لنواجه عثراتنا الشخصية بعزيمة الرجال

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١٩/أكتوبر/٢٠١٧ ٠٢:٣٦ ص
لنواجه عثراتنا الشخصية بعزيمة الرجال

علي بن راشد المطاعني

أصبح من السهولة بمكان اليوم حشد الرأي العام وتجييشه بواسطة وسائل التواصل الاجتماعية الضاربة بقوة في أحشاء الفاعلية.

وهو ما يجعل بعض الطلبات والرغبات والأمنيات الشخصية تبدو كعمومية، واللاواقعية تتبختر في زي الواقعية مما يجعل الكثير منها في ظل استئساد الضبابية تثير الاستياء لقاء ما تحمله في ثناياها من استخفاف بالعقول وازدراء بالمنطق السديد وتسفيه للحقيقة وإن بدت ساطعة كالشمس.

ولعل تدشين هشتاق عُمانيون بلا ديون، إحدى هذه الهرطقات التي يحاول البعض تعميمها ويطرح الحلول لمعالجتها في محاولة لشل تفكير الإنسان السوي.
ما حدث يدعو للركون للواقعية المعتدلة إزاء التعامل مع القضايا التي تناقش وتطرح على الرأي العام فيما له قيمة ويشكل مشكلة عامة وليست شخصية بطبيعة الحال.
فالديون الشخصية وكذلك ديون الدول ليست مقتصرة على دول بعينها أو شعب بعينه، فالحياة كلها أقساط هكذا باتت تسير، مع تفاوت طبيعي في مقدار الدين من شخص لآخر أو بين دولة لأخرى، فالكل في هذه البسيطة يعيش من خلال القروض، تلك الكلمة جذورها في الجحيم، ورأسها على ظهر الأرض ولا مفر منها إلا لظلها اللاظليل، إذ حتى الفواتير الشهرية للكهرباء والمياه والاتصالات، نجدها تحت ذات الظل، فلا يجب علينا في واقع كهذا تدويل قضايا متفق عليها كونيا بأنها ممارسات شخصية وسلوكيات استهلاكية بعضها يكون الفرد في خضمها مدفوعا بطموحات خاصة به، وبالتالي لا يعقل أن تتحول تلك الطموحات إلى قضايا يتبناها المجتمع بأسره.
إن التفكير في إيجاد حلول لمشكلاتنا الشخصية من خلال جمع التبرعات وعبر التحويلات الشهرية، ما هي إلا حيلة العاجز وتفكير المتكاسل في مواجهة ظروف الحياة وآلامها بغير بذل جهد يذكر في مواجهة آلامها بقوة وعزيمة لا تلين، فهذه السلوكيات تفضي إلى الكثير من الإشكاليات في حياتنا اليومية وتشل من قدرتنا على التكيف واجب الإتباع مع الواقع، وتستجدي الآخرين بنحو مهين.
إن طرح موضوع معالجة القروض الشخصية التي تزيد على خمسة بلايين ريال عُماني وفق الإحصائيات الرسمية قد يفتح أبوابا لا تعد ولا تحصى كشراء سيارات وتزويج وشراء ملابس وغيرها من الممارسات الشخصية التي قد تنسحب على مثل هذه السلوكيات التي تمد اليد للآخرين، وهذا ما لا نتمناه كسلوك عام لهذا الشعب الذي عرف عنه العزة والإباء والكرامة.
إن الحلول التي طرحت لمعالجة مثل هذه القضية غير واقعية، ولا يمكن أن تحل بالتبرعات بقدر ما يكون الحل بترشيد الممارسات الاستهلاكية وتقنين الإقراض الشخصي إلى أدنى الحدود، والصرف في حدود الدخل، وعدم إطلاق العنان للأماني أو محاولة السباحة في بحور السراب.
نأمل أن نستثمر طاقاتنا في التواصل الاجتماعي في طرح موضوعات ذات فائدة وأهمية لنا جميعا، وأن يعي البعض أن الحلول تبدأ من الذات ثم تتسربل إن كانت منطقية للآخرين، ولا يجب أن نسعى لتصدير عثراتنا الشخصية للآخرين، فذلك ليس عدلا أو إنصافا.