التأمين الصحي ضرورة تفتقد الوعي

مؤشر الأحد ٠٨/أكتوبر/٢٠١٧ ٠٢:٢٥ ص
التأمين الصحي 

ضرورة تفتقد الوعي

مسقط - محمد سليمان

تتجه السلطنة إلى تطبيق قرار التأمين الصحي الإلزامي للقطاع الخاص، ليبدأ بشكل تدريجي مع الوافدين ثم العمانيين، بعد أن أثبتت دراسات متخصصة حاجة السوق لتبني ذلك النهج، إذ سيكون وسيلة للتمويل الصحي.

لكن ما هي مزايا التأمين الصحي التي يمكن الاستفادة منها؟ وهل هناك منتجات تأمينية أخرى يمكن أن يستفيد منها المؤمِّن غير التأمين الصحي وتأمين المركبات الأشهر بين المنتجات التأمينية؟
«الشبيبة» تستطلع آراء الخبراء الذين أكدوا وجود عشرات المزايا التي يمكن أن يحصل عليها المؤمِّن مقابل حمله وثائق التأمين المختلفة، لكنهم يضيفون أن قلة الوعي بأهمية تلك المزايا تشكِّل سبباً في الإحجام عنها.
يقبل الكثير من المواطنين على تأمين المركبات لاعتباره تأميناً إلزامياً تفرضه القوانين، لكن في الحقيقة هناك الكثير من المنتجات التأمينية الأخرى مثل التأمين على الحياة، وتأمين المنازل، وتأمين المسؤولية وغيرها من المنتجات تقدم مزايا يمكنها أن تكون مساعداً للشخص المُؤمِّن في أوقات الطوارئ والمفاجآت غير المتوقعة مثل الخسائر المالية والسرقات والكوارث الطبيعية، ومع الإعلان عن تطبيق قرار إلزامية التأمين الصحي مع بداية العام المقبل تبقى الكثير من التساؤلات حول أسباب إحجام المواطنين والمقيمين عن بقية المنتجات التأمينية الأخرى.

شَرطية الإلزام

مدير دائرة تنظيم مؤسسات التأمين بالهيئة العامة لسوق المال راشد بن محمد الراشدي قال: «إن مؤشرات قطاع التأمين في كل عام توضح أن تأمين المركبات والتأمين الصحي يمثلان الحصة الأكبر من إجمالي المحفظة التأمينية، مع وجود تمثيل متباين لبقية المنتجات التأمينية الأخرى، فحسب بيانات القطاع المدققة للعام 2016 نجد أن تأمين المركبات نسبته 35% والتأمين الصحي نسبته 26%، فيما يمثل التأمين الهندسي 15% وهو منتج مرتبط بتأمين عقود المقاولين وتركيب الآلات والمعدات المستخدمة في المشاريع، وتتوزع النسبة المتبقية على المنتجات الأخرى، وهو ما يجعلنا بالفعل نتساءل هل اقتصر النشاط الفردي والمؤسساتي على هذه النوعية من المنتجات؟ بالتأكيد لا فهناك أنشطة عديدة وحراك اجتماعي واقتصادي داخل المجتمع يلزمه توفير تغطية تأمينية لضمان استمراريته دون أن يتأثر بأي خطر محتمل.
وهناك حاجة إلى تغيير مستوى النظرة إلى التأمين وإدراك أنها خدمة تقوم على فلسفة تكافلية تحمي الفرد والمؤسسة الواحدة داخل المحيطة أو المجتمع، وأنها وسيلة تحفظ الثروة وتوفر الراحة والاطمئنان عند ممارسة أي نشاط الأمر الذي سيعكس أداء أفضل وإنتاجية أعلى، فإذا استطعنا ترسيخ هذه الثقافة والتأكيد على الفلسفة التأمينية سنستطيع توسيع مستوى الإقبال على المنتجات الأخرى، والتي عادة ما تكون اختيارية، وعدم الاكتفاء بالمنتجات التأمينية الإلزامية».
وفي إشارة حول فكرة إلزام الجمهور باقتناء منتج معين على غرار تأمين المركبات، أوضح أن التوجه نحو إلزام الجمهور بمنتج معين له مسوغات، أهمها: حماية الحق العام، وكذلك حماية الطرف الثالث، أما الأنشطة ذات الطابع والملكية الخاصة والمسافة فيها بين وقوع أي تأثير لخطر معين على الممتلكات العامة أو أي طرف ثالث بعيدة جداً، فإنه لا يمكن إجبار أي طرف على اقتناء منتج معين، نحن يجب أن نتعامل مع الثقافة والتوجيه والإرشاد لا سيما أننا نتعامل مع مجتمع يتمتع بمستوى وعي وإدراك عالٍ.
وأضاف الراشدي: «نعوِّل أيضاً على شركات التأمين لتفعيل أنشطتها التسويقية، للتعريف بطبيعة المنتجات التأمينية المتاحة لكل شركة، وتوضيح محتوى كل وثيقة تأمينية من حدود التغطية والتكلفة، فلو تناولنا مثالاً عن أحد المنتجات التأمينية كتأمين المنازل والذي يعدُّ حاجة ضرورية وليست ترفاً في ظل ما نسمع ونشاهد عن حالات احتراق المنازل المتكررة، وقد تكون القناعة بأهمية تأمينها متوافرة من المواطنين والمقيمين، ولكن قد يكون هناك تصور راسخ لديهم بأن التكلفة ستكون مرتفعة وأن هذا عبء مالي إضافي ضمن قائمة مصروفات الأسرة الأمر الذي يولد العزوف وإهمال الإقدام على توفير التغطية التأمينية للمنزل. ولذلك يجب أن تلعب الشركات دوراً كبيراً في توضيح الصورة والتعريف بكل منتج، مع العلم بأن خدمة تأمين المنزل تعدُّ زهيدة، وكلما زاد عدد المؤمِّنين على النوع الواحد من المنتجات انخفضت التكلفة.
ولعل واحداً من الأسباب التي أتصور أنها ما تزال تحد من توسع الجمهور في الإقبال على المنتجات التأمينية الاختيارية والاكتفاء بالمنتجات الإلزامية هو التحفظ حول منتجات التأمين التقليدية التي كانت تسود السوق، والذي يفترض أن نكون قد تجاوزناها مع وجود شركتين توفران خدمة التأمين التكافلي الذي يمارس نشاطه وفق معايير ومتطلبات هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (أيوفي)، وللشركتين أفرع ووكلاء وسماسرة على ولايات ومحافظات السلطنة، والتأمين التكافلي يوفر منتجات تأمينية كثيرة تضبطها قواعد وأحكام شرعية، وبالتالي أصبح سوق التأمين العماني مفتوحاً ويوفر خدمات التأمين للجميع، كل حسب احتياجاته والمبادئ التي يؤمن بها».

