مسقط - خالد عرابي
أكّد المغني العالمي الشهير والذي يُلقب بأمير الروك في بريطانيا السير كليف ريتشارد أن زيارته هذه للسلطنة هي الرابعة، وأنه منذ الزيارة الأولى لمسقط وجد فيها طابعاً فريداً خاصاً بها، أبرز ملامح هذا الطابع ما تتميّز به من خصوصية تراثية وحضارية، علاوة على الخضرة والطبيعة، وقال: تجد في مسقط طابعاً حضارياً مميزاً في البيوت كما تجد الحرص على التشجير والتزيين والخضرة، وهذا أعطاها طابعاً خاصاً.
جاء ذلك خلال أمسية "قهوة وتمر" التي نظّمتها له دار الأوبرا السلطانية مسقط للقاء جمهور قبل حفله الذي قدّمه مساء أمس الأول (السبت).. وقال ريتشارد: "إن الانطباعات الأولى عن أي بلد أو مكان تؤخذ من الناس، والانطباع الأول كما يُقال يدوم، وأنا أخذت هذا الانطباع من الناس سواء في الفندق أو الشارع وممن قابلت، وانطباعاتي كانت رائعة سواء على الناس أو المكان، كما أنني أحببت القهوة والتمر كثيراً، وهي المرة الأولى التي أغني فيها في مسقط".
سر الشباب
ريتشارد تحدّث عن سر شبابه -يبلغ من العمر 77 عاماً- وسر تألقه الدائم كنجم فقال: "بالنسبة لي أنا أستمتع بالحياة لأنني أغني وأعزف الموسيقى وأرقص مع الناس، وأنا أحب الحركة والسفر ولكن بهدوء، وأقوم بجولات غنائية حول العالم سنوياً قد تطول أو تقصر؛ ففي بعض الأحيان قد تمتد إلى خمسة أشهر، كما أحرص خلال العام على أخذ فترة راحة لي لا تقل عن ثلاثة أشهر وبالتالي أرى أن الحياة تمرّ بسهولة، وأجد القبول والحب من الناس وهذا فضل كبير، وأنا لا أفكر في نفسي كـ"سوبر ستار" (نجم عالمي) وإنما أرى نفسي أنني شخص عادي ولكن أنا "سوبر فريند"، فأنا لا أرى نفسي كنجم، أعرف أن أبناء الجيل الجديد يفعلون ذلك. ولذا فأنا مستمر على نهجي وطريقتي ونمط حياتي ولا أفكر في التقاعد أو التوقف عن الغناء.
غير أنه أردف قائلاً: ما زلت أغني أمام المجموعة الصغيرة كما الآلاف، وما زلت أتذكر حينما كنت في البدايات أغني في النوادي وأمامي 50 شخصاً مثلاً، لذا فحتى وإن كنت الآن أغني في معظم دور الأوبرا العالمية وهي أيضاً أعدادها محدودة وحتى أمام الآلاف -ففي كثير من الحفلات غنيت أمام جمهور قوامه أكثر من 60 ألف شخص- ومع كل ذلك فإن ذلك يأخذني إلى البدايات عندما كنت أغني في النوادي.
وللإجابة عن تساؤل حول بيع أحد ألبوماته لأكثر من 250 مليون نسخة قال: كان ذلك في العام 2013 وهو ألبومي رقم مئة، وقد طرحته بعنوان "كتاب أغاني الروك المذهل" ولم أكن أتوقع له أن ينجح لهذا الحد. وأرجع ريتشارد هذا النجاح إلى الحظ قائلاً: لا تنسَ الحظ في ذلك، فالحظ يلعب دوراً كبيراً.. فإذا كنت محظوظاً فإن الأمور والنجاح سيكونان أسرع مما تتصور أو تتوقع.
غير أنه أكّد على ضرورة الجد والاجتهاد والتعب والعمل على تطوير الذات وقال بأنه شخصياً طوَّر من ذاته كثيراً ودرس الموسيقى في السبعينيات كما عمل على التدريب كثيراً.
