الفاتورة تنقذ المستهلك

مؤشر الأربعاء ١١/أكتوبر/٢٠١٧ ٠٣:١١ ص
الفاتورة تنقذ المستهلك

مسقط -
تُعدُّ العقود شريعة المتعاقدين، ومن خلالها يضمن كل طرف حقه القانوني، فبنودها وتفاصيلها تمنع أي مجال للتلاعب من أي طرف له علاقة فيها. وكون العلاقة الاستهلاكية عملية تعاقدية بين المشتري والبائع أو بين التاجر والمستهلك فإن العقود والضمانات بين الطرفين تمثل الصورة القانونية لهذا التعاقد، وتعطي ضمانة مهمة لاســترجاع الحقوق وعدم ضياعها أو التنازع عليها. ولعل أبرز صور هذه الضمانات تتجلى في الفاتورة التي يجب على البائع استخراجها للمشتري وفق شروط واضحة حددها القانون.

ورغم أهميتها، إلا أن هناك من لا ينتبه لهذا الموضوع إلا عندما يريد استرجاع حقه.
يقول المستهلك أحمد بن جمعة المشرفي إنه يهتم بالحصول على الفاتورة خصوصاً عند شراء مواد غالية الثمن، لكنه في الغالب لا يهتم بتفاصيل الفاتورة إذا اشترى من المحلات التي اعتاد الشراء منها أكثر من مرة، إذ إنه غالباً ما يتردد على محلات تجارية معينة وصنع بينه وبينهم شيئاً من الثقة.
وعند حصول أي مشكلة يتوجه إلى المحل الذي اشترى منه ويخبرهم عن المشكلة وأسباب عدم رضاه عن بضاعتهم ويناقشهم في الموضوع، وهل هناك إمكانية لإرجاع السلعة أو استبدالها، وفي حال عدم إرجاع حقه يتوجه إلى الهيئة العامة لحماية المستهلك، ويخبرهم عن الأمر ويقدم شكواه عن طريق أرقامهم دون الحاجة إلى زيارة مقرهم، وهنا تأتي فائدة الفاتورة في استرجاع حقه، خصوصاً أنه قرأ أكثر من مرة حول ضرورة الحصول على الفاتورة وأنها ضمان للشاري والبائع أيضاً.
وتمنى المشرفي من الهيئة العامة لحماية المستهلك والجهات الأخرى مثل البلدية تكثيف الجهود ومراقبة المحلات وتكثيف التوعية للمستهلكين عبر القنوات الإعلامية والمطويات والحملات وغيرها. خصوصاً، أن هناك مواطنين ما يزالوا مغيبين -بعض الشيء- عن معرفة حقوقهم التي وضعها القانون. ويقترح إلزام المحلات الكبيرة بوضع فاتورة إلكترونية تصل عن طريق الهاتف أو البريد الإلكتروني وإيجاد آلية لذلك، إذ لا يستطيع المستهلك أثناء التسوق مراجعة الفاتورة في ذلك الوقت بسبب الازدحام على المحاسبين.

أقوى في الحصول على الحق

ويوضح المستهلك حمد بن عبدالله الهنائي أنه عند ذهابه للتسوق يكون حريصاً على عدم مغادرة المحل التجاري إلا بعد حصوله على فاتورة الشراء، ورغم أنه لا يقوم بالتدقيق على الفاتورة أحياناً، لكنه يعلم أنه من أجل ضمان حقه وضمان عملية تسوق آمنة ينبغي أن يقوم بمراجعة الفاتورة قبل المغادرة.
وأضاف الهنائي أن الفاتورة تجعله أقوى في الحصول على حقه في حال رغب في استبدال البضاعة، أو وجدها غير صالحة، ومن خلالها يستطيع استرجاع حقه من المحل التجاري أو من الجهات المختصة، خصوصاً أنها تُعدُّ وثيقة ضمان بين البائع والمشتري، كما تُعدُّ عقد بيع يلتزم فيه التاجر مع المستهلك.

إثبات للحق ينبغي الاحتفاظ به

بدوره، يرى المستهلك محمود بن علي العبري أن الفاتورة تُعدُّ إثباتاً وضمن حقوق الملكية في حالة حدوث أي مشكلة، لذلك على المشتري أو المستهلك الاحتفاظ بها وكذلك البائع لضمان حقه هو أيضاً. ويقول: «إلى جانب الاحتفاظ بها فأنا أركز على تفاصيلها لأن في بعض الأوقات يحدث خلل في جهاز المحاسبة مما يؤدي إلى تغير سعر البضاعة، مثلاً إذا كان سعر السلعة الأصلي ريالاً واحداً، عندما نحاسب تظهر أحياناً بسعر غير معقول يصل إلى الضعف، والمحاسب في بعض الأوقات لا يركِّز على السعر الأصلي من كثرة ضغط العمل وبعض الأشخاص يحاسبون دون النظر إلى تفاصيل الفاتورة». ويطالب العبري الجهات المختصة بمتابعة الأسواق والمنتجات باستمرار في كل الأوقات الصباحية والمسائية خاصة المحلات الكبيرة، وفي حالة أي مشكلة يجب على المستهلك التوجه إليهم في أسرع وقت حتى يضمن حقه.

