الإعلام غياب المعلومة

بلادنا الأحد ٢٩/أكتوبر/٢٠١٧ ٠٣:١٠ ص
الإعلام غياب المعلومة

مسقط - محمد سليمان

تقع على «دوائر الإعلام» في أي جهة سواء كانت حكومية أم خاصة الدور مسؤولية حق الحصول على المعلومة، ويمكن تلخيص هذه المسؤولية بإجابة بسيطة فحواها أنها تقوم بالرد على أي استفسارات تتعلق بقضايا مطروحة على الساحة، وتكون مسؤولة عن توضيح الحقائق، كل في مجاله، ويتعامل الصحفيون والعاملون في الحقل الإعلامي مع تلك الدوائر بصفة أساسية باعتبارها المصدر الرئيسي لأي معلومة.

إلا أن الواقع والذي يتحدث عنه الصحفيون هو التباطؤ من قبل دوائر الإعلام في الرد على الأسئلة الخاصة بموضوعاتهم الصحفية والرد على استفساراتهم، إلى الحد الذي يتجاوز الثلاثة أشهر في الرد على الرسالة الواحدة، وربما يستغرق الأمر أكثر من ذلك.
وقد اعتبر عدد من الصحفيين أن عدم تجاوب دوائر الإعلام في الجهات الحكومية، يساهم في غياب المعلومة، مطالبين بوجود تنسيق بين جمعية الصحفيين العمانية، ودوائر الإعلام في الجهات الحكومية فيما يتعلق بهذا الجانب، وكذلك التنسيق من أجل الحد من الروتين حول اعتماد البيانات الصحفية والردود الصادرة من دوائر الإعلام على إجابات الصحفيين حول القضايا المتناولة، معتبرين أن ذلك يساهم في القضاء على تداول الشائعات والمعلومات المغلوطة، وذلك من خلال سرعة الرد على أسئلة الصحفيين والعاملين في الحقل الإعلامي.

غياب المعلومة

من جانبه أكد رئيس اللجنة الإعلامية بمجلس الشورى سعادة د. حمودة بن محمد الحرسوسي أن لجنة الإعلام والثقافة بالمجلس تعنى بمتابعة ودراسة الشأن الإعلامي بما يساهم في خدمة الإعلاميين والرقي بمستوى الإعلام، حيث أقر المجلس مؤخرا دراسة لجنة الإعلام والثقافة حول «تفعيل أدوار المتحدث الرسمي في المؤسسات الحكومية، وذلك خلال الجلسة الاعتيادية الثالثة والعشرين لدور الانعقاد السنوي الأول (2015-2016م) من الفترة الثامنة (2015-2019م) للمجلس، وتتمثل أهمية هذه الدراسة في سعيها لتفعيل أدوار المتحدث الرسمي في المؤسسات الحكومية بالسلطنة؛ من أجل تحديد المعلومة الموثوقة والصحيحة التي يحتاج لها المجتمع عموماً، والإعلام بشكل خاص، لاسيما مع وجود أحداث ترتبط بتلك المؤسسات بشكل مباشر، ما يساعد في القضاء على الشائعات والمعلومات المغلوطة التي يمكن أن تنسب للمؤسسة أو لمسؤوليها ، كما تعد هذه الدراسة استكمالاً للجهود التي قامت بها اللجنة في مقترح سابق لقانون «حق الحصول على المعلومات وتداولها»، حيث يواكب العمل بقانون حق الحصول على المعلومات وتداولها وجود متحدثين رسميين معنيين بتقديم المعلومات الصحيحة والمعبرة عن الموقف متى ما تم التقدم بطلبها من وسائل الإعلام.
وأوضح الحرسوسي أن نتائج وتوصيات هذه الدراسة ينتظر أن تساهم في تعزيز ترتيب السلطنة في كثير من التقارير التي تصدرها المنظمات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني التي تعنى بقضايا الشفافية ومكافحة الفساد وحرية الصحافة؛ ، وتوسيع دائرة الرقابة الإدارية والحد من البيروقراطية من خلال وجود المتحدث الرسمي، والذي سيعمل على تعزيز كفاءة الجهاز الإداري بالمؤسسات الحكومية وسرعة الإنجاز في العمل.
هذا إضافة إلى تعميق الالتحام الوطني من خلال تعزيز مستوى الشفافية والوضوح في طبيعة عمل المؤسسات الحكومية، والحد من أي ردة فعل عكسية قد تحدث من قبل المجتمع إزاء غموض بعض الإجراءات.
وعن الأسباب التي دفعت اللجنة لدراسة مثل هذا المقترح قال رئيس لجنة الإعلام والثقافة: إن اهتمام لجنة الإعلام والثقافة بدراسة هذا الموضوع يأتي لعدّة مبررات، من أهمها ترجمة متطلبات أهداف دراستها السابقة حول «مقترح قانون حق الحصول على المعلومات وتداولها»، وكذلك انتشار الشائعات والمعلومات المغلوطة التي تمس خصوصية المؤسسات والمسؤولين عبر وسائل الإعلام الجديد وعدم وجود قانون يحددها، أو مصدر يؤكد صحتها أو ينفيها، وعدم وجود مرجعية يمكن أن تعتمد عليها وسائل الإعلام في الحصول على المعلومات، هذا إضافة إلى وجود إشكاليات متعلقة بآلية حصول الصحفيين على المعلومات بطرق غير مباشرة ودخولهم في قضايا مساءلة قانونية مع المؤسسات الحكومية.