أغنية غيّرت حياته
أما عن الأغنية التي غيّرت مسار حياته بالغناء وأخذته إلى نقلة كبرى في هذا العالم فقال: "هي أغنية (تحرك) وقد طرحتها في العام 1958، وقد جاءت حينما التقيت مع صحفي من أمريكا وتحدّثنا حول الموسيقى ورأيت أن هناك اختلافاً وتغيُّراً كبيراً في هذا اللون من الغناء -أي (البوب)- بين أمريكا وبريطانيا في ذلك الوقت وأردت أن أمزج بين الاثنين، وبعد أن طرحتها حصلت على الأغنية الأفضل مبيعاً وأصبحت من أفضل 30 موسيقياً بريطانياً في ذلك الوقت، كما وُصِفت بعد ذلك بأنها أول أغنية روك آند رول واقعية في بريطانيا". كما كتب بعدها بعشر سنوات أحد العمالقة "جون لينون" قائلاً بأنه قبل كليف لم يكن هناك شيء من الموسيقى البريطانية يستحق الإنصات إليه.
"الفارس" -وهو الوسام واللقب الذي حصل عليه في العام 1995 من الملكة إليزابيث الثانية تقديراً لإسهاماته المميّزة في عالم موسيقى البوب- وقال بأن التكريم والحصول على الوسام كانت أسعد وأهم اللحظات التاريخية في حياته، ولا يتأتى هذا من كونه تكريماً فقط وإنما نوع التكريم في حد ذاته، وأن يكون استلام الجائزة من الملكة فهذه لحظة لم يكن يحلم بها أبداً، يقول: "اعتدنا قبل ذلك أن هذا اللقب وهذا التقدير يُعطى لرجال السياسة والفنانون العظماء ولم يكن يُعطى لأغاني البوب، وهذا تقدير عظيم لأنني أول مغني بوب يحظى بهذا اللقب وهذا التكريم".
غير أنه أشار إلى أن هذا التكريم أيضاً ربما حصل عليه لأنه بجانب تميّزه في عالم الغناء وموسيقى البوب فقد توجه للعمل الخيري كثيراً، ورأى أن هذا واجب عليه وعلى كل فنان لأنه رسالة وقدوة ومثل للآخرين.
وعن ألفيس بريسلي قال: "هو يمثّل العصر الذهبي للروك وهو الشخص الذي أعطى للروك الشكل، ومن الأشياء العظيمة التي أعتز بها أن الناس بعد ذلك أصبحوا يقرنون اسمي باسمه، وكثيراً ما كنت أذهب إلى مكان ما لأجد مَن تقول لي: (أنا أحبك وأختي تحب الفيس بريسلي). وأنا شخصياً تعلمت منه، لذا أقول إنه لو لم يكن هناك الفيس بريسلي لم أكن أنا، فهو الأساس في غناء الروك".
أما عن شعوره بعد تلك الرحلة الطويلة التي تمتد لقرابة ستة عقود فقال مازحاً: "أشعر الآن بأنني أصبحت أكبر سناً وأكثر عقلانية وأن الأمور بالنسبة لي أصبحت أسهل".
مَن هو؟
جديرٌ بالذكر أن كليف ريتشارد وهو واحد من أشهر مطربي القرن العشرين في بريطانيا، اسمه الحقيقي هاري ويب. ولِد في 14 أكتوبر 1940 في الهند من أب إنجليزي. كان يُلقب في بداياته بأمير الروك أو ألفيس البريطاني. بدأت شهرته في أواخر خمسينيات القرن الفائت، وتعتبر فترة الستينيات هي فترته الذهبية مع فرقته الموسيقية "ذو سأزور". والمعروف أن شعبيته في بريطانيا وأوروبا وآسيا تُقارن بشعبية ملك الروك ألفيس بريسلي وفرقة البيتلز باستثناء الولايات المتحدة.
ومن المعروف أيضاً أن فنانين بريطانيين عدة تأثروا بفنه وأسلوبه الغنائي ممن ظهروا بعده في فترة السبعينيات أمثال: دافيد بوي والتون جون واريك كلابتون وليو ساير. وفي العام 1995 كرَّمته الملكة إليزابيث الثانية بلقب الفارس وأصبح معروفاً بلقب بيتر بان البوب أو سير كليف.