نحو «أيلتس» للغة العربية

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠١/أكتوبر/٢٠١٧ ٠٤:٠٥ ص
نحو «أيلتس» للغة العربية

علي بن راشد المطاعني

أحد الزملاء اقترح عبر تغريدة له في تويتر أنه وفي سبيل الارتقاء بمستوى اللغة العربية المتدهور، لابد من الاحتكام لامتحان أو اختبار لدخول الجامعات العربية شبيه باختبار (ايلتس) الذي تفرضه الجامعات الغربية لدخولها، أو كامتحان (التوفل) بالنسبة للجامعات الأمريكية، ويرى أنه أحد الحلول الهادفة للنهوض بلغة القرآن ولغة أهل الجنة، ويدفع المجتمعات العربية وشعوبها إلى إتقانها وترسيخها في الأجيال الناشئة وإجادتها. خطوة كهذه، نراها سانحة طيبة من المناسب أن تتبناها جامعة الدول العربية ومن ثم تعممها على الجامعات العربية للالتزام بها، على أن تشرف جامعة العرب على الامتحان في كل مراحله من خلال مراكز لها في أقطار الوطن العربي.

إن الاهتمام باللغة العربية وتأكيد حضورها وترسيخها في الأجيال العربية أضحى قضية العصر في ظل التهميش الذي تلاقيه في كل مؤسساتنا وجامعاتنا وكلياتنا، وقد حلت اللغة الإنجليزية مكانها بل أبعدتها من كل المنابر الأكاديمية والسياسية فضلا عن حضورها الباهت في كل التقنيات الإلكترونية الحديثة.

وعليه فإن اعتماد امتحان قومي موحد كشرط لدخول الجامعات والكليات العربية من شأنه أن يلزم ملايين ا‏لطلاب العرب بإتقانها في مراحل التعليم العام وسيتعاظم اهتمام أولياء الأمور بتعليم أبنائهم لأبجدياتها في سن مبكرة باعتبارها ستحدد مستقبلهم العلمي والعملي، وبذلك وتلقائيا يزداد اهتمام الشعوب العربية بها فصاحة وقراءة وتعبيرا، وتلقائيا كذلك سيتعاظم استيعاب أجيالنا الجديدة للأدب العربي على مر العصور، بعد أن أيقنا أن الصلة بين كنوزنا التاريخية الأدبية وبين أجيالنا الجديدة ضحلة المستوى لغويا. والعودة لهذه الكنوز لا يتأتى إلا من خلال اعتماد اختبار لتحديد المستويات لدخول الجامعات العربية.
كما أن تعلم العربية من شأنه أيضا أن يدفع إلى تعلم وحفظ وفهم القرآن الكريم، وبذلك تجد الشعوب العربية نفسها وقد اقتربت رويدا رويدا من كتاب الله وصولا لشواطئ التقوى والإيمان.
إن الاهتمام باللغة العربية إن لم يقترن بمثل هذه الشروط والالتزامات فإن البلاغة مع مرور الوقت سوف تندثر، وستنقرض الفصاحة، ويضيع البيان من الألسن، لتحل محلها الركاكة واللهجات الدارجة التي لن توحد العرب على كلمة سواء، وذلك هو الخسران المبين.
كل هذا الغث السائد الآن نحسبه تهديدا مباشرا للغة القرآن الكريم، وبالتالي فإن مسؤوليتنا الأخلاقية والعقائدية والإيمانية والإسلامية تلزمنا بالاحتكام لهذا المقترح الرصين الذي يبدو أنه لا مفر منه.
نحن لا ندعو هنا إلى عدم تعلم اللغات الأخرى لأننا نؤمن بحقيقة أن من تعلم لغة قوم أمن شرهم، فهذا مبدأ أولي، ونضيف إليه أن التواصل الحضاري والإنساني في عالم اليوم يحضنا على تعلم أكبر قدر ممكن من اللغات، ولكن بعد أن نتقن ونجيد لغتنا الأم أولا، ولو فعلنا ذلك لكنا خير معلم للشعوب الأخرى لتعلم لغتنا، ومن ثم يغدو في إمكاننا شرح الدين الإسلامي لكل راغب في التعرف عليه من شعوب كوكب الأرض.
نأمل أن تستجيب جامعتنا العربية لهذا المقترح، ففي ذلك مغانم كثيرة سنحصل عليها أو ستحصل عليها أمتنا العربية، أولاها مرضاة الله عز وجل، وهل هناك مغانم أكثر بركة من ذلك؟