مطالبات سابقة

رئيس جمعية الصحفيين العُمانية عوض بن سعيد باقوير قال: كانت هناك الكثير من النقاشات واللقاءات بين جمعية الصحفيين وبين العديد من الجهات المعنية حول ضرورة وجود متحدث رسمي، كاقتراح يساهم في القضاء على البيروقراطية داخل الجهات الحكومية والخاصة، بحيث تكون هناك سرعة في الرد على أسئلة واستفسارات الصحفيين بما يحقق وجود إعلام مهني قوي يتناول معلومات موثقة من مصادرها الرسمية.
وأضاف: أحيانا يستغرق الأمر شهورا للرد على استفسارات الصحفيين وهذا يساهم في نشر المعلومات المغلوطة، لاسيما وأن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت تشهد انتشارا لمعلومات ربما يكون بعضها غير صحيح، وعدم وجود ردود رسمية سريعة، فإن ذلك يساهم في انتشار المعلومات المغلوطة والشائعات بسرعة كبيرة، لذا لابد من وجود آلية لكيفية بحث سبل تحقيق هذا الأمر وتفعليه على أرض الواقع، وبالفعل نظمت جمعية الصحفيين العمانية العديد من اللقاءات حضرها بعض إعلاميي دوائر الإعلام التابعة لجهات مختلفة لمناقشة سبل معالجة تباطؤ الردود وبحث الحلول الممكنة.

متحدث رسمي

وأوضحت أمل بنت طالب الجهورية الباحثة الإعلامية الأولى بمجلس الشورى العماني، أن وجود المتحدث الرسمي في المؤسسات الحكومية يمثل اليوم خطوة مهمة ولها أهمية بالغة في ظل تعدد وسائل الإعلام وتنوعها في السلطنة من أجل العمل الجاد لبناء نظام متكامل للاتصال ودقة المعلومات عبر تبني أفضل الممارسات لتطوير قنوات الاتصال وضمان أعلى معايير الشفافية في هذا المجال، حيث لا تزال صورة المتحدث الرسمي في الكثير من مؤسساتنا غير واضحة الملامح، وتجارب بعض المؤسسات في تطبيقها تشوبها الضبابية ومن أهمها قلّة التأهيل، وضعف مهارات الاتصال والتواصل، إلى جانب التحفظ المبالغ به في حجب بعض المعلومات عن وسائل الإعلام، وعدم اكتراث بعضهم بالرد أو التفاعل مع ما يشغل الرأي العام من قضايا تخص الجهة التي يتبع لها، وحتى إن جاءت الردود بعد طول انتظار؛ فإنها قد تأتي في كثير من الأحيان مغلفة بلغة الدفاع عن المنشأة وممزوجة بعبارات التسويف والوعود التي لا يستطيع المتابع فك رموزها.
كما أن تأويل القضايا المطروحة عن أي مؤسسة أصبحت تشغل الرأي العام مما يجعلها تدخل في دائرة التأويل فتنشأ لها عدة تفسيرات نتيجة غياب الحقيقة التي تحجبها هذه المؤسسة أو تلك، ما يسبب إشكالية لدى متابعي تلك القضية، وتعاني الكثير من المؤسسات الحكومية والمسؤولين في السلطنة من تعرضها للاتهام المباشر في الكثير من القضايا عبر وسائل الإعلام سواء من خلال الصحف اليومية، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي من خلال سعي الصحفيين الدائم للبحث عن المعلومات الجديدة، ورغبتهم في تحقيق السبق الصحفي، الأمر الذي يدفعهم لنشر معلومات دون التثبت من صحتها؛ نتيجة غياب مرجعية أو متحدث رسمي يرد على استفساراتهم أو يمدهم بالمعلومات الصحيحة، هذا إضافة إلى امتناع بعض المؤسسات عن الرد على وسائل الإعلام، وتصنيف معلوماتها في إطار السرية، وعدم إمكانية الإفصاح عنها؛ وذلك يرجع لعدم قناعة مسؤولي تلك المؤسسات بأهمية ودور الإعلام اليوم والذي لم يعد محصوراً في وسائل الإعلام التقليدية بل أصبح يضم المنتديات والمواقع الإلكترونية، ووسائل التواصل الاجتماعي على اختلاف أنواعها، والتي ساهمت في تظليل المعلومات، ونشر الإشاعات؛ الأمر الذي يجعل من الأهمية بمكان تفعيل أدوار المتحدث الرسمي «الإعلامي» في المؤسسات الحكومية، لاسيما الخدمية منها، وذلك من خلال تعيين متحدثين رسميين في مقارها الرئيسة، وفي الفروع بحسب الحاجة لذلك بما يساهم في تعزيز تواصلهم مع وسائل الإعلام وتزويدها بالمعلومات الصحيحة في الوقت المناسب.