السلطنة تتمتع بسمعة طيبة في محاربة الاتجار بالبشر

بلادنا الثلاثاء ١٧/أكتوبر/٢٠١٧ ٠٢:٥٣ ص
السلطنة تتمتع بسمعة طيبة في محاربة الاتجار بالبشر

مسقط - سعيد الهاشمي

أعلنت اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر إطلاق حملة (إحسان) لنشر الوعي العام حول مكافحة الاتجار بالبشر ودعوة المجتمع لاستكمال جهود الحكومة للتصدي لهذه الجريمة المنافية للقيم الإنسانية، وقد دشّن الحملة المدعي العام ونائب رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر سعادة حسين بن علي الهلالي صباح أمس الاثنين، بحضور عدد من أصحاب السعادة السفراء المقيمين في السلطنة وعدد من أعضاء اللجنة وممثلين عن المؤسسات الحكومية المختصة ومؤسسات المجتمع المدني والصحف ومختلف وسائل الإعلام المحلية. وسيتم تنفيذ الحملة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة عبر وسائل متنوعة مستهدفة جميع شرائح المجتمع وجميع الجنسيات عن طريق بث رسائل بلغات متعددة تتيح للجميع التفاعل مع الحملة خصوصا الفئات الأكثر عرضة لمثل هذه التجاوزات الشنيعة.

وأكد ممثل شرطة عمان السلطانية ضمن لجنة فريق الخبراء التي تنبثق من اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر النقيب محمد البلوشي في تصريح خاص لـ»الشبيبة» أن السلطنة تبذل جهودا جبارة للخروج من التصنيف الدولي فيما يخص الاتجار بالبشر من الفئة الثانية تحت الملاحظة إلى الفئة الأولى، إذ إن هناك ملاحظات قد رصدت وتبذل السلطنة جهداً لتصحيحها، مستدركا أن سمعة السلطنة في موضوع الاتجار بالبشر طيبة، ولكن هناك جهودا حثيثة من مختلف الجهات ذات العلاقة للوصول إلى الفئة الأولى، كونها تؤمن أن هذه الجريمة تمس بالكرامة الإنسانية وتسعى السلطنة إلى الارتقاء بالإنسان وتخليصه من طائلة الاحتلال.
وأضاف البلوشي: مكافحة جريمة الاتجار بالبشر هي مسؤولية مجتمعية، وينبغي التركيز على الشراكة بين مختلف الجهات لمنع الجريمة من خلال اتخاذ الإجراءات الاحترازية للحيلولة دون ارتكاب الجريمة، كما ينبغي التكثيف على الجانب التوعوي.
وحول الإجراءات الاحترازية التي تقوم بها السلطنة لمنع جرائم الاتجار بالبشر أوضح البلوشي أن هناك ما يسمى بإجراءات المنع فتقوم المؤسسات المعنية بتنظيم جلب القوى العاملة الوافدة، وأيضا بيان طرق وآليات الإبلاغ عن حدوث أية انتهاكات، والتركيز على بناء القدرات الوطنية، فهناك تدريب الفرق المتعلقة بإدارة المنازعات العمالية، وتلقي الشكاوى التي ترد من العمالة الوافدة وفحصها والتثبت منها.
وحول انتشار بائعات الهوى ومدى ارتباط ذلك بالاتجار بالبشر قال البلوشي: بائعات الهوى هن عبارة عن شبكة دعارة ومتى ما تحققت مؤشرات معينة فإن الأمر يعد مؤشرا لجريمة الاتجار بالبشر، فهناك فرق بين جريمة دعارة وإدارة محل الدعارة وبين جريمة الاتجار بالبشر.
وعن الطرق التي تأتي من خلالها بائعات الهوى إلى السلطنة أشار البلوشي إلى أن معظم بائعات الهوى يأتين بتأشيرات سياحية، والمعمول به أنه يجب على الشخص القادم إلى السلطنة أن يكون لديه تذكرة عودة وحجز مؤكد في أحد الفنادق وغيرها من الإجراءات الأخرى.

وقال: عندما تقوم تلك «القادمات بتأشيرة سياحية» بإظهار أنفسهن بصورة مخالفة للحشمة والعادات والتقاليد يتم ضبطهن، ولكن لا يمكن أن يتهمن بأنهن يمارسن الدعارة، لأن الدعارة وفق قانون الجزاء تتطلب ضوابط معينة، وبالتالي فإن ما نقوم به هو ترتيب مغادرتهن السلطنة وعدم عودتهن، إلا أن هناك أفواجا أخرى تأتي لتقوم بنفس العمل، والعمل جار على وضع ضوابط وتعديل قانون مكافحة الاتجار بالبشر، بحيث يعاقب المستفيد من هذه العملية.

وأضاف البلوشي أن مداهمات وضبطيات بائعات الهوى مستمرة في السلطنة ومسألة القضاء على هذه الظاهرة ليست بيد الشرطة فقط فهي مسألة تكاملية بين مختلف مؤسسات وشرائح المجتمع، فلو لم تجد مرتكبات هذه الأفعال سوقاً رائجاً يطلبهن لما تواجدن في هذه الأماكن.