غلبت علينا الثقة

وذكر أحمد بن ناصر الهنائي -صاحب محل تجاري- بأنه منذ انطلاق مشروعه خلال السنوات الفائتة أصبحت هناك ثقة بينه وبين المستهلكين، إذ إنه دائماً ما يلتزم بالضمانات التي يقدمها للمستهلكين، كما أن محله التجاري معروف لدى أهالي المنطقة ولم يتعرض يوماً لمشكلة مع أي أحد منهم، إذ إنه يضمن حق المشتري في الاستبدال والاسترجاع فهو ملم تماماً بما يطرح وهو على ثقة بأنه لن يجد إلا البضاعة المضمونة بإذن الله، لذلك -والحمد لله- لا تأتيه حالات استرجاع إلا نادراً، وغالباً هي حالات استبدال وليست استرجاعاً.
وأضاف الهنائي أنه يحرص على أن يغادر المستهلك المحل وهو سعيد، فهو يؤمن بأن التعامل الحسن وطرح السلع التي لا تحتوي على مشاكل مثل انتهاء صلاحيتها أو فسادها يجعل الثقة من قبل المستهلك كبيرة أكبر من الفاتورة، وفي حال طلب أحد المستهلكين استرجاع سلعة يرحب بالطبع لأن ثقة المستهلكين من أولوياته، خصوصاً أنه يقوم بتفتيش البضاعة باستمرار ويقوم باستبدال القديم منها بشكل دوري.
وتمنى الهنائي من جهات الاختصاص مراقبة شركات التوزيع، قائلاً: «هناك موزعون كُثر لا يلتزمون بالطريقة الصحيحة في تخزين المواد الغذائية، خصوصاً القوى العاملة الوافدة، لذلك يبذلون جهداً كبيراً كتجار في انتقاء الشركات التي يتزودون بها في محلاتهم التجارية، كما أنهم لا يترددون في التبليغ عن أي مواد فاسدة تأتي إليهم».

أحقية الفاتورة والضمان

ويقول المحامي والمستشار القانوني حمدان بن سباع السعدي: «إن قانون حماية المستهلك الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (66 /‏2014) ولائحته التنفيذية الصادرة بالقراري الوزاري رقم (77 /‏2017)، أكَّدا أحقية المستهلك في الحصول على فاتورة باللغة العربية تثبت شراءه السلعة أو تلقيه الخدمة، وأوضحا أنه يجوز الاتفاق بين الأطراف على أن تكون الفاتورة بلغة أخرى إذا كان المستهلك لا يتحدث العربية، وبما أن التعاقد في عملية «البيع والشراء» يكون بين المستهلك والمزود، فقد اشترط المشرع أن يكون عقداً كتابياً، وإذ إن العملية الشرائية تستوجب السرعة، فإن المشرع ألزم المزود أو البائع للسلعة بتوفير فاتورة بمثابة عقد كتابي يضمن العملية التعاقدية بين الطرفين وفق ما جاء في قانون حماية المستهلك ولائحته التنفيذية».
وأضاف السعدي أن الفاتورة تُعدُّ وثيقة تجارية صادرة عن البائع للمشتري، تبين المنتجات والكميات والسعر المتفق عليه للمنتجات أو الخدمات التي قدمها البائع للمشتري، وقد أوجب قانون حماية المستهلك ولائحته التنفيذية أن تتضمن الفاتورة اسم المزود، أو اسم محله التجاري أو رقم القيد في السجل التجاري، أو كافة بياناتها، وتاريخ التعاقد على السلعة أو الخدمة، وسعر السلعة أو الخدمة ونوعها، وكمية السلعة من حيث العدد أو الوزن أو الحجم، وميعاد التسليم -إن وجد- وكيفية تنفيذه، وتوقيع وختم المزود، أو من يمثله قانوناً، ومدة الضمان أو مدة الصيانة أو الخدمة المجانية، وإذ إن بعض السلع أو الخدمات تشملها مدة ضمان حددها القانون، والضمان يعرف بأنه إقرار كتابي صادر من المزود، أو الوكيل التجاري أو المعلن أو ممن يمثلهم، وذلك بخلو السلعة أو الخدمة من العيوب ومطابقتها للمواصفات القياسية وتعهده باستبدالها أو إرجاعها ورد قيمتها، أو إصلاح أي خلل أو عطل يطرأ عليها خلال مدة الضمان، وتأتي فاتورة الضمان مع فاتورة الشراء أو قد تكون فاتورة واحدة حسب نوعية السلعة أو الخدمة المقدمة.
وذكر السعدي أن القانون أوجب على المزود التأكد من اطلاع المستهلك على البيانات الواردة في فاتورة الشراء وفاتورة الضمان، وذلك لتكتمل أركان العقد: الرضا بين الطرفين والمحل والسبب، أما إذا قام المزود أو المعلن بإخفاء شروط أو بيانات مهمة في الفاتورة فإن ذلك يعدُّ عيباً وغبناً في التعاقد يجوز للمســتهلك بموجبه فسخ العقد والمطالبة بالتعويض إن وجد.
ويختم السعدي بالتأكيد على أن الهيئة العامة لحماية المستهلك هي الجهة المختصة في النظر في أي نزاع ينشب بين المستهلك والمزود في كل ما يتعلق بالفاتورة ومدة الضمان، وإذا لم يجري حل النزاع ودياً يُحال إلى الادعاء العام لقضايا المستهلك الذي بدوره إما يحفظ ملف الدعوى أو يحيله للمحكمة المختصة.

