧ ص

ريتا روي

قبل بضع سنوات، خلال محادثة مع الشباب من بعض المجتمعات الأفقر في السنغال، أطلعني اثنين من أصحاب المشاريع الاجتماعية الرائدة عن المشاريع التي كانوا يعملون عليها لمساعدة أقرانهم على النجاح وقال شاب إنه يخطط لوضع المزيد من أجهزة الحاسوب في المدارس الابتدائية، وقال شاب آخر إنه أنشأ شبكة لربط الباحثين عن عمل من المناطق الريفية ضمن المنطقة الحضرية المضطربة من داكار، عاصمة السنغال.

وبعد أن انتهى الشباب من عرض خططهم، هنأتهم، وقلت لهم بأن آباءهم لا بد أنهم فخورون جداً بهم ولكن بدلاً من قبول المجاملة، اعترضوا وقالوا إن»والداي ضد ما أفعله» وشرح الشباب بصوت واحد تقريبا أن الشباب يواجهون ضغوطاً أسرية للحصول على وظيفة حكومية أو استخدام مهاراتهم في اللغة الإنجليزية للعمل كمرشدين سياحيين بدلاً من أن يخاطروا و يصبحوا رواد أعمال.

بالنسبة للشباب الأفارقة الطموحين، هناك العديد من العقبات التي تقف في وجه النجاح وغالباً ما تكون رحلة الحصول على العمل - سواء كانت رسمية أو غير رسمية، ريادية أو تقليدية - هي رحلة فردية فالعديد من الشباب يفتقرون إلى التدريب على المهارات أو حتى وجود بيئة اجتماعية مواتية لتجربة شيء جديد و كما تم تذكيري في ذلك اليوم في السنغال، فإن مساعدة الشباب على إيجاد عمل مربح هي أهم شيء يمكن للمجتمع الدولي أن يفعله لمساعدة أفريقيا على النمو.
تعتبر أفريقيا موطناً لأكبر عدد من السكان الشباب في العالم وخلال 25 عاماً تقريبا سوف يكون هؤلاء الشباب جزءاً من أكبر القوى العاملة في العالم مع وجود أكثر من 1.1 بليون شخص في سن العمل و حسب بعض التوقعات سوف يدخل 11 مليون شخص إلى سوق العمل الأفريقية كل عام خلال العقد المقبل و معظمهم من الباحثين عن العمل لأول مرة.
لو تمكنت البلدان الأفريقية من تعزيز نمو الوظائف وتزويد الشباب بالمهارات التي تساعدهم على التوظيف، فإن هذا التضخم في أعداد الشباب يمكن أن يحقق نمواً اقتصادياً سريعاً وشاملاً ومستداماً للقارة وفي المقابل، ستتاح للملايين الفرصة لانتشال أنفسهم من براثن الفقر.
لكن أفريقيا لا تستطيع الوصول لهذا المستقبل وحدها حيث نعتقد في مؤسسة ماستركارد أنه إذا أرادت أفريقيا تحقيق إمكاناتها، فإن من الضروري جسر الهوة في مجالين رئيسيين وهما:
المجال الأول هو الوصول إلى المنتجات والخدمات المالية فطبقا للبنك الدولي، يفتقر نحو ملياري شخص في جميع أنحاء العالم حالياً لإمكانية الوصول لذلك. أما في منطقة جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية فإن 34٪ فقط من البالغين لديهم حساب مصرفي مما يجعل من الصعب على الناس وضع المال جانباً من أجل الأحداث غير المخطط لها مثل الحصاد السيئ أو التوفير للمدرسة. يجب أن يتغير ذلك، مع اكتساب الأفارقة ليس فقط القدرة على الوصول إلى النظم المصرفية بل أيضا التغلب على الأمية المالية.
التحدي الرئيسي الثاني الذي يجب التصدي له هو الإقصاء من التعليم الثانوي والعالي فعلى الرغم من إحراز تقدم في بعض المناطق، فإن نحو ثلث شباب أفريقيا فقط يتخرجون من المدارس الثانوية أما الفتيات على وجه الخصوص فهن يعانين من الحرمان حيث وفقاً لما ذكرته اليونسكو فإن ما يقدر بتسع ملايين فتاة دون سن الحادية عشرة في منطقة جنوب الصحراء الأفريقية لم يلتحقن بالمدارس أبداً بالمقارنة مع ستة ملايين صبي.

لقد أقامت مؤسسة ماستركارد من أجل معالجة هذه القضايا شراكة مع المنظمات المحلية لتصميم برامج لمحو الأمية التعليمية والمالية تهدف إلى مساعدة الشباب على إيجاد الوظائف والحفاظ عليها علما أنه من خلال بناء قوة عاملة مدربة بشكل أفضل، تساعد برامج المؤسسة على تمكين الجيل القادم من أفراد المجتمع الأفريقي وقادته و ذلك حتى يتمكنوا من مساعدة أسرهم ومجتمعاتهم وبلدانهم على تحقيق مستقبل أكثر إشراقاً وأكثر ازدهاراً.

لقد بدأ بالفعل جيل جديد من رواد الأعمال المتعلمين والأخلاقيين مثل أولئك الذين التقيت بهم في السنغال بالظهور في جميع أنحاء أفريقيا مما يدل على التزامهم العميق ببناء أفريقيا أقوى فعلى سبيل المثال عندما أسأل الشباب المشاركين في برنامجنا الخاص بالبعثات ما الذي يخططون لعمله باستخدام مهاراتهم الجديدة، يجيبون دائماً بأنه بعد حصولهم على الوظيفة فإنهم يخططون لمساعدة شخص آخر وذلك من خلال العودة إلى مدارسهم الثانوية ليكونوا بمثابة الموجهين والناصحين للطلاب الأصغر سناً.
لقد قام بعض خريجي برنامجنا بتأسيس مشاريع مجتمعية في قراهم للتصدي لفيروس نقص المناعة البشرية /‏ الإيدز أو لبناء ملاجئ للأيتام والأطفال الصغار وكل واحد من هؤلاء الشباب الأفارقة الأذكياء - أمثلة على ما تسميه مؤسسة ماستركارد «القيادة التغييرية» - لديه القدرة على دفع التغيير في بلدانهم ومجتمعاتهم.
يمكن لمن يعمل في مجال التنمية الدولية المساعدة في تحقيق المزيد من تكافؤ الفرص من خلال إعطاء الشباب الأفارقة من جميع الخلفيات فرصة للقيادة بأساليب تعكس القدرة على التغيير وإذا نجحنا فإن الحالمين في أفريقيا اليوم سوف يعملوا على تحفيز التغيير الإيجابي في المستقبل.

الرئيسة والمديرة التنفيذية لمؤسسة ماستركارد.