مرحلة القوى العاملة الوطنية

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١١/أكتوبر/٢٠١٧ ٠٣:٢٣ ص
مرحلة القوى العاملة الوطنية

عيسى المسعودي

دائماً ما نتحدّث عن أهمية القوى العاملة الوطنية وعن توفير الفرص الوظيفية سواء في القطاع العام أو الخاص، وخلال السنوات الفائتة من عمر النهضة العُمانية المباركة نجحت الحكومة في توفير العديد من الفرص الوظيفية للشباب العُماني بحسب إمكانيات وظروف كل فترة، ولعل من أهم النجاحات التي تحققت في هذا المجال غرس مفهوم وحب العمل لدى فئة الشباب وخاصة مفهوم العمل الحر وتقديم الحوافز والتسهيلات المختلفة للراغبين في دخول مجال التجارة.

إلى ذلك، دعمت الحكومة القطاع الخاص طوال السنوات الفائتة لكي يحقق دوره في الشراكة مع المؤسسات الحكومية لتحقيق هذه الأهداف، إضافة إلى الاهتمام بقطاع التدريب والتعليم والذي يعدّ من أهم ركائز النجاح في تعزيز دور القوى العاملة الوطنية وفتح آفاق جديدة لها من خلال التركيز على التخصصات والمجالات المطلوبة والتي تحتاجها مؤسسات القطاعين الحكومي والخاص لكن هذه النجاحات التي تحققت لما كانت تتحقق لولا الاهتمام والتوجيهات السامية من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- والذي أكّد في العديد من المناسبات على أهمية إعطاء الفرصة للشباب للانخراط في مجال العمل والاهتمام بقطاع الشباب من خلال تعزيز الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص وتوعية وتثقيف الشباب بدورهم الإيجابي لتحقيق المزيد من الإنجازات والنجاحات في هذا المجال.

ورغم النجاحات، تبقى التحديات مستمرة في مجال توفير الفرص الوظيفية وهذا طبيعي في ظل المتغيّرات والظروف التي تطرأ كارتفاع أعداد الخريجين سنوياً واستعدادهم للدخول في سوق العمل.
وفي الوقت نفسه تواصل الحكومة جهودها، ولعل إعلانها قبل أيام عن توفير 25 ألف وظيفة في القطاعين العام والخاص، دليل على الرعاية السامية لجلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- للشباب.
الأرقام والإحصائيات تشير إلى وجود فجوة كبيرة في مجال الفرص الوظيفية للشباب العُماني في القطاعين الحكومي والخاص، ولعل الفرص أكثر في القطاع الخاص بسبب تنامي القطاع الذي يحظى بدعم ومساندة من الحكومة. فالأرقام تؤكد أنّ خلال السنوات الخمس الفائتة قفزت أعداد الموظفين الوافدين في مؤسسات هذا القطاع مقابل ارتفاع بطيء للموظفين العُمانيين لا يلبي الطموح والتطلعات.
هنا، يجب التمييز بين مستويات وأنواع الوظائف المطروحة، لذلك ثمة حاجة للمزيد من التعاون بين المؤسسات الحكومية المعنية ومؤسسات القطاع الخاص لتقويم الواقع الحالي والتعرّف بشكل واضح على الفرص الوظيفية المتاحة للقوى العاملة الوطنية في مختلف المجالات.
وبحسب الإحصائيات والبحوث المتوفرة في المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، تتوفر بالقطاعين العام والخاص الآلاف من الفرص الوظيفية التي يمكن للشباب العُماني العمل فيها والتي يعمل بها حالياً الموظف الوافد، ولكن الأهم من ذلك أن تكون لدينا قناعة وإرادة وطنية في القطاع الخاص بتحمّل المسؤولية وإعطاء الفرص للشباب العُماني لكي يقوم بدوره خاصةً أن السنوات الفائتة أثبتت أن الشباب العُماني نجح وباقتدار في تحمّل المسؤولية وفي تحقيق نجاحات وإنجازات يشيد بها الجميع وفي مختلف مجالات العمل، ليس فقط على مستوى الوظائف الإدارية وإنما في مختلف الوظائف الأخرى الفنية والمالية وغيرها من الوظائف التخصصية، وإعطاء الثقة للكوادر الوطنية في قيادة المؤسسات من خلال ارتفاع نسب التعمين في الإدارات التنفيذية، فالمرحلة المقبلة تتطلب من كل مؤسسة ليست لديها حالياً رؤية أو خطة واضحة في مجال التعمين أو الإحلال أن تبدأ في ترتيب أمورها بحيث تكون لديها خطة واضحة وفعلية حتى نستطيع تحقيق نجاحات وإنجازات جديدة في هذا المجال وحتى نحد من حجم التحديات ومن نسبة الباحثين عن عمل.
إننا نفتخر ونقدِّر الدور الكبير الذي تقوم به مؤسسات القطاع الخاص في التعمين وتوفير الفرص، فهناك العديد من المؤسسات الرائدة بالسلطنة حققت نجاحات كبيرة وأثبتت أنها تسير بخطى ثابتة في تعزيز دور الكوادر الوطنية في مجال الأعمال وإعطائها الفرصة والمسؤولية القيادية، كما أن هناك العديد من المؤسسات أصبحت لديها خطط واضحة في مجال التعمين والتدريب وتحظى هذه المؤسسات بتقدير المؤسسات الحكومية وتقدير المجتمع لدورها البارز في توفير الفرص الوظيفية للشباب العُماني بحيث تكون هذه المؤسسات قدوة للمؤسسات والشركات الأخرى لتحذو حذوها.
لا شك أن التحديات في مجال توفير الفرص الوظيفية للباحثين عن عمل ستظل موجودة خلال المرحلة المقبلة وعلى الحكومة أن تخطط على المدى البعيد للحد من ارتفاع مستويات الباحثين عن عمل من خلال أولاً الاهتمام بدعم وتطوير قطاع التعليم العالي، وثانياً تعزيز دور القطاع الخاص ودعمه في إنشاء المؤسسات والشركات المختلفة وتسهيل الإجراءات وتقديم الحوافز والمزايا لقيام مشاريع ومناطق استراتيجية ذات جدوى اقتصادية نستطيع من خلالها توفير المزيد من الفرص الوظيفية الجديدة للشباب سواء في الوقت الحالي أو في المستقبل وتعزيز الشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص لتحقيق المزيد من النجاحات والإنجازات التي بلا شك ستنعكس إيجابياً على الجميع.
إننا نأمل أن تواصل الحكومة ومؤسسات القطاع الخاص جهودهم كل حسب اختصاصه وموقعه في توفير المزيد من الفرص الوظيفية للكوادر الوطنية وذلك بهدف حل مسألة الباحثين عن عمل، فهذا الموضوع يعدّ من أولويات المرحلة المقبلة ويجب أن يكور المحور والركيزة الأساسية في الخطط المستقبلية.