"ولا خذت سيد علي"

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٢٥/فبراير/٢٠١٦ ٠٠:٣٥ ص
"ولا خذت سيد علي"

لميس ضيف
lameesdhaif@gmail.com

يُقال إن شابا وسيما اسمه «علي» شغف سيدة متزوجة بحبه فطلبت الطلاق من زوجها على أمل أن يتخذها «علي» زوجةً لكنه غدر بها ولم يفعل.. ومن هنا جاء المثل الشعبي الذي يقول: «لا حظت برجلها ولا خذت سيد علي».. في دلالة على أنها خسرت زوجا وحلمها بالزواج بغيره.

*****

هذا المثل الظريف حكمة تنطبق على مجـــــــتمعاتنا قاطبةً.. تلك التي فقدت هويتها فلا هي أصبحت مجتمعات غربية متمدنة متحضرة، ولا بقيت على حالها أصيلة محافظة !

العرب في شتات الغربة والمنافي مثال على تلك التي خسرت الزوجين.. فأغلبهم يتبنى «السلوكيات» الغربية ويذر «المبادئ».. يأخذ قشر التحضر ويحصره في الملبس والتحرر ويترك لبه: الإنسانية والإخلاص والمسؤولية.
والمرأة العربية هي للعلم أبرز ضحايا هذه الازدواجية. فعندما خرجت من بيتها للكدّ والعمل، والمساهمة في توفير متطلبات الأسرة التي تفجرت تبعا لتغول المادية في حياتنا، فعلت ذلك مقتفيةً خطى نظيرتها الشقراء الطويلة، وتجاوبا مع دعاوى المساواة التي أطلقتها شرقيا هدى الشعراوي وصفية زغلول وسهير القلماوي، لكنها - رغم الدور الجديد الذي أنيط بها - لم تُعفَ من أدوارها القديمة: فما زالت هي المسؤولة - حصرا- عن الأولاد والمطبخ، وما زالت هي الملومة - حصرا- على فشل الأولاد أو فسادهم، بل إن واجباتها تشعبت الآن فصارت تشمل متابعة شؤون المنزل ومشترياته. وفي حين يذهب كل دخل الزوجة لبيتها فإن الرجل المقترن بزوجة عاملة يرى في استقلاليتها المادية ذريعة ليحرمها النفقة التي تستحقها كزوجة!! ونسمع يوميا قصصا يندى لها الجبين عن استغلال النساء «اللواتي يعملن أكثر من نظرائهن الرجال في مواقع العمل» ليستنزفن مجددا في المنزل.. ولا تنال المرأة للعلم على ذلك جزاءً ولا شكورا، فهذا هو واجبها في عين المجتمع العوراء..!!
في العمل والإنتاج نحن أضحوكة، ولا شك أننا تركنا مزارعنا لتبور وأهملنا ثرواتنا السمكية وترفعنا عن الحرف التي نمّتها سواعد الأجداد ولم نبتكر شيئا ولم نركب السلم عتبة عتبة بل ركبنا المصعد ودخلنا ننافس العالم بعد ثورته الصناعية فصرنا نستورد الآلات، والمواد الأولية، والأيدي العاملة، والخطط والخبرات، ثم نحاول تسويق منتجاتنا لهم!
حتى في الإعلام نعجز عن الخروج بأفكار مبتكرة، فنشتري حقوق ملكية برامج تلفزيونية نجحت في بلادهم ونستنسخها لجماهيرنا ممسوخة الهوية لنزيدهم ضياعا على ضياعهم!
لسنا متحررين ولسنا محافظين ولا وسطيين.. عوان بين هذا وذاك.. بل نحن متحررون عندما نحتاج للتحرر ونلبس جُبّة الالتزام والاستقامة ونحن نحاكم هذا وذاك..
قنواتنا تشبه شتاتنا: برنامج فتاوى ديني في قناة يتبعه برنامج رقص وهزل ملغم بالإيحاءات القذرة.. فمن نحن في الحقيقة؟ وكيف تآلفنا مع هذا التناقض المؤلم بين نمط حياتنا وهويتنا؟
ألسنا بعد ذلك كتلك المرأة التي فشلت حساباتها قاطبة أو كذلك الغراب الذي قلد مشية الحمامة فلا هو بقي غرابا على حاله ولا تحول.. لحمامة..!!