دور الهيئة

بدوره، قال مدير دائرة الشكاوى بالهيئة العامة لحماية المستهلك وليد بن علي الرواحي: «إن الهيئة تعمل على متابعة المزودين للتأكد من التزامهم بما نصَّت عليه القوانين واللوائح بشكل عام بما فيها ما يختص بالفواتير والعقود والضمانات، كما تعمل على تلقي الشكاوى كافة المتعلقة بإطار العقود والضمانات وذلك للحفاظ على حقوق المستهلكين، وتقوم بحلها بالطرق الودية أو من خلال إحالتها للجهات القضائية، وقد تنوَّعت الشكاوى المقدمة للهيئة بين عدم التزام المزود ببنود العقد المتفق عليه أو بسبب وضعه لشروط مجحفة بحق المستهلك في بعض العقود».
وأوضح الرواحي أن بعض الشركات تتنصل من ضمان المصنع الأم وذلك من خلال خفضها لمدة الضمان المنصوص عليها من المصنع وهو ما يعدُّ مخالفاً لقانون حماية المستهلك، ولذلك يجري اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال تلك الشركات وقد تُحال للجهات القضائية، مشيراً إلى أن مواد قانون حماية المستهلك ولائحته التنفيذية تناولت موضوع العقود والضمانات والفواتير، وأشارت المادة (15) من القانون أن للمستهلك الحق في الحصول على فاتورة باللغة العربية تثبت شراءه السلعة أو تلقيه الخدمة، ويجب أن تتضمن الفاتورة البيانات الأساسية بالسلعة أو الخدمة، كما أن المادة (16) من القانون نصت على أن للمستهلك الحق في استبدال السلعة أو إعادتها واسترداد قيمتها دون أي تكلفة إضافية إذا شاب السلعة عيب أو كانت غير مطابقة للمواصفات أو الغرض الذي جرى التعاقد من أجله، وذلك خلال 15 يوماً من تاريخ تسلمه للسلعة باستثناء تلك السلع الاستهلاكية القابلة للتلف السريع، كما أن المادة (27) من اللائحة التنفيذية أوضحت أن الخدمات المشمولة بالضمان والمبينة في اللائحة التنفيذية تكون فترة ضمانها لا تقل عن 3 أشهر وقد تكون أطول بناءً على ما جرى التعاقد عليه بين المستهلك والمزود، كما يحظر على المزود عدم القيام بالخدمة المتفق عليها أو عدم إتمامها بالوقت المحدد، وبناءً على ذلك فإن من يخالف تلك المواد ستُتَّخذ الإجراءات القانونية حياله سواء بفرض غرامات إدارية أو بإحالته للادعاء العام.
وبيَّن الرواحي أن على المستهلك قبل أن يوقع عقداً أن يقرأه جيداً ويفهم محتواه فالعقد شريطة المتعاقدين، وأن يتأكد من كونه يتضمن التفاصيل كافة المتعلقة بالسعر والمدة وشروط التسليم والشرط الجزائي إن وجد، كما لابد له من أن يستلم نسخه خاصة به بعد توقيعه للعقد.