ظفار - عادل سعيد اليافعي
أكد العديد من الرحالة الذين زاروا ظفار أن موسم السردين يعد من المواسم الغنية ومن هؤلاء الرحالة ابن بطوطة، حيث ذكر في كتاباته أن ظفار تمتاز بشوطي واسعة وذات تنوع سمكي كبير وأكثر سمكها النوع المعروف بالسردين والذي أكد أنه مصدر رزق للجميع لسكان المحافظة كما ذكر ابن بطوطة أن دوابهم إنما علفها من هذا السردين وكذلك غنمهم، ولم أر ذلك في سواها وهو قول صحيح لأن المجتمع في ظفار مجتمع رعوي يربي الماشية لإطعام ماشيتهم من أجل الانتفاع بحليبها ولحمها وسمنها، ووصف ابن بطوطة أهل ظفار أنهم أهل تجارة، وأن أهل ظفار هم أهل بحر، فهم صيادون في معظم أنشطتهم الاقتصادية، فهو يصف قرية الأحقاف بأنها قرية صيادين، وهو وصف صحيح لنشاط السكان القاطنين في السواحل التي مر عليها ابن بطوطة في رحلته في ظفار.
كان سمك السردين في ظفار يلفت أنظار الرحالة، فقد ذكر ابن المجاور "ومطعوم دوابهم السمك اليابس وهو العَيْد ولم يزبلوا أراضيهم إلا بالسمك"، ولم يكن الرحالة العرب وحدهم من ذكر سمك السردين في ظفار، فهذا الرحالة البريطاني ثيسيجر يقول حينما زار صلالة في 15 أكتوبر 1945: "عندما وصلت كان الصيادون يصطادون بشباكهم سمك السردين، وتحت أشعة الشمس يجففون كميات كبيرة منه، ورائحتها العفنة تعم البلدة"، ويتم اصطياد السردين في صلالة في الشواطئ الممتدة من ريسوت غربا إلى شواطئ طاقة شرقا.
ويتم صيد السردين بطريقتين تقليديتين، الطريقة الأولى تتم في شهر أكتوبر وتمتد حتى شهر أبريل وتسمى (الضواغي) وتعني تعاون عدد كبير من الناس لصيد السردين بكميات كبيرة، ويقوم الصيادين يقودهم الربان بالإبحار في السنبوق، ويلقون بالشبكة الكبيرة في البحر، التي تجمع أعدادا كبيرة من السردين، ومن ثم يسحبون الشبكة إلى الشاطئ، كما ذكر باعمر، حسين علي المشهور، تاريخ ظفار التجاري ( 1800-1950).
أما الطريق الثانية فتسمى صيد عْيد العلا وهي عادة اقتصادية تنتشر في سواحل محافظة ظفار ويمارسها الذكور من سن العاشرة إلى سن الستين، وتشارك النساء في هذه العادة ولكن بأعداد قليلة ويقتصر دورهن على تقليب العَيْد وجمعها.
تُمارس هذه العادة في آخر شهر أبريل من كل سنة عندما تجنح أعداد كبيرة من أسماك السردين إلى الشواطئ الشرقية لمحافظة ظفار، وقد قمت بصيد عيد العلا، وجففتها وحشوتها في أكياس من الخيش لنطعهما للإبل أو نقوم بتخزينها في حفر ونغطيها بساتر من البلاستيك أو من أقمشة بالية، ومن ثم نفرش فوقها التراب والرمال. بالإضافة إلى سمك السردين يذكر ابن بطوطة أصناف عدة من الأسماك التي رآها في ظفار ويعتبر فصل الربيع الموسم الجيد لصيد أسماك السردين التي غالبا ما يستبشر بها الصيادون خلال هذا الفصل من السنة الذي تتكاثر فيه وتظهر بكميات كبيرة على مشارف شواطئ ظفار كما تشهد هذه الفترة من السنة تواجد الأسماك السطحية الكبيرة التي تتعقب أسماك السردين وهي أسماك ذات قيمة غذائية عالية مثل الكنعد وأسماك التونة التي تكفي حاجة الأسواق المحلية ويصدر الفائض إلى الخارج خاصة الأسواق القريبة ويصطاد البحارة في محافظة ظفار أسماك السردين بالطرق المختلفة عن طريق جماعات تسمى بالضواغي، وهم مجموعة كبيرة من الصيادين تشترك في اصطياد كميات كبيرة من أسماك السردين التي يستمر موسم صيدها حتى بدء شهر يوليو، حيث تتوقف عملية الصيد نظرا إلى صعوبة ركوب البحر في فصل الصيف في المحافظة.