علي بن راشد المطاعني
في الوقت الذي سمح فيه للعديد من الجنسيات بدخول السلطنة بدون كفيل في إطار تنشيط السياحة وإضفاء المزيد من الانفتاح على العالم، إلا أن التأشيرات التي تمنح لبعض الجنسيات مرهونة بالسفر لبعض الدول أو الإقامة فيها لتبدو المسألة كأنها صك غفران أو شهادات حسن سير وسلوك من تلك الدول يتم بموجبها منح المسافرين لبلادنا تأشيرات سياحية.
هنا يبرز من تلقاء ذاته سؤال مشروع.. أليس بمقدورنا ومن تلقاء أنفسنا التأكد والتيقن ومعرفة خلفيات القادمين إلينا وما إذا كانوا مؤهلين للحصول على فرصة لزيارتنا سياحيا؟
على ذلك فإن هالات من الاندهاش غطت بغتة سماوات مسقط وتتمحور عن جدلية من يحتاج إلى الآخر، نحن أم هم؟ وعبر هذه الاشتراطات عصية التحقيق نظريا لا نعتقد بأننا قد أضفنا سهما لجعبة التوجه السياحي، وإذ نحن نعول عليه في الإسهام بإيجابية في دعم اقتصادنا الوطني في هذه المرحلة بالذات، التي تفرض علينا المزيد من الانفتاح على العالم الخارجي والتناغم معه وصولا للأهداف المرجوة والتي نصبو أو نتطلع جميعا لتحقيقها.
إن منح تأشيرات سياحية لـ 25 جنسية بدون كفيل خطوة جيدة وفي الاتجاه الصحيح وتلبي ضرورات المرحلة، ولكن سيبقى الشرط القائل بالحصول على تأشيرة كل من الولايات المتحدة الأمريكية أو كندا، أو المملكة المتحدة أو دول الشنجن، سيبقى عقبة كأداء تحول دون تنزيل هذا التوجه لأرض الواقع، ولسبب بسيط هو «صعوبة» تحقيقه، إذ لا يتعين علينا مجرد التخيل بأن السائح ونحن نتطلع لجذبة سيبذل جهودا خارقة لتحقيق تلك الشروط لأجل القدوم إلينا، ما سيفعله هو إنه سيتوجه لبلد آخر يقدم إغراءات يسيل لها اللعاب.
إن منح تأشيرات سياحة مرهونة بالحصول على تأشيرات أو إقامات في دول أخرى لا تستقيم ومتطلبات التنافس المحموم ما بين دول العالم في استقطاب السياح، ولا ينبغي أن نطلق العنان لملكات الخيال لنرسم لوحة ضبابية عند خط الأفق نرى فيها السياح يتدافعون بالمناكب في مطاراتنا، سيبقى الخيال في مطلق الأحوال خيالا، هذا أمر لا مراء فيه.
اليوم وليس غدا يجب أن نكون أكثر قدرة وفاعلية علمية تكنولوجية في تحديد الجنسيات التي تفد إلينا وفق معطيات واقعية ويمكن تلبيتها ببساطة ويسر.
لنوقن أن السياحة لها ضريبة والانفتاح له ثمن إذا ما أيقنا بجدواه، ونحن في الأصل لا نعيش في مدينة أفلاطون الفاضلة، تلك كانت حلما لم ولن يتحقق.
بالطبع نتفهم بعض المخاوف التي يبديها البعض من خطوات الانفتاح وانعكاساته على الواقع الاجتماعي، وفي ذات الوقت فإن الانغلاق والانكفاء على الذات ليس حلا أيضا، فنحن واقعيا بحاجة إليهم ونظرة للمستجدات الاقتصادية تؤكد ذلك.
نأمل أن لا يكون زوارنا ممن تحصلوا على شهادات حسن سير وسلوك من دول أخرى أو تزكية من بعض الدول، فذلك شرط لا يضيف إلينا شيئا بقدر ما يأخذ منا الكثير.