تريسكا حميد
ستدخل لغة الإشارة إلى العصر الرقمي على يد شركة «مايند روكيتس Mind Rockets. مع استعداد أمريكا لإعصار إيرما في سبتمبر 2017، قدم مركز عمليات الطوارئ في ولاية فلوريدا إحاطة للسكان لتحذيرهم وتقديم المشورة لهم بشأن المخاطر المقبلة. إلا أن مترجم لغة الإشارة واجه صعوبة في إبلاغ الرسالة؛ فالمترجم الهاوي، الذي يعمل منقذًا وله أخ أصم، ترجم الرسالة إلى المشاهدين بلغة الإشارة على أنها: «تريد البيتزا، يجب أن، وحش دب» بدلًا من: «نود أن نطمئن على سلامتكم، وملاجئنا مفتوحة لاستقبالكم». تأمل الشركة الأردنية الناشئة «مايند روكيتس Mind Rockets Inc» في حل هذه المشكلة عن طريق التقنية التي توفرها. فما بدأ مشروعًا مدرسيًا لمحمود دراوشه تطور بخطى حثيثة ليكون إحدى أكبر المؤسسات الاجتماعية الواعدة في الشرق الأوسط.
تنتج «مايند روكيتس» تقنيات مساعدة للصم وضعاف السمع، وبدأت قبل خمس سنوات نشاطها بتطبيق «ميميكس Mimix»، وهو تطبيق يترجم اللغة الإنجليزية المنطوقة والمكتوبة إلى لغة الإشارة الأمريكية، ويعمل عن طريق عرض ترجمة الإشارة من خلال شخصية كرتونية ثلاثية الأبعاد (أفاتار). وقد حمَّل محمود دراوشه التطبيق على متجري تطبيقات كل من أبل وأندرويد عندما كان لا يزال في المدرسة الثانوية، ومنذ ذلك الحين جذب أكثر من 72,000 مستخدم. من خلال التطبيق، تواصل مستثمر مجهول مع محمود دراوشه وقدم له استثمارًا تأسيسيًا لتطوير نفس التقنية لمستخدمي اللغة العربية. وأصبح هذا الاستثمار التأسيسي حافزًا لمحمود دراوشه لإطلاق شركة «مايند روكيتس» في عام 2016.
انطلقت النسخة العربية من هذه التقنية، باسم تُرجمان، في العام الفائت على متجر تطبيقات أندرويد، ويستخدمه حاليًا أكثر من 10,000 مستخدم، معظمهم من مصر والمملكة العربية السعودية.
طُوِّر تطبيق تُرجمان في البداية باستخدام لغة الإشارة العربية الموحَّدة، وهي المقابلة للغة العربية الفصحى الحديثة، كما يوفِّر التطبيق لغة الإشارة الإقليمية للهجات دول مجلس التعاون الخليجي وبلاد الشام.
بوسع مستخدمي التطبيق التحدث أو كتابة رسالة، حيث يترجمها الأفاتار إلى لغة الإشارة في الوقت الحقيقي. كما يمكن إرسال الرسالة كمقطع فيديو إلى تطبيقات المراسلة حتى يمكن للمستخدمين من الصم التواصل بحرية. وقد طورَّت «مايند روكيتس» أيضًا لوحة مفاتيح خاصة بلغة الإشارة تترجم رموز لغة الإشارة إلى نص مكتوب. وفي هذا الصدد علق مالك زعيتر، المسؤول التنفيذي لتطوير الأعمال في شركة «مايند روكيتس» قائلًا: «إن الصم مهمشون للغاية، ولا يتلقى منهم تعليمه بلغة الإشارة سوى نسبة تتراوح ما بين واحد إلى اثنين في المائة فقط. إنها لغتهم الأم، وينبغي أن يتلقون تعليمهم بها». لكن هذا الحق من المستبعد أن يتأتى في المستقبل القريب. لذا فإن البديل السانح اليوم هو الاستفادة من التقنية لتوفير لغة الإشارة لكل أنواع المنصات والوسائط لتعليم الصم وتحسين حياتهم. في البداية، طبقت «مايند روكيتس» نموذج الأعمال «فريميوم»، حيث كان القاموس الأساسي متاحًا مجانًا بينما كان استخدام القاموس المُوسَّع بمقابل مادي، ثم قرر فريق «مايند روكيتس» إتاحة الخدمة بأكملها مجانًا للمستخدم النهائي. فاز الفريق في مسابقة «كيه ستارت أب جراند تشالينج K Start Up Grand Challenge»، وهي مسابقة ضخمة أطلقتها حكومة كوريا الجنوبية لتشجيع الشركات الناشئة والشركات الصغيرة على الابتكار. ومن بين أكثر من 4,000 تطبيق، احتلت «مايند روكيتس» المرتبة الأولى وفازت بمكان في برنامج مسرعة الأعمال «بانغيو ستارت أب كامباس Pangyo Startup Campus» في سيول من أجل تطوير أعمالها. بدأ الفريق تطوير لغة الإشارة الكورية واستغلَّ الفرصة لتوسيع شبكة معارفه.
لكن قبل السفر إلى كوريا، بدأ فريق «مايند روكيتس» عملية تقديم طلبه للمشاركة في «سيد ستارز وورلد Seedstars World»، وهي مسابقة للشركات الناشئة حيث يتم اختيار أفضل الشركات من الأسواق الناشئة لتقديمها في قمة عالمية والتي عُقدت في سويسرا في شهر أبريل من هذا العام. ومن أصل 70 شركة ناشئة سافرت إلى سويسرا، فازت «مايند روكيتس» بجائزة التصويت العام. وصرَّح مالك زعيتر: «فتحت مسابقة «سيد ستارز» لنا أبوابًا واسعة عززت من انتشارنا. فبعدها ذهبنا إلى المؤتمر العالمي للهواتف المحمولة وظهرنا في مجلة «بي سي»، وكان لذلك دوي عظيم لأن فيسبوك تواصلت معنا». كانت «مايند روكيتس» واحدة من الشركات الناشئة القلائل المختارة للاجتماع مع مارك زوكربيرغ، مؤسس فيسبوك، الذي كان مهتمًا برسالة الشركة وتقنيتها. أضاف مالك زعيتر: «لقد اختار مجموعة من الشركات الناشئة الواعدة لمناقشة إمكانيات التعاون، لذلك نحن ما زلنا نتواصل معهم».
متخصصة في قضايا وشؤون الشرق الأوسط