عادل الزرعي في حوار لـ«الشبيبة»: أسباب انسحـاب «مصيرة» نعانيها منذ 40 عاماً

الجماهير الأحد ١٥/أكتوبر/٢٠١٧ ٠١:١٨ ص

حوار - عبدالله الريسي

بعد أن قرر نادي مصيرة الانسحاب من كل مسابقات كرة القدم، وذلك في رسالة بعثها النادي لرابطة الدوري بالاتحاد العُماني لكرة القدم؛ أجرت «الشبيبة» حواراً مطولاً مع رئيس النادي عادل بن خادم الزرعي لكونه تدرج في مجلس إدارة نادي مصيرة كعضو مجلس إدارة منذ العام 2004، ثم نائباً لرئيس المجلس المؤقت بنادي مصيرة بداية 2010، قبل أن تجري تزكيته لرئاسة مجلس الإدارة ولدورتين متواليتين منذ مايو 2010 لغاية الآن. وقد كشف الزرعي في هذا الحوار العديد من الأمور المهمة والمتعلقة بمشوار الفريق، وأسباب الانسحاب في هذا الموسم بشكل مفصَّل، والسبب خلف تجميد النشاط الكروي في النادي لمدة ثلاث أعوام فائتة قبل الانسحاب.

أسباب الانسحاب

تحدث عادل الزرعي موضحاً في البداية أسباب انسحاب النادي من المشاركات المحلية في هذا الموسم، قائلاً: «السبب الرئيسي لتقديمنا طلب عدم المشاركة والاعتذار عنها في مسابقة دوري الدرجة الثانية، يعود في المقام الأول لعدم جاهزية مشروع الملعب المعشب الجاري تنفيذه حالياً بالنادي ضمن مشروع المكرمة السامية التي تفضل بها جلالة السلطان -حفظه الله ورعاه- على أبنائه الرياضيين، فقد تأخر استلام المشروع، وما زال المقاول حتى الآن لم يكمل المراحل النهائية من المشروع، وهذه النقطة الأساسية والمهمة ولها تفرعات وتداعيات كثيرة، عانى منــــــها نادي مصيرة طوال 40 سنه فائتــــــة، وكانت سبباً رئيسياً لعدم ظهور مشاركات فرق النادي طوال هذه السنوات بالمظهر المشرِّف رغم امتلاك النادي للعديد من المواهب الرياضية من أبناء الولاية أو من خلال الانتدابات والتعاقدات التي تجريها إدارات النادي سابقاً».
وأضاف الزرعي: «ارتأينا في مجلس الإدارة الاعتذار عن مواصلة المشوار لهذا السبب، ولأسباب عدة تتعلق بهذا الجانب، ولصعوبة أن يلعب الفريق 14 مباراة في الدوري خارج الولاية بخلاف مباريات الكأس، فبالإضافة إلى أن الفريق سيفتقد عاملي الأرض والجمهور المعوَّل عليها خصوصاً في جزيرة مصيرة؛ فإن التنقل بمعدل 72 ساعة من وإلى الجزيرة سيكون سبباً رئيسياً في الإرهاق البدني والذهني والنفسي للفريق، وبالتالي فمن الطبيعي أن تقل عدد الحصص التدريبية الرئيسية نتيجة هذا التنقل. كما أن لعبك جميع مبارياتك خارج الجزيرة سيستنزف مواردك المالية، فمن واقع تجارب سابقة قُدِّرت مصاريف كل مباراة من هذه المباريات بين 1000 و1200 ريال عماني كمصاريف للتنقل والإقامة والإعاشة، فالفريق سيضطر للمبيت ليلتين في كل مباراة، ليلة قبل المباراة وليلة المباراة والعودة للجزيرة تكون صبيحة اليوم الثالث، هذا بخلاف المباريات المقررة مع الإخوان في نادي مدحاء بمحافظة مسندم ونادي الاتحاد بمحافظة ظفار، فهنا ستحتاج للمبيت ليلة ثالثة تترتب عليها مصاريف إضافية».
ولم يخفِ الزرعي تأثير جدولة الدوري السلبية على أندية هذا الموسم، فقد أكد أنها أحد أسباب الانسحاب قائلاً: «من جانب آخر، فإن جدول المسابقة لم يخدمنا في هذا الجانب، فعدد كبير من المباريات تقام خلال أيام العمل الرسمية، وهذا يتطلب منَّا التنسيق لتفريغ اللاعبين ومعظمهم من العسكريين أو الطلبة والعاملين بالقطاع الخاص، وهذا سيكون عائقاً في تفريغهم لمدة ثلاثة أيام أسبوعياً طوال مدة الدوري، والشواهد كثيرة لعدم تجاوب بعض الجهات في عملية تفريغ اللاعبين، وهذا الوضع حاصل حتى مع أندية دوري عمانتل والدرجة الأولى».

