هـــل يستسلم الدولار لنهوض اليوان الصيني؟

مؤشر الثلاثاء ١٧/أكتوبر/٢٠١٧ ٠٣:٣٤ ص

خاص -

هل يحل اليوان الصيني مكان الدولار؟ سؤال يطرح بقوة بعد النهضة الاقتصادية العظيمة التي حققتها الصين خلال قرن واحد، وها هي اليوم تقف أمام مفترق جديد لتحدد معالم المستقبل.

تنطلق فعاليات المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني هذا الأسبوع في بكين، ومن المتوقع أن يشكّل الحدث الأضخم من نوعه لهذا العام. وسيسهم المؤتمر في إحداث نقلة نوعية حقيقية، تكون عبارة عن تغيير بالغ الأهــــمية يتم من خلاله استبدال الطرق التقليدية في التغيير أو إنجاز المهمات بأساليب جديدة ومختلفة. وينطبق ذلك تماماً على المؤتمر، مما يكسبه أهمية تاريخية كبيرة بالنسبة لنا جميعاً وللاقتصاد العالمي على حد سواء.

ويقول رئيس الاقتصاديين ورئيس شؤون المعلومات لدى ‹ساكسو بنك› ستين جاكوبسن «نجد بأن الصين تقود العالم في مجال تقديم الائتمان والنمو، فضلاً عن قيادتها الحالية لمختلف مجالات التكنولوجيا. وما زلت أعتقد بأن الرئيس الصيني شي جين بينغ سيولي نوعية المنتجات تركيزاً أكبر من كمياتها، في حين سيشكل التلوث القضية الاجتماعية الأولى في الصين.
ويعتبر جاكوبسن أن النتائج المتوقعة من المؤتمر تتمحور حول عدد من النقاط هي:

نمو أقل من المتوقع خلال الـ18 شهراً المقبلة: يتطلع الرئيس بينغ إلى مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد الذي تم تسجيله في العام 2010 (عبر تطبيق مبدأ 72 = 72/‏‏7% للناتج المحلي الإجمالي على أساس سنوي = 10 أعوام)، أي العمل على تحقيق نسبة نمو سنوية تبلغ 7%. ولكن معظم هذه النسبة ستكون مرتكزة على الإنتاج، ما يعني التركيز على الاستثمار أولاً (وهنا ستنخفض معدلات النمو)، ثم العمل على زيادة هذه المعدلات.

الحد من التلوث عبر التركيز على استخدام السيارات الكهربائية: بحلول العام 2030، ستصبح جميع السيارات المستخدمة في الصين كهربائية.

معدلات عالية من البحث والتــــــطوير والابتكار لتحقيق الريادة: تتبوأ الصين فعـــــلياً مرتبــــــة الصـــدارة في هذه المجالات.

الانفتاح التدريجي البطيء لحسابات رأس المال، وزيادة فرص الوصول إلى الأسواق الأجنبية، والتركيز بشكل كبير على تحويل التجارة العالمية من الاعتماد على الدولار الأمريكي نحو اليوان الصيني.
يوان صيني أضعف في أعقاب المؤتمر.

تأثير سلبي كبير على معدلات الائتمان والنمو في باقي أنحاء العالم.

خطة اقتصادية

ويضيف ستين جاكوبسن: «من المفترض أن يكرّس المؤتمر العمل بالخطة الاقتصادية، وينبغي لنا أن ندرك بأن ’الخطة الاقتصادية‘ الصينية للأعوام الخمس المقبلة هي قيد التنفيذ حالياً، حيث بدأ العمل بالخطة الخمسية الثالث عشرة فعلياً في يوليو 2016».

ويلخّص ستين جاكـــــوبسن نقاط الخطة الاقـــــتصادية بما يلي:

الفكر اللينيني الماركسي‘، و’فكر ماو تسي تونغ‘، و’نظرية دنغ شياوبنغ‘، و’نظرية الممثلين الثلاثة‘، و’الرؤية العلمية للتنمية‘، والانتقال بالمبادئ التوجيهية إلى حيز التنفيذ انطلاقاً مما جاء في كلمات شي جين بينغ، الرئيس الصيني وأمين عام الحزب الشيوعي الحاكم.

يتبوأ الحلم الصيني المتمثل بتحديث البلاد والقيم الاشتراكية الأساسية مكانة خاصة في قلوب الناس. وقد واصلت القوة الناعمة الصينية نموها لتصبح أكثر تأثيراً. وتم تحقيق إنجازات لافتة فيما يتعلق بالإجراءات الإصلاحية العسكرية ذات الطابع الصيني.

