كفاءات تهجر الوظائف بعد مكافأتها..

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٧/أكتوبر/٢٠١٧ ٠٣:٢٤ ص
كفاءات تهجر الوظائف بعد مكافأتها..

علي بن راشد المطاعني
ali.matani@hotmail.com

الكثير من الوظائف النوعية تحتاجها الدولة لسنوات طويلة لتغطية الطلب المتزايد عليها كالأطباء والقانونيين والقضاة والمهندسين وغيرها من الوظائف ذات الأهمية، إلا أنه وللأسف ليس هناك ثمة نظام يتيح الاحتفاظ بهذه الكوادر نسبة للحاجة الماسة إليها في منظومة الدولة، فتجدهم يتقاعدون بمجرد إكمالهم عشرين عاما أو أقل وبعضهم يستقيل من تلقاء ذاته ليتفرغ لأعماله الخاصة، ونحسب بأنه لم يتم الانتباه إلى أن البلاد لم تكتف بعد من هذه الكوادر الوطنية النادرة، وأنهم وبخبراتهم العملية الطويلة يمثلون رصيدا حيويا لا يمكن الاستغناء عنه ببساطة وكأن شيئا لم يكن.

فمثل هؤلاء لا يمكن تعويضهم بسهولة فهم على الأقل سيساهمون في نقل خبراتهم وتجاربهم إلى الشباب الجدد في هذا المجال وهذا في حد ذاته مكسب يستحيل غض الطرف عن حيويته وجدواه للوطن.
لذلك لا بد من إيجاد وسيلة ما لتعديل أو أقل شيء لتقويم الأنظمة والقوانين بما يتيح إبقاء هذه الكوادر في مفاصل الدولة المختلفة، أو إيجاد مزايا تجعلهم يفضلون البقاء في مواقعهم على أي خيارات أخرى، هكذا تفعل كل الدول المتقدمة أمريكا وأوروبا مثالا، باعتبار أن الكفاءات العلمية هي الأساس في نهضة أي دولة تروم اللحاق بركب التطور والتقدم.
وإذا ما قمنا بإلقاء نظرة موضوعية على واقع الحال عمليا سنجد أن مستشفياتنا لا تزال في حاجة ماسة للمزيد من الكوادر الطبية وفي جميع التخصصات والعديد من الأقسام تعاني من نقص الكفاءات الوطنية في المجالات الصحية الدقيقة، ورغم إن هذا هو الواقع فنجد إن معدلات الاستقالات كبيرة، وهو أمر يشير لوجود خطأ ما في مكان ما، كما إن السلطة القضائية هي الأخرى تعاني وبشدة من نقص حاد في القضاة والقانونيين والمدعين العامين وغيرهم‏، لاسيما بعد التطورات التي شهدتها السلطة القضائية وتوسع النظام القضائي ليغطي جميع ولايات السلطنة، كل ذلك أفرز الحاجة إلى كفاءات في هذه المجالات وفي المقابل هناك استقالات كثيرة من الطبيعي أن تؤثر على العمل في هذا المجال المهم.
نحن ندرك أن هذه الخبرات قد تجد نفسها أكثر في القطاع الخاص وهي هناك تقدم أيضا خدماتها للوطن وتضيف الكثير من الجهد الخلاق والنادر له.
نقدر ذلك تماما وقد يقدم لهم القطاع الخاص من المزايا والأعطيات ما لم يقدمه القطاع العام وهذا ما أشرنا إليه بضرورة منحهم ما يستحقون فعلا لا قولا عبر إشادات لن تغني في أعباء الحياة شيئا.
ومع هذا فإن الأولويات تقتضي أن توجد هذه الكفاءات في مواقع أهم وعبر تلك المواقع الأهم وهي القطاع العام يمكنها تقديم جهدها لقطاعات واسعة من المجتمع وهذا هو بيت القصيد.
نأمل عدم التفريط في كفاءاتنا الوطنية النادرة والشروع في دراسة هذا الأمر من كل زواياه وبما يسهم في تجويد العمل وتحسينه في العديد من المجالات التي تعاني من نقص وتناقص في الكوادر الوطنية ذات الخبرات النوعية.