وضع مادي مريح

وأكد الزرعي أن الوضع المادي في نادي مصيرة مريح، وأن المردود المادي والفني من المسابقات المحلية لا يتناسب مع حجم المصروفات، وقال: «الجميع يدرك في الوقت الراهن أن الرياضة بشكل عام تحتاج لصرف مالي كبير ومستمر، خاصة إذا تحدثنا عن الرياضة التنافسية، وعلى مستوى أنديتنا نجد أن الألعاب الجماعية تكلف إدارات الأندية مبالغ باهظة، هذا الحديث يقودنا إلى المحور السابق حول أسباب الانسحاب، فالمشاركة في مسابقة دوري الدرجة الثانية ستكلف النادي ما يقارب 40 ألف ريال عماني تقل أو تزيد قليلاً، منها ما يقارب 18000 ريال مصاريف للمباريات التي تقام خارج الولاية، بالإضافة إلى التزامات عقود اللاعبين والأجهزة الفنية والإدارية والمكافآت التحفيزية، وبحسب الموازنة التقديرية ومن واقع تجاربنا خلال مشاركاتنا الفائتة، ومن وجهة نظرنا فإن هذه تكلفة عالية جداً على نادٍ من أندية الدرجة الثانية، وحتى المردود الفني والمادي من هذه المسابقة لا يتناسب مع حجم المصروفات المتوقعة. وهنا نؤكد أنه ولله الحمد الجوانب المالية لدينا بنادي مصيرة مريحة نوعاً ما، فالنادي يصنف ضمن الأندية القليلة التي لا تعاني من المديونيات في الوقت الحالي، ولذلك ارتأينا أن لا نكلف موازنتنا أعباء مالية إضافية، وأن يُستفاد من هذه المبالغ للصرف منها على الأنشطة والبرامج المقامة بالولاية والموجهة لخدمة مختلف شرائح المجتمع المحلي».

مديونيات الأندية

وتطرق عادل الزرعي في حديثه لمديونيات الأندية، وأوضح أنها تحتاج تدخلاً جاداً من وزارة الشؤون الرياضية، فقال: «أعتقد أن المديونيات الكبيرة التي تعاني منها معظم الأندية في السلطنة بمختلف درجاتها تحتاج لتدخل جادٍ من قبل وزارة الشؤون الرياضية، كونها الجهة الحكومية المشرفة على الأندية والتي تتكفل الحكومة بدعمها، كما أنها مسؤولية مشتركة بين إدارات الأندية، حتى الإعلام الرياضي يجب أن يكون شريكاً في هذا الجانب، من خلال تسليطه الضوء على هذه الظاهرة وسلبياتها على المدى البعيد على واقع رياضتنا العمانية. فالملاحظ أنه خلال السنوات الفائتة أصبحت هناك مبالغة كبيرة في أسعار عقود اللاعبين، ليس في كرة القدم فقط ولكن في جميع الرياضات الجماعية بشكل عام، هذا الارتفاع له العديد من الأسباب التي يدركها الجميع، ومنها مبالغة اللاعبين في الأجور، والتعاقدات غير المدروسة، وكذلك الطموح الزائد والاندفاع لدى بعض الإدارات للتنافس والارتقاء للمنصات، وتحقيق مراكز الصدارة، والبحث عن ألقاب لأنديتها وغيرها من الأسباب، وفي المقابل فإننا لا نرى تحركاً جاداً لكبح هذا الارتفاع أو حتى تقنينه من الجميع. نحن نقول إن الصرف يجب أن يكون ضمن الحدود المعقولة، وهامش المديونيات يجب أن يتناسب مع دخل النادي الثابت، وهنا لا نتحدث عن الدعم أو المبالغ التي يجود بها البعض من محبي النادي واصطحاب الأيادي البيضاء».