التأمين التكافلي

ووفقاً لما ذكره الراشدي فإن بعض الجمهور بالفعل يرى أن هناك خلافاً من الناحية الشرعية حول التأمين، مما يعد أحد أسباب العزوف عن التأمين، لكن جاءت شركات التأمين التكافلي والتي تقدم خدمات تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية لتفتح آفاقاً جديدة، وتوسعت في أعمالها خلال العامين الفائتين، وفي هذا الإطار يقول القائم بإعمال الرئيس التنفيذي لشركة المدينة للتأمين التكافلي أسامة البرواني: «هناك إشكالية كبيرة حول ثقافة التأمين، ليس فقط في سلطنة عُمان، وإنما في المنطقة العربية دون استثناء. ويجب بذل جهود أكبر بالتعاون بين الهيئة العامة لسوق المال وشركات التأمين لتحقيق نتائج أفضل».
واستعرض القائم بأعمال الرئيس التنفيذي مزايا المنتجات التأمين قائلاً: «خدمات التأمين التي يمكن أن يستفيد منها المؤمِّن نحو 10 منتجات تأمينية، فهناك تأمين العقارات والتجارة ويخدم هذا النوع تعويضاً مادياً في حال الأضرار الناجمة عن الحرائق، والصواعق، والانفجارات، وأضرار الطائرات، والكوارث الطبيعية، كالفيضانات، والعواصف، والهزات الأرضية، وتسرب المياه من الخزانات، أو الأنابيب، أو الأجهزة. وهناك تأمين الهندسة والإنشاء والذي يغطي المخاطر المتعددة التي يتعرض لها مقاولو الإنشاءات وعمَّال البناء خلال مشاريع التعمير، ويمكن توسيع التغطية لتشمل العديد من أنواع التغطية المضافة لتشمل تأمين «المقاول ضد كل الأخطار» (CAR) من الأضرار التي تقع على عمليات الإنشاء سواءً موقع الإنشاء أوالمعدات، وملكية الغير، والأبنية المحيطة، ويمكن توسعتها أيضاً لتضمن فترة الصيانة بالإضافة إلى المدة.
كما تؤمِّن وثيقة تأمين المصنع والآلات على آلات ومصــنع المقـاول إزاء الأضرار أو التخريب ضمن مـوقع البــناء.
وتغطي أيضاً وثيقة التأمين ضد الأضرار أو الخسائر التي تصيب الآلات والناتجة عن عيوب الصب والمواد، والتصميم الخاطئ، وسوء التصنيع، وضعف المهارة، والإهمال، ونقص مياه الغلايات، والانفجار، والتماس الكهربائي، أو العاصفة. ويمكن أن توسَّع التغطية لتشمل أي خسائر في الدخل ناجمة عن العمل بسبب أعطال الآلات».