وأشار ممثل شرطة عمان السلطانية النقيب محمد البلوشي إلى أن السلطنة مقبلة على انفتاح اقتصادي حيث سيتم منح تسهيلات أوسع لجنسيات عديدة، وعلى المجتمع أن يكون مستعد لهذا الانفتاح، وأن يعي خطورة التعامل مع الجنسيات المختلفة في الجوانب غير الأخلاقية.

حملة إحسان

وقد استُلهم اسم الحملة (إحسان) من الثقافة المحلية التي تؤمن بمعاني الرحمة والإنسانية، وحسن التعامل. وسيساعد استخدام هذا الاسم في تعريف الجميع بما يزخر به المجتمع من قيم ومبادئ حميدة تستوجب المحافظة عليها وتطبيقها. ومن المؤمل أن تلعب الحملة دورا مهما عبر رسائلها وأنشطتها المختلفة في تحفيز المجتمع على مكافحة أوجه الاتجار بالبشر ورفضه بشكل قطعي.
وتأتي هذه الحملة تجسيدا لإستراتيجية السلطنة لمكافحة الاتجار بالبشر التي تركّز على تنفيذ مجموعة من التدابير والإجراءات للقضاء على هذه الممارسات المجرّمة قانونيا. كما ستسهم هذه الحملة في تعزيز وعي المجتمع بالمخاطر المحيطة بتلك الممارسات وآثارها السلبية وعواقبها القانونية. وتدعم الحملة المحاور الثلاث لمكافحة الاتجار بالبشر المتمثلة في الوقاية، والحماية، والملاحقة القضائية بالإضافة إلى بناء الشراكات مع الأفراد القادرين على منع حدوث هذه الأنشطة غير القانونية كما تستهدف الحملة عبر عدد من حلقات العمل واللقاءات التعريفية مختلف أفراد جهات إنفاذ القانون الذين يتعاملون مع حالات الاتجار بالبشر.
وفي هذا السياق، قال المدعي العام ونائب رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر سعادة حسين بن علي الهلالي: «لقد شهدت الساحة الدولية في السنوات العشر الأخيرة تصاعدا غير مسبوق في جرائم الاتجار بالبشر لاسيّما المتعلق منها بالاستغلال الجنسي وبالعمل القسري. ولا شك أن هذا يمثّل ارتدادا خطيرا لمسيرة التطور البشرية. لذلك أدركت الأسرة الدولية خطورة هذه الظاهرة الإجرامية، وبات هناك وعي متزايد بضرورة محاصرتها بالمزيد من التدابير التشريعية والتنفيذية والحملات التوعوية». وأضاف سعادة المدعي العام: «أدرك المشرّع العماني أنه لا يمكن بقاء السلطنة في منأىً عما هو حاصل في الساحة الدولية، وأدرك أيضا أن محاصرة هذه الجريمة البشعة لا يكون بمجرد التجريم، وإنما بمساندة ضحايا الجريمة، ورعايتهم نفسيا واجتماعيا، وتأهيلهم لإعادة ثقتهم في أنفسهم ومجتمعاتهم، وحمايتهم بما يكفل منع تعرضهم لامتهان كهذا مستقبلا».
وقال مساعد المدعي العام ناصر بن عبدالله الريامي: «إن اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر ملتزمة بتطبيق مقتضيات اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الجريمة المنظمة العابرة لحدود الوطنية، والبروتوكول الملحق بها بشأن مكافحة الاتجار بالبشر، وعليه فإنها مختصة بوضع خطط العمل، والضوابط، وكذا الإجراءات الكفيلة بمكافحة هذا النوع من الإجرام العابر للحدود الوطنية في غالبيته. كما أنها ملتزمة أيضا بالتنسيق مع الجهات المعنية في البلاد لتقديم الحماية اللازمة للمجني عليهم. ومع إطلاق حملة (إحسان) تحث اللجنة وجميع منتسبيها من الجهات الحكومية والمجتمع إلى تقديم الدعم للحملة وكذا للقائمين عليها، تحقيقا لهدفها النبيل». وأضاف: «نسعى إلى تسليط الضوء وتعريف المجتمع بماهية هذه الجريمة، وكذا بالممارسات الخاطئة التي قد توقعهم في فلك المساءلة الجزائية، ومن ناحية أخرى تحفيز المجتمع للقيام بدور فاعل في مكافحة الجريمة».
وتسعى (إحسان) إلى تسليط الضوء على أشكال الاتجار بالبشر، وتمكين الضحايا من التصرف، وتعريف المجتمع بأن هذه الأنشطة لا يمكن التسامح معها ويعاقب عليها القانون.
ومن المقرر أن تستمر حملة (إحسان) لثلاثة شهور ستقوم خلالها عدة جهات بأدوار مهمة كل حسب اختصاصه لتوضيح التدابير والإجراءات القائمة لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر.
جدير بالذكر أن اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر في السلطنة تتعاون باستمرار مع عدد من المنظمات الإقليمية والدولية في هذا الشأن.