علي بن راشد المطاعني
في الوقت الذي ينتظر حجاج السلطنة تسهيلات من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية تتمثل في تحسين مستويات حملات الحج وتصنيفها وفتح المجال للمنافسة لتقديم أفضل الأسعار على مستوى الولايات بعد المأساة التي حصلت في موسم الحج الفائت، نتفاجأ بإعلان الوزارة عن مشروعها الضخم بتسجيل الحجاج إلكترونيا وكأنها حققت إنجازا كبيرا باختراع هذا الابتكار، يبدو أنها خارج السرب باعتماد تسجيل الحجاج إلكترونيا فبعض الحجاج لا يجيدون القراءة والكتابة، أعلنت عن هذا دون مراعاة للمستويات العلمية والعمرية للحجاج، ممن هم فوق العمر 60 عاما وما دون، بل لم تراع ما إذا كانت تتوفر في بعض القرى في السلطنة وسائل الاتصالات والتكنولوجيا أم لا، أو تستخدم هذه الفئات الأجهزة الإلكترونية أم لا، الأمر الذي يثير الاستغراب لهذا التعاطي غير الإيجابي من الوزارة التي يفترض أن تقف على المشكلات والتحديات قبل أن تطوّر نوعية التسجيل وكأنه أصل المشكلة في عملية تسجيل الحجاج.
لا نعرف ماهية التسجيل الإلكتروني الذي ابتدعته الوزارة وتكلفته ومن هم القائمون عليه من الموظفين، وتبدو أن التكلفة قد تزيد على تكاليف تحسين خدمة مهمة تنفع الحجاح، إلا أنها آثرت بدلا من ذلك إضافة عبء جديد وهو التسجيل الإلكتروني، كأنها سكتت دهرا ونطقت كفرا كما يقال، فهل هذا الابتكار سوف يساعد على حل مشكلات الحجاج مثلا ويحسّن الخدمات المقدمة لهم، ويسهم في تخفيض الأسعار بإتاحة التنافس على صعيد كل ولاية وفتح المجال لعدد أكبر من الحملات أم هو عملية تجميلية للأخطاء التي تقع للحجاج العمانيين في مواسم الحج ومعاناتهم مع الحملات!
الغريب أن تطبق الوزارة النظام الإلكتروني على حجاج بلغوا من العمر عتيّا، يرغبون في أداء فريضة الحج بسلام وأمان دون أي إزعاج، بل لو أجرينا استفتاء على الراغبين في الحج عن التسجيل الإلكتروني لن تجد إلا واحدا في المائة يعرفه، فضحايا الأنظمة الإلكترونية كثيرون لا سيما في القبول الموحد للطلاب وهم الذين تتاح لهم معرفة هذه التقنيات لكنهم مع ذلك يخفقون في التعامل رغم معدلاتهم العالية في الثانوية، فضلا عن أن الكثير من الخدمات الاختيارية لا تجد فيها التسجيل الإلكتروني، فكيف بالحاج أو الحاجة أن يتقنا هذه التكنولوجيا وربما سجل أحدهم اسمه ثم لا يظهر بعد ذلك في السجلات فيبقى خارج الحسبة.
إن تطبيق التسجيل الإلكتروني للحجاج مثل "الكوخ وحمام السباحة"، كالساكن في الكوخ يرغب في بناء حمام سباحة، فالوزارة عليها أن تحسّن الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن في السلطنة، قبل أن تحسّن كيفية التسجيل لعدد ليس كبيرا أصلا ولا يحتاج إلى كل هذه الزوبعة، لأن عدد 14 ألف حاج من 11 محافظة بمعدل ألف ومائتي حاج وحاجة يمكن تسجيلهم في ساعات من موظفي الوزارة في المحافظات، وليس من الصعوبة بمكان حتى تبتدع تسجيلا إلكترونيا وتعمل له فرقعة اعلامية.
ومن المفارقات أن يقال أن التسجيل الإلكتروني سوف يسهل عملية اختيار الحملة إلكترونيا ومعرفة تفاصيل الخدمات المقدمة والتكلفة المالية، لا أعرف ماذا نقول للوزارة "على من تقرأ زبورك يا دواد " أناس لا يعرفون أبجديات القراءة والكتابة يوجَّهون لاختيار الحملات إلكترونيا، الأمر فيه بعض الاستعباط كما يقول الإخوة المصريون.
نحن مع التطورات الحديثة وتعزيز الخدمات الإلكترونية لكن ليس على الحجاج مثلا، فأعدادهم ومستوياتهم وفترة التسجيل والعمل لا تتجاوز شهرين سنويا، هو ما يفرض أن تخفف الوزارة عليهم هذه الإجراءات وتسهل لهم الأمور أكثر بوضع موظفين للتسجيل والتأكد من عدد مرات الحج وغيرها من إجراءات تنظيمية.
نأمل من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية أن تتفهم ظروف الحجاج وتسهل عليهم أداء الفريضة دون منغصات إلكترونية وغيرها، وتركز دورها وجهودها في تحسين الخدمات وتطوير الحملات وتصنيفها وإتاحة التنافس.