التأمين التقليدي

بدوره يقول مساعد المدير العام لتطوير الأعمال بالشركة الوطنية للتأمين على الحياة والعام بدر بن سالم المرزوقي: «تصدر نسبة التأمين على المركبات النسبة الأكبر خلال السنوات الأخيرة من بين منتجات الأخرى يعود سببه الرئيسي إلى كونه تأميناً إجبارياً يضطر الجميع أن يحمل وثائقه، لكن لو نظرنا إلى الجانب الآخر فإن قطاع التأمين الصحي يشهد تطوراً متسارعاً والسبب في ذلك أن منتجات التأمين تنمو وفق حاجة الناس لها».
وأضاف: «ولا شك أن بقية منتجات التأمين الأخرى مثل التأمين على الحياة وتأمين المنازل، وتأمين عاملات المنازل، والحوادث الشخصية، كلها بالفعل تخدم المستفيد، ويمكنها أن تكون الداعم له في وقت الأزمات عندما يتعرض لأي طارئ. ولابد للمستفيد أن يدرك قيمة هذا الأمر، وعلينا أن نعترف أن هناك تقصيراً من شركات التأمين للترويج لمثل هذه البرامج.
أما عن الخدمات التي يمكن أن يستفيد منها المؤمِّن فأبرزها: التأمين على الحياة وهو يكون في حالات الوفاة أو إصابات العجز الكلي أو الجزئي، فكل منا معرض لا قدَّر الله للإصابة بحوادث أو صابات، وهنا يأتي دور التأمين في مساعدة الشخص المصاب، وهناك تأمين المنازل وهو أحد المنتجات التأمينية المهمة التي تغيب عن الكثير، فهناك مئات الأشخاص يبنون منازل تأخذ كل مدخراتهم الاقتصادية، أليس من المهم الحفاظ على ذلك الكيان؟ وتوفير الضمانات التي يمكن أن تعوِّض الشخص في حالة تعرض المنزل لأي عوامل ساهمت في تعرضه للتخريب؟ إن تأمين المنازل يوفر كل تلك المزايا.
وهناك حزمة أخرى من أنواع التأمين مثل التأمين الطبي والتأمين الطبي الفردي، وتأمين العمال، والتأمين العام، وتأمين أسطول السيارات، وتأمين الحرائق، والتأمين الهندسي وتأمين أسطول السيارات، وجميعها منتجات تأمينية تقدم مزايا للمؤمن في حال تعرضه لأي حادث طارئ أو مشكلة صادفته قد يشعر بالعجز حيالها دون وجود تأمين».

آراء الجمهور

لم تختلف آراء الجمهور كثيراً فيما بينها، فرأت أن على شركات التأمين أن تبذل جهوداً أكبر في الوصول إلى الشرائح المختلفة في المجتمع بمختلف الأماكن، وذلك عبر أدوار منظمة وخطط استراتيجية طويلة المدى، بحيث تحقق نتائج في السنوات المقبلة، ويقول أحمد بن ناصر البوسعيدي: «هناك الكثير من الجمهور بالفعل ليس لديهم أية معلومات أو تفاصيل عن أنواع التأمين الأخرى، وهنا تقع المسؤولية على شركات التأمين نفسها والتي ينبغي عليها أن تقوم بحملات إعلامية ضخمة تستهدف فيها الوصول إلى الشرائح المختلفة من المجتمع، حتى تصل الفكرة إلى الجميع.
وفي كل الأحوال إن الشركات عليها أن تقود زمام المبادرة وتبدأ بتوعية المواطنين عن طريق دورات وحلقات توعوية مجانية حول أنواع التأمين وأهميته، ثم يلي ذلك تقديم العروض الترويجية».
ويقول جاسم بن عبدالله البلوشي: «هناك أكثر من عامل وراء عزوف المواطنين عن دخول الاشتراك ببقية أنواع التأمين الأخرى منها الأوضاع الاقتصادية، وغلاء أسعار التأمين، وتقصير شركات التأمين، فالمواطن لا يعرف من الأساس معنى التأمين على الحياة وفوائده وأهميته، ولا يعرف معنى التأمين على الممتلكات ودائماً ما يعتقد أن الطوارئ لن تأتي، وفي النهاية يصرف النظر عن هذه المنتجات التأمينية».
وتقول حميدة البلوشي: «ليست لدي أية خلفية عن أنواع التأمين، ولم أسمع بأنواع أخرى غير التأمين على المركبات والتأمين على الحياة، وربما تكون هناك أنواع أخرى من التأمين ذات أهمية كبيرة لكنني بالفعل لا أعلم أية تفاصيل تدفعني للاهتمام بتوجيه ميزانيات للتأمين على أشياء مجهولة».