ونجحت الصين في الوصول إلى مستويات جديدة من نواحي القوة الاقتصادية، والإمكانات العلمية والتكنولوجية، والقدرات الدفاعية، والنفوذ الدولي.
بالرغم من ذلك كله، ثمة حاجة ماسّة لتحسين جودة وكفاءة نمو الاقتصاد وتحديثه وإحداث تحوّل نوعي فيه. وبما أن الاقتصاد يمر بمرحلة جديدة من النمو الطبيعي، يتنامى التوجه نحو اعتماد نموذج أكثر تطوراً للنمو، وتحسين أقسام العمل، وبناء هيكليات اقتصادية على أسس منطقية. ومع تسارع وتيرة تحديث الهيكليات الاستهلاكية، واتساع نطاق الأسواق، والأسس المادية الراسخة، والبنى الصناعية المتكاملة، وتوفر الإمدادات المالية، ووفرة رأس المال البشري، إلى جانب التأثيرات التراكمية للابتكار والتي بدأت نتائجها الإيجابية بالظهور.

الحفاظ على معدلات نمو متوسطة - مرتفعة. بينما ندأب على تحقيق تنمية أكثر توازناً وشمولية واستدامة، يتعيّن علينا العمل على ضمان أن الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد الذي حققته الصين في العام 2010 سيتضاعف بحلول العام 2020، والتأكد من الحفاظ على توازن المؤشرات الاقتصادية وإجراء تحسينات كبيرة على نوعية وكفاءة التنمية. كما ينبغي الوصول بالإنتاج إلى حدوده المتوسطة العليا، حيث سيتم إحراز تقدم ملحوظ في تحديث القطاع الزراعي، في حين ستتكامل تكنولوجيا المعلومات على النحو الأمثل مع قطاعات التصنيع.

تحقيق نتائج ملموسة في التنمية القائمة على الابتكار. سنسعى إلى تحقيق تنمية تستند إلى الابتكار، وضمان ازدهار الشركات الناشئة والمتخصصة في مجال الابتكار، والتأكد من تحسين إنتاجية العوامل الكلية بشكل ملحوظ. وسيصبح العلم والتكنولوجيا جزءاً أساسياً من الاقتصاد، وسيتم تخصيص المكونات اللازمة للابتكار بهدف تحقيق تأثير إيجابي أوسع. ومن شأن بلوغ هذه الأهداف أن يساعد الصين على أن تصبح بلداً غنياً بالمواهب المبتكرة.

تغيّر الاقتصاد العالمي

ويقول ستين جاكوبسن: «تشهد الصين تغيراً ملحوظاً يفوق ما أتاحته لها الأسواق. فبينما ينصب تركيز الاقتصاد الأنجلوسكسوني التقليدي على النظام المصرفي والديون، يمكن للصين -وبخلاف النظام الاقتصادي الغربي- تسريع وتيرة نموها من خلال إطلاق العنان للجوانب الإنتاجية. وفيما اختارت الولايات المتحدة، تحت إدارة الرئيس ترامب‘ الانسحاب من الاقتصاد العالمي بناءً على المفهوم الضعيف لشعار ’أمريكا أولاً‘، تعمل الصين على تعزيز حضورها وأهميتها على مستوى العالم».
وباتت الصين حالياً ترغب بالوصول إلى نظام عالمي جديد في مجال السلع. وستتيح الصين للمصدرين إمكانية تجنب الدفع بالدولار الأمريكي واستخدام اليوان الصيني بدلاً من ذلك، أو حتى الذهب.
ويعتبر أن الصين تستفيد حالياً من الطابع المتردد للسياسة الخارجية الأمريكية، والتي يقودها الارتباك في اتخاذ القرارات والمدفوعة بالتقلبات والتغيّرات الكثيرة وذات الطابع العشوائي. وفي المقلب الآخر، تتقدم الصين بخطى واثقة مدعومة بمبادرتها ’حزام واحد، طريق واحد‘ و’البنك الآسيوي للتنمية‘ و’منظّمة شانغهاي للتعاون‘.

حيث يبلغ تعداد الناس المنضوين تحت هذا التحالف أكثر من 3 بلايين نسمة. ومع انضمام باكستان والهند إلى هذا التحالف منذ العام 2015، سيبلغ هذا التعداد عتبة الـ4 بلايين نسمة بحلول العام 2050. وسيكون المستقبل ملكاً للبلدان والشركات التي يمكنها قيادة توجهات المستهلكين، ولا توجد دولة أفضل من الصين والهند في هذا المجال. ويضيف: «نحن نشهد حالياً عرضاً جيوسياسياً حقيقياً يتمحور حول قـــــوة عالمية مهيمنة -الولايات المتحدة- تبدو وكأنها تتخلى عن هيمنتها بشكل طوعي. وتبدو النتيجة غاية في الوضوح بالنسبة لي: سقط الدولار عن عرش العملات، ليتم تتويج اليوان الصيني ملكاً عليها».