أولويات

أشار الزرعي إلى أنهم كمجلس إدارة لديهم أولويات، منها توجيه الدعم لفائدة منتسبي النادي وليس على مشاركات مؤقتة، قائلاً: «البعض من أبناء الولاية يأخذ علينا في إدارة النادي مأخذاً كبيراً لأننا جمَّدنا النشاط الكروي، ويرى أن الصرف مهما بلغ ومهما كان حجمه فهو في النهاية معونة من الحكومة، ويجب أن نستغل ونشارك وننافس ونصعد مثلما تفعل معظم الأندية، ولكننا من وجهة نظرنا -وقد نكون مخطئين فيها- لدينا أولويات نسير عليها، وهي من تُحركنا وندرك ما يحيط بنادينا من ظروف وعوامل ربما تكون غائبة عن البعض، فأرتينا أن يوجه الدعم الحكومي بما يعود بالنفع على النادي ومنتسبيه وليس للصرف على مشاركة رياضية مؤقتة، ثم نعود من بعدها لندخل في دوامة من الالتزامات المالية لسنا مؤهلين للتعامل معها لعدم توافر دخل مالي يقابل هذا الصرف، فاخترنا العمل لتوفير بيئة مثالية لمن يأتي بعدنا من الإدارات، بدل أن نترك النادي يرضخ تحت وطأة المديونيات بحثاً عن مكاسب شخصية وإنجازات وقتية. وأعتقد أن ما نراه الآن من العديد من الأندية بتجميد المشاركة في بعض الرياضات، وتقلص عدد الأندية المشاركة في اللعبات الجماعية ككرة القدم والطائرة والهوكي واليد والسلة دليل واضح على هذا الحديث، وهو الحل الذي انتهجته بعض الأندية لكبح جماح الصرف المتزايد مقابل الدخل الثابت لديها، وهي فرصة لالتقاط الأنفاس، ولكن هذا لا يجب أن يستمر طويلاً من أجل النهوض بهذه اللعبات، ويجب أن يبحث الأمر بجدية من جهات الاختصاص لإيجاد الحلول الناجعة له، وهذا مؤشر خطير لتدهور الوضع الرياضي بشكل عام».

المخصصات المالية

ورداً على سؤال الملحق حول المخصصات المالية السنوية من قبل الوزارة، هل سيجري استغلالها في عمل استثمارات للنادي؟ وهل يوجد لديكم استثمارات حالية باسم النادي؟ أجاب الزرعي قائلاً: «خلال السنوات الفائتة عمدنا إلى نهج آلية تتمثل في استقطاع جزء من مبلغ الدعم السنوي كمبلغ ثابت لا يُمس، سعياً لتوفير رأس مال مناسب يساعد الإدارات المقبلة للنادي لتوفير مبالغ ماليه تستغلها للاستثمار، وسنواصل السير على هذا النهج طوال فترة إدارتنا، وسيُصرف جزء من الدعم السنوي على الأنشطة والفعاليات والبرامج الداخلية بالولاية لتعزيز مكانة النادي والعمل لتحقيق رسالته. ومؤخراً هناك تواصل مع المعنيين بالوزارة من أجل البدء في إجراءات تغيير استخدام أرض النادي الحالية للاستخدام التجاري وتهيئتها لمن سيأتي من بعدنا للبدء في تأجير واستثمار الموقع، كما طالبنا بتوفير أراضٍ بديلة لموقع النادي ومواقع استثمارية أخرى نظراً لمحدودية الأراضي بجزيرة مصيرة، وسعياً لتوفير مواقع مهيأة تخدم الأجيال المقبلة، وتوفر لهم بيئة مناسبة مستقبلاً، وأيضاً لنا اجتهادات بسيطة في مجال إيجاد دخل ثابت للنادي، فمؤخراً قمنا بإعادة تأهيل وصيانة شاملة لمبنى النادي القديم، وجرى تأجيره منذ أشهر قليلة، ولدينا هناك شراكة مع وزارة الشؤون الرياضية ممثلة في صندوق دعم الأنشطة الرياضية، بالإضافة لدخل سنوي متفاوت من قيمة إيجار القاعة متعددة الأغراض بمبنى النادي للاستخدام في بعض المناسبات الخاصة. هذه كلها تبقى اجتهادات ومحاولات لا تلبِّى طموحاتنا ولا تشكل نسبة كبيرة من الدخل السنوي للنادي».

دور وزارة الشؤون الرياضية

وأكد عادل بن خادم الزرعي على دور الوزارة في هذا السياق قائلاً: «الحديث يعود بنا مره أخرى لدور وزارة الشؤون الرياضية، والتي نعوِّل كثيراً عليها في جميع إدارات الأندية للوقوف معنا والأخذ بأيدي هذه الإدارات، فنرى بأنه حان الوقت لتفعيل الجانب الاستثماري بالأندية من خلال تشكيل لجنة للاستثمار من قبل الوزارة لكل نادٍ مراعاة لظروفها وللوقوف على الواقع الذي تعاني منه، وحل المعوقات التي تواجهها، وهذا هو المدخل الوحيد لتخفيف العبء على الموازنة الحكومية، فيجب علينا أن نفكر خارج الصندوق ونطرق جميع الأبواب المغلقة في وجهة الاستثمار الرياضي، ونعمل سوياً لإيجاد استثمار جادٍ ومجزٍ لهذه الأندية من خلال تكاتف وتعاون بين الجهات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص في كل محافظة وولاية، إذا ما أردنا لهذه الأندية الاستمرارية ومواصلة خدماتها وعطاءاتها لخدمة الشباب وفق ما أراد لها جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم، ولتمكينها من تبوؤ أدوارها في خدمة المجتمع».

خطة الإدارة للسنوات المقبلة

وعند السؤال حول خطة الإدارة برئاسة عادل الزرعي في السنوات المقبلة، وما هي المرافق الرياضية التي يمتلكها نادي مصيرة؟ وما هي الأهداف في الرياضات الأخرى؟ تحدث الزرعي: «إجابة هذا السؤال ندركها تماماً نحن أهالي الولاية ومنتسبي النادي، فحتى العام 2011 لم تكن في النادي مرافق رياضية بالمعنى المتعارف عليه، فكانت هناك اجتهادات كبيرة وتضحيات جليلة ومواقف مشرفة بذلتها إدارات نادي مصيرة السابقة منذ تأسيسه لتوفير وتهيئة مرافق رياضية تلبِّى طموحات أبناء الجزيرة، ولكنها لا ترقى لمرافق ومنشآت تؤهل الشباب للمنافسة والمشاركة الإيجابية، ورغم ذلك كان النادي مشاركاً في كرة القدم طوال السنوات الفائتة، وكنا نتدرب على ملعب ترابي وعلى شاطئ البحر، وعمل الجميع على تحقيق حلم توفير ملعب معشب كحد أدنى وتحقق بفضل تظافر جهود الجميع وبدعم من وزارة الشؤون الرياضــــــية ولعبنا عليه عدة مباريات رسمية من خلال المشاركة في مسابقة دوري الدرجة الثانية، ولكنه للأسف لم يستمر طويلاً لسوء الالتزام بالمواصفات الفنية من قبل الشركة المنفذة.
وظهرت به العديد من العيوب والأضرار التي لا تساعد على مواصلة اللعب عليه، ولم يُعتمد مؤخراً من قبل اللجنة المختصة بالاتحاد العماني لكرة القدم مما اضطرنا في إدارة النادي لتجميد النشاط الكروي منذ 3 مواسم، وما زال موضوع الملعب معلقاً بالمحاكم بين وزارة الشؤون الرياضية والمقاول، وأصبح أبناء النادي هم الضحية والمتضرر الأساسي في هذا الخلاف، ونحن نرفض أن نلعب خارج ولايتنا ونحرم أهالي الولاية من تشجيع أبنائهم ومؤازرتهم، ونتكبد مصاريف والتزامات مالية لأسباب ليس لنا علاقة بها. كما أن الشباب لدينا طوال العام يمارسون الكرة الطائرة في مواقف النادي وعلى الإنترلوك».