﴿هل جزاء الإحسان إلا الإحسان﴾

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٥/أكتوبر/٢٠١٧ ٠٤:٥٣ ص
﴿هل جزاء الإحسان إلا الإحسان﴾

علي بن راشد المطاعني
ali.matani@hotmail.com

في الوقت الذي تشجع فيه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الفعاليات المجتمعية التي تقام في الولايات من خلال التبرعات والرعايات لهذه الأنشطة كالمدارس والجمعيات والأندية والفرق ‏الرياضية وغيرها، وتقف موقفا مشجعا لهذه الأنشطة، إلا أن هذه الجهات والتي تتلقى كل هذا الدعم تشتري مستلزماتها من خارج هذه المؤسسات من محلات الهايبر ماركت الكبيرة، بل من خارج البلاد لفروقات بسيطة في الأسعار، وإذا أضيفت عليها تكلفة النقل والإعاشة تكون أسعار مؤسساتنا الصغيرة والمتوسطة أقل من الخارج.

فلماذا هذه الجهات التي لم تقابل الإحسان بالإحسان تطلب الدعم من هذه المؤسسات الصغيرة، أليست هذه مفارقة تظهر ازدواجية في المواقف بين طلب التبرع من مؤسسات والشراء من خارجها، الأمر الذي يتطلب منا إيجاد توازن منطقي في مثل هذه الجوانب إذا كانت لدينا بالفعل مصداقية في التعاطي مع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة كما نزعم.
إن دعم المؤسسات ينطلق من الفرد والمجتمع إذا رغبنا فعلا في النهوض بهذا القطاع والعاملين فيه من رواد الأعمال، وحتى تنمو وتزدهر مؤسساتهم إما أن نطالبهم بالدعم ثم نلقي باللوم على الآخرين ولا نحرك ساكنا ثم نذهب بعيدا حتى طباعة الأرقام على القمصان الرياضية وشراء احتياجات الحفلات والجوائز كل ذلك من خارج البلاد، بمبالغ تبرع بها أصلا أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فتصرف كهذا فيه إجحاف كبير بحق رواد الأعمال وتناقض في مواقفنا بين الدعوة للنهوض بهذا الجانب وفي الزاوية الأخرى نقوم بمعاقبتهم، رغم إحسانهم، بعدم الشراء من مؤسساتهم!
إن قوة المجتمع تكمن في دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بل تعد الأساس لاستمرار هذه المشاريع وتطويرها، وجدلية استدامتها ترتكز على شراء احتياجاتنا منها.
فدعمنا لرواد الأعمال ليس معنويا ولفظيا وخطابيا، بقدر ما يكون عمليا وماديا بشراء احتياجاتنا ومستلزماتنا منهم، فهم يعملون على حسابهم الخاص، ولا يكلفون الدولة أي مرتبات أو التزامات بالتوظيف، بل يسعون مخلصين لإيجاد وظائف لغيرهم من أبناء الوطن ويسعون كذلك لتحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع والخدمات وغيرها.
بالطبع نحن لا نعترض على شراء المتطلبات غير المتوفرة لدى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من جهات أخرى أو حتى من خارج البلاد، وهذا الإجراء يتم اللجوء إليه بعد التيقن من عدم توفرها لديهم، لكن إذا كانت متوفرة فلا مناص من الشراء منهم، بل إن دعمهم هـــو فرض عين يصب في خانة تعضيد وتأكيد ولائنا وحبنا لهذا الوطن المعطاء.
نأمل أن نكون أكثر واقعية في دعم رواد الأعمال بالأفعال لا بالأقوال، ونعمد بالتالي لتدوير الأموال في ولاياتنا، وبهذه الخطوات البسيطة نساهم بإيجابية في النهوض بهذه المؤسسات، وعندما تنهض وتزدهر فإن ذلك يعني أيضا ازدهار ونمو اقتصادنا الوطني، تلك هي الحكاية